الفصل الثاني والعشرون. رواية صهيل الجياد.
***
" إني أعيش الغُربة في جنبات حُب لايكتمل أبدًا".أستمعت قُدس إلى صُوت طرقات على باب خافضة، أقتربت بهدُوء تفتحهُ متوقعة أن تكُون عشِق لا فريد، كان وجههُ شاحبًا متعباً، أرتمى بحضنها تستمع إلى نحيبهُ، شعرت بغصتها تؤلمهـا، لماذا دائمًا يأتي يبكي بحضنها؟
لماذا تشعر بقلبها ينشق إلى نصفين؟، أبتعد يظهر لها ورقة، وحين قرأتها، شعرت بالصدمة، بهت وجههـا تلقائيًا، ليقول وهُو ينظُر إليها بعينين باكيتين:
- ، أنا آسف.
شعر بإرتعاش جسدها بأكملهُ، وقلبها يأن على مظهرهُ، ظل يعتذر لها مرارًا وصوتهُ يكسرها أضعافًا، تعلم بأن الخطأ بالتأكيد كان صدفة، لتهتف قائِلة:
- أكيد في غلط
- هتف بألم:
- نتيجة DNA ظهرت أنهُ مش ابني، والدكتور طلب مني أعمل فحص تاني وطلعت نفسها..
ثُم تابع:
- حاسس بضياع، فرحت على الفاضي بعدت عنك، وخسرت أبني اللي لحمي ودمي وسيبته يموت .. أنا أسف، آسف ياقدس.
بكى بحضنها، وهُو يخبرها عن كل شيءِ، وأخبرها عن ألم غربتهُ عنها، وأنهُ لم يستطع أن يحب جيلان، بل لأن الطفل كان يربطهُ بها، والآن هُو يعلم بأنه لاداعِي لوجودهُ معها ولاحتى مع ذلك الرابط المُزيف..
- الطفل ملهوش ذنب يا فريد.
هتف بسخط وقد تغلبت عليه عاطفته:
- لأ، ليه، أنا حياتي أدمرت بسببه، بسبب أمهُ!! هفلس وشركتي هتدمر بسببها وكل اللي أنا فيه علشان أفتكرت أنهُ أبني!
ضمت كفيهِ لصدرها تقول بشفقة:
- فعلاً جيلان غلطت، بس الطفل يافريد، لأ، أرجُوك متعملش حاجة تخليهِ يكرهك، أنتَ حبيتهُ وربيتهُ كأنهُ أبنك..
- لأني أفتكرت أنه ابني..
كلماتهُ جعلتها تشهق باكية، ليتابع بألم:
- أفتكرت أني خلاص بقيت أب، أهتميت به وقت لما كانت بتهملهُ، أنا اللي كنت محتاجهُ وأفتكرت وجودهُ هُو اللي هيفرق ويغير حياتي، أنا تعبان ياقدس، مش قادر أشوف أحلامي كلها تتدمر وأقف ساكت..
- ربنا هيحل كل الأمور دي يافريد، أرجُوك أهدي علشان التعب ده مش هيفيدك، لازم تفكر أزاي تهد المعبد على دماغها هيَّ، وإن شاء الله حقك هيرجعلك ..
- وأنتِ هترجعيلي؟
نظرت لهُ بهدُوء، لتبتسم قائِلة:
- أنا طُول عمري كنت ليك، بس أنت اللي أديتني ضهرك.
أمسك كفها قائِلاً وهُو ينظُر إلى عينيها:
- كُنت غبي ياقدس .. مكنتش قادر أحدد أي رد فعل مناسب.
ربتت على ظهرهُ قائِلاً:
- لما تخلص الأمور دي كلها، هنشوف أمورنا يافريد.***
أنتهت الصفقة بنجاح، ومن تبقى في الشركة لوجين وعدنان وأثنين من الزُملاء، حضَّرت لوجين القهوة للجميع، وغادر الأثنان إلى منازلهم، وتبقت لوجين مع عدنان بحجة العمل الزائد،بالرغم من أنها لاتملك أي عمل، ولكنها أرادت الجلوس مع عدنان قليلاً ..
