وُهْمٍ

184 21 7
                                    

ذلكَ أَلفتى يَستحق أًن يَمضي أَحدهم كُل أَيامه
نَحوه وَ هو يَركُض مُحاولاً لَفت أَنتباهه
يَستحق أَن يَضحك وَ يشعُر أَن مِن حَوله تَم تَكريمُهم
يَستحق أَن يُقاتل مِن أَجله وَ أَن تُقامُ مَجزرة للفَوز به.

بَعد غَفوةٍ دامَت لدقائق
ليوقظَني صَوت أًلسائِق
_ياسَمينّ وَصلنا.
لأَفتَح عَينيَ وَ أُحدق بشاشَةِ هاتِفي
إِنها أًلخامِسةُ فَجراً
فَتحتُ أًلنافِذة مَددتُ رأَسي مِنها
لِتَتطاير خُصلآتِ شَعري
أًغمضتُ عَينيَ بِشدة
لأَسحَب كَمية مِن أَلهَواء تَكفي لِكتم أًنفاسي عِدةَ ثواني
_يا آلهي أَنهُ هَواءُ بَغداد يُمكُنني أًن أُميزهُ عَن غَيره.

وَصلنا وجهَتنا لأَنزل فيّ مَوقف أَلسيارات
قُمتُ بِطلب سيارةِ أُجرة
_أَلى أَين؟!
_أَلى ساحةِ أَلتَحرير.
أَخذتُ أُحدق أَلى أَلناس
حياتُهم توحي أَلى أَلرخاءِ وَ أَلسَكينة
عَكسُ تِلكَ أَلأَحداث أَلتي تَدور فيّ بلادِهم

تَرجلتُ مِن أَلسيارة بَـ؏ــد إِعطائي أَلأُجرة أَلى أًلسائق
أَخذتُ أَمشي فيّ شارِع حيفا أَلمؤدي أَلى أَلتَحرير
أَنظر فيّ كُل أًلأَرجاء
لأَرى كُل تِلكَ أَلحشود أَلمُطالبة بِحقها
لتِلكَ أَلشَجاعة فيّ عيونِهم
فَقد سَعوا بِعزائِم لَم تَهُن عَن تَحقيق أَهدافِها
وَ لَم يَضعَفوا فيّ أَخذ ألثأًر مِن أَعدائِهم وَ واتريهم
فَهُم قَومٌ يُقيمونَ أَلعَدل كَالميزان لآ خيانةَ فِيَه
فَـ هُم جَبابِرةُ زَمانِهم تَستجيبُ لِندائهم أَلدُنيا
فَـ تُصدقهم فيّ ما يَقولونَ وَ يَدعون
لآ يَبتدؤونَ ألآخرين بالأَذى وَ أَلعدوان
أَعمالُهم واضِحةٌ بَيضاء
وَ هتافاتُهم نارٌ وَ ظلام وَ قِتامٌ عَلى أًعدائِهم
لَقد ذَل أَولئكَ أَلخُصوم لِهتافاتِهم زَمنً طَويلاً
حَتى أَذا أًمكنتهُم أَلفُرصة أَضهروا حِقدهم وَ عداوَتهم
وَ تلكَ سِمة أَلجبانِ أَلغادر

فَـ هــذآ أَلشَعبُ ذو هِمم عالية
وَ إِقدام لآ يَقف أَلعَجز فيّ سَبيل تَحقيق أَهدافِهم
وَ لَو كانَ أَلمَوت مُعترضاً سَبيل تَحقيقها

إنّا لَقَوْمٌ أبَتْ أخلاقُنا شَرفًا
أن نَبتَدي بالأذى من ليسَ يؤذينا
بِيضٌ صَنائِعُنا سودٌ وقائِعُنا
خِضرٌ مَرابعُنا حُمرٌ مَواضِينا
«صفي الدين الحلي»

تَبحلقتّ عَيني عَجباً لرؤيتي تِلك أَلأَعداد أَلمُتواجدة
رُغم أَلقَمع رُغم أَلأَطلاقات أَلنارية
وَ أَلقَنابُل أَلمُسيلة للدُموع وَ أَلقناصات
مُستمرينَ فيّ أَلثبات لآ يَخافونَ شَيء
كَما قالَ دوستوفيسكي
"فَالجبان هوَ أَلذي يَخافُ وَ يَهرُب
أَما أَلذي يَخافُ وَ لآ يَهرُب فَليس جَاناً"

عُقدّ أَلياسَمينّ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن