الفصل السابِع مِنْ رِوُاية :" صهيِّل الجياد".
***
نهض الجميع مما تفوهت بهِ بلقيس، لقد جُنت!، ولكنها لم تهتم لهم، بل إقتربت تحتضنْ زين، صُدم ممافعلت، ولكن حين رأى رجُل ضخم البينة يقترب بـ عصى غليظة ضخمة مِثلهُ، أمسك بها وجعلها تقف خلفهُ، ليقُول ذاك الشخص بغضبَ:
- أنت أكيد زين الجياد!.
ليِشُعر بتُوتر شديد من الملامح المُقتضبة، ليومُأ ليقُول وهُو يمسك بِتلابيب ملابِس زين بقوة وعُنف:
- كُنا مستنينكَ بقالنا كتير.
وكاد أن يرفع عصاه على زين، إلا أن صوت ضخم أوقفهُ عن ذلك، كان رَجُل ضخم ولكن الشيب غز شعرهُ ولحيتهُ، كان والد بِلقيس الحج زياد الكمال، أمسك بابنتهُ وجعلها تقف بعيدًا عنهم. ليقُول زياد بإبتسامة ودودة:
- مرحب بيكَ يابن البشوات!. أنتَ بقى اللي بنتي بتحبك؟!
أتسعت مُقلتيهِ بشدة مما تفوهَ بهِ، هل قالت بلقيس للجميع بأنها تحبهُ، ما تلكَ الورطة؟، إبتلع زين لعابهُ بضيقٍ وتوتر:
- أيون أنا، بَس أنا ..
- تتجُوزها؟!
شعر بأنهُ وقع بمِصُيبة، إلا أن صُوت ذلك الضخم أخيها الزاجر جعلهُ يركز حواسهُ على أحاديثُهـم المُتشعبة:
-" إيـه اللي أنت بتقولهُ ده ياأبويا؟، بلقيس هتتجُوز ابن عمها عيد.ولا أنت لازم تحرج أخُوكَ .
لكن ملامح الرجُل اللينة لم تتغير، بل نظَر إلى زين قائلاً:
- هتتجُوز بنتي ولا نجُوزها لـ بن عمها؟!
نـظـر إلى بلقيس الباكية والتي تترجاه، لاحظ كدمات في وجهها، يبدُو بأن هُناك شيءِ حدث وجعلهـم يضربونها بشدة، أومـأ لوالدها قائِلاً:
- مُوافق أتجُوزها ياعمي!.
ليستمـع لطلقات من البنادِق شعر وكأنهُ سيسقط من شدة الخُوف، وحين لاحظتهُ قلقهُ إبتسمت في شيء من السعادة، ولكنهُ أقترب من والدها قائِلاً:
- مُمكن أتكلم معها الأول؟
- طبعًا.
أمسك بمعصمها وجعلها تسير معهُ إلى مكان هاديءِ، لينظُر إلى ملامحها الباهتة وتلك الكدمات البنفسجية التي تملأ وجهها، قال وهُو ينظُر إليها بشفقة:
- هُو أبوكِ اللي عمل فيكِ كده؟
- لأ يا زين، أخُويا إبراهيم. بعد ما مشيت من هِنا، عيد فضل يقُول كلام وحش عني وعنك، وأخُويا خدها وسيلة يضربني ويجبرني على جُوازي من عيد، وأبويا عالم باللي في قلبي، آسفة لو حطيتك..
قاطعـها بإبتسامة: أنا متجُوزتش سديم يا بلقيس، ورجعت علشانك. أنا مُوافق على الجُواز بَسِ أنا لسه محبتكِيش. أنا معرفكيِش.
لتتحدث بحماس:
- فُرصة جوزانا تخلينا نعرف بعِضنا أكتر، ومتقلقشِ أنا بنت حلال برضُوا.
إبتسـم من كلماتها، ليقترب والد بلقيس منهُم قائِلاً :
- يلا يابني، المأذون هيخلل مِنِّا.
ذهب مع والد بلقيس إلى الخارج أما هي ظلت بالداخل تنظُر إليهم من بعيد أثناءَ عقد القرآن، وهذهِ المرة لم يسأل المأذون عن قُبول أو رفض بلقيس، فـ ملامحها التي تغيرت حين ألتقت بعيني زين فضحت حُبها لهُ.
إنتهى المأذُون، وصافح رجِال العائِلة جميعها زين بِكُل حُبورِ، كانت عائِلة ودودة عكِس أخُو بلقيس وابن عمها الذي كان الشِر يضمر بين عينيهِ، لم يعلم زين ماذا سيفعل بعد ذلك، إلا ان الحج زياد فض الجمع كلهُ، وبقى أهل بيتهُ بداخلهُ، ليجد امرأة متوسطة الطُول بشوشة الوجههِ، ذات بسمة وديعـة، تمسك بذراعهُ وتجرهُ خلفها قائِلة:
- أنا بقى حماتك، هند، بلقيس في أوُضتها .. تعالى ورايا .
لم يستطيع كتم ضحكاتهُ، فهى تجرهُ خلفها دُون أن تأخُذ برأيهُ، لتجعـلهُ يقف أمام الغرفة قائِلة وهي تُربت على كتفهُ:
- أتفضل يابني أدُخل لـ عروستك!.
بني! كلمة ذكرتهُ بـ والدتهُ، وبما فعلتهُ، لتهـدأ ملامحهُ ويفتح البابِ بهدوءِ، ليرى بِلقيس جالسة تفترش الفراشِ بِفُستانها الأبِيض، ليقتربِ منها بحرج وتُوتر، ليتبتسـم لهُ حين صادفتهُ امامها، قال وهُو يجاورها:
- مُمكن أكلم والدي؟
- طبعًا، وأبقى سلملي على حُور هانم.