كانت تُراقبهُ يعمل بهدُوء وجديَّة، شعرت بنبضات قلبها المُتسارعةـ، لتهتف لنفسها بِسُخرية:
- وقعت في حُب حد، مُستحيل يبصلي!
نهضت وقررت الجلوس معهُ بمكتبهُ، وحين لاحظ قدومها، أغلق شاشة الحاسوب ينظر إليها بإستفهام:
- هتمشي؟
هـزت رأسهـا نافية، لتقول بعد أن جلست أمامهُ:
- مش بتفكر ترجع حياتك من تاني؟
قطب حاجبيه يتساءل:
- مش فاهم قصدك؟
- يعني ،تعيشها زي زمان، أنتَ علطول غامس نفسك في الشغل، لدرجة أنك نسيت نفسك خالص ياعدنان، دقنك نسيت تحلقها، أهتمامك بنفسك قلَّ..
فهـم مُغزى حديثها، ولم يعجبهُ كلامها، بل شعرت من ملامحهُ بأنهُ غاضب..
لتقول لتلين الوضع:
- الدُنيا مش بتقف على حد..
ليتحدث برسمية:
- بالنسبالي ياآنسة لوجين بتقف على حد، وأنا مش محتاج أرجع لحياتي القديمة، علشان أنا حابب نفسي كده.
- حابب نفسك كده؟ أنتَ مصدق نفسك بجد، حابب أزاي حياتك، أزاي مرتاح وأنتَ مش قادر تعيش حياتك، مش بتخرج مع حد، تعاملاتك مع الناس قليلة وأوقـات حادة زي طريقة كلامك معايا كده.
تحدثت بتهكم:
- دي حاجة تُخصني، وأنا اللي أقرر أمتى هتغير.
- وهتقرر أمتى، بعد ماتلاقي نفسك في الأربعين، ومحدش جمبك، بعد ماتلاقي نفسك خسرت حياتك كلها علشان أنتَ شايل ذنب مش ذنبك!!
غضب وهذا ماتوقعتهُ، وجدتهُ يقبض على ورقة حتى أسقطها أرضًا ليصيح بها:
- أنا حر.. حُر في حياتي، أعمل فيها اللي أنا عايزهُ، ليه بقى لأن دي حياتي أنا، ملكيش حق ولو كان أنك تقوليلي ايه اللي بعملهُ، وليه بتتكلمي معايا بالطريقة دي وكأنك ..
أكملت بدلاً عنهُ:
- معجبة بكَ؟ أنا حبيتك ياعدنان، عارفة أنك هتشوفني زيهم!
- فعلاً.. بل أنتِ أسوء منهم، عارفة أني حذرتك و..
هتفت بإستهزاء على حبها لهُ لتدمع عينيها:
- غصب عني، من أول مرة شوفتك فيها، وأنا بعاتب نفسي، بحاول أقول أزاي أحبك في يوم وليلة بس مش لاقية إجابة أبدًا ليك .. مش قادرة أني أتقبل أني زيهم، وأني حبيتك لشكلك، بس أنا أتوجع وأخاف أنك تسبني وتتهمني أتهام باطل، مُستحيل يبقى حُب علـشان ..
- قاطعها وهُو يلملم أشياءهُ:
- لو سمحتي مش عايز أسمع منك حرف تاني..
وغـادرِ مكتبهُ ثُم الشركة، وظلت وحيدة تبكي بصمت، في الركُن الهاديء البعيد، أضحت خائنة بعينيهِ .. ولكن الحق بأن قلبها من خان العهد، من لم يستطع أن يمحيهِ من نفسها وتأثيرهُ عليها.. ولاتعلم هل ستراه مرة آخُرى أم سيترك العمل هنا!
أنت تقرأ
صهَيِّل الجِيَّادِ.✅
Romantizm#براثن_الذئب٢ المُقدِمة ______ " بلا قاعدِة واحِدة تنُص لي بأن أحمِّلُ أسِمك أعلنتُ العِصيان حِينْ وعيتُ و وأدِركتُ بأنني كُنت سجِينة قصرك المِلعُونْ.. ولذلك تحررِتُ! ". " عيـناك سراً لازِلتُ أجهِّل فك شفرِتها أنتِ وإن كُنت قريبة مني أشتِاقُ إليك أ...