تنهـد قليلاً وقد طغت ملامح الحُزن والشِرُود عليهِ، هُو يشتاق لوالدتهُ كثيرًا حتى وإن غاب عنها أيامًا وحزن منها لازال يشتاقها، مازالت ذكرى بُكائها تجعلهُ يشعر بعدم راحة بِقلبهُ، لينظُر لـ بلقيس ويُقص لها عما حدث في منزلهُ، ولماذا عاد.
لتضع كفها على كَتفهُ تُربت عليه بحنانٍ قائِلة:
- زعلان من والدتك؟ ولا زعلان على نفسك؟
لتُكمـل:
- هند متبقاش أمُي يا زين، هند تبقى مرات أبُويا، أمُي ماتت من وقت طُويل يخليني أقولك إني نفسي لو أرجع بالزمن وأنام في حُضنها لوقت طويل، ومهما جت غيرها مفيش مكان هيعوضها، كلميها يازين، وأعتذرلها، حتى لو كانت هي الغلطانة، متعرفش أمتى الموت هيجي!
تفهمها وشعر أنها على حق، هُو لا يستطيع أن يستغنى عن وجودها في حياتهُ، حتى وإن خطأت بحـق سديم، يجب عليه أن يعلم بانها فعلت ذلك بدافع حُبها الشديد لهُ، وفُور أن أتصل بها فتحت الهاتف تقول بحُزن بالغ:
- أنا أسفة يازين، أنا آسفة اني وجعت أنت..
- قاطعـهـا بضحكاتٍ هادئِة، لتردِف بتعجُب:
- أنت بتضحك؟ يعني مش زعلان منى؟
- هُو بابا جمبك.
نظـرت حُور إلى صُهيب الجالس يقرأ كِتاب ما، لتهتـف له بـ نعم، ليطلُب منها أن تفتح الصوت العالي ليستمعا لما سيقُولهُ، ليقُول صهيب بإستغراب:
- مش من عُوايدك تبقى عايز تكلمنى يازين سوا إلا لو في مُصيبة؟!
- بُص هي مُصيبة، بِس مُصيبة حِلوة!
قالت حُور بقلق: قُول يازين، قلقتني؟!
- أنا أتجـوزت!
ردا كلاً من حُور وصهيب: نــــــــــعـــــــــــــم!
أبعـد الهاتف من أذنيهِ بِشيءِ من الزُعر، لتضحك بلقيس كـ الطفلة على مظهرهُ، ليفتح هُو أيضًا الهاتف على الصوت العالي ويتحدث:
- أنا أتجُوزت بلقيس . عارف أنكم مشِ..
قاطعتهُ حور: بلقيس زياد الكمال؟ وأنت عرفتها منين؟ أوعى تُكون روحت فُندق..
ليضحك زين بحرج: آه رُوحت فندق زهرة الربيع بتاع مالك وبابا. أنا عارف أن ده غلط، أني أتجوزت من وراكم. بس..
ليقُاطعـهُ صهيب تلك المرة: واللهِ يازين، أنا أتفاجأت بس، مدام ياسيدي بلقيس هانم فأحنا معندناش مانـع!
لينظُر إلى بلقيس بإستغراب، فـ والديهِ ليسوا متفهمين بتلك الدرجة، لتقُول حُور بإبتسامة خفيفة:
- مِش قُولتلك أنك هتتجُوز واحدة شبهي.
ليقترح صُهيب قائِلاً:
- مدام أنت في أجازة كده، سافر اسكندرية علشان الفرع الجديد، منها للشغل وللترفيهِ.
ليتحدث زين بتساءُل:
- طيب سُؤال بَس محدش عايز يسألني أنا أتجوزتها ليه؟
- لما ترجع ياحبيبي.
قالتها والدتهُ ثم ودعتهُ وأغلقت الهاتف، لينظُر زين بتعجُب إلى بلقيس قائِلاً:
- أنت عملتي فيهم إيه علشان يبقُوا كده؟
لتضحك من الخجـل، ولكن يديهِ التي مرت على وجهها سكنت ملامحها، كانت بلقيس جميلة بذالك الفُستان الأبيض، بشرتها السمراءَ الآخاذ التي تُشبهُ، وملامحها العربية الجميلة، فجأة وجدتهُ يضع رأسهُ على قدميها نائـماً ليقُول:
- يوم حافل بالمتاعِب.
إبتسمت لهُ، لتضع كفها على شعرهُ تُداعبهُ براحـة وهدُوء، لزالت لاتتصور بأنها أصبحت زِوجتهُ، زوجـة زين صُهيب الجياد. حتى وإن كانت تعلم بانهُ لازال لم يحُبها، ولازالت سديم بِقلبهُ، فـ بِكُل لحظَة تمر بينهُما، ستجعلهُ يقع بـغرامها .
وهذا وعد منها، وغدًا ملتقاها.
أنت تقرأ
صهَيِّل الجِيَّادِ.✅
Romance#براثن_الذئب٢ المُقدِمة ______ " بلا قاعدِة واحِدة تنُص لي بأن أحمِّلُ أسِمك أعلنتُ العِصيان حِينْ وعيتُ و وأدِركتُ بأنني كُنت سجِينة قصرك المِلعُونْ.. ولذلك تحررِتُ! ". " عيـناك سراً لازِلتُ أجهِّل فك شفرِتها أنتِ وإن كُنت قريبة مني أشتِاقُ إليك أ...