مَـشْـهُـورْ بِـوَجْـهَيْـن -29-

754 83 146
                                    














مرّت سَاعَاتٌ و نَحنُ نَنتظِرُ من السيّد بـارك أن يستَعيدَ وَعيَهْ أو يلمّحَ لنَا و لو بنتفَة إشَارَة أنّه بِخيرْ أو أنّه يتَماثَلُ للْشِفاءْ، رَاقَبْنَاهُ حتّى أخَذنَا النّعاسْ في نومٍ عميقْ.

بِما أنّي الشّخص الذي يَقيسُ حرَارَتهُ و يضعُ له الكمّادات المبتلّة على جبينِه كلّ حينٍ و فينَة فلقَدْ نِمتُ مُشابِكَة يدَايَ بخاصّته؛ لذَا حتّى و إن إستيقَظَ أو تقلّب أشعُرُ بِهْ كما شعرتُ بِهِ الآنْ و هو يرتَجِفْ.

رَفعتُ رأسي بعُبوس لأرى شفَته السفليّة تهتزّ بهستيريّة بينَما يزدَرئُ جوفَهُ و يتقلّب بعدمْ أرياحيّة، رغمَ أنّي حاوَلتُ بأقصى جهدِي توفيرَ كلّ ما يحتاجُه ليرتاحْ و لكنْ دونَ جدوى؛ هو ما يزالُ يتقلّبُ بألمْ و يأنّ كطفلٍ صغِيرْ لكن بصوتٍ غليظْ.

"أَشعُر بالبرِدْ !".

لا أعلمْ كم إستنزَفت هاتَينْ الكَلمتَينْ من طاقَته و كبرِيائِه و لكنّ رؤيَته بهذه الحالَة؛ ضعيفًا، هزيلاً، متعَب، مريضْ..كلّها أيقنتُ من خِلاَلَها أنّ بني آدَم مهمَا تكبّر و إستعلَى فإنّه من المنجّاة غَير ناجٍ.

لربّما اللّه يريدُ أن يثبِتَ لنَا شيئًا من خلالِ ما نمرّ به، فلو ما دَفعتني تلك الحقيرَة سوهيون بِجُبّ الغَابَة لمَا أدركْتُ حقيقَتها و خُدعتُ كما هُم الآلاف من معجبينِها؛ حَرامٌ فيكِ كلّ المسلسلاَت التي شاهدْتُها لكِ يا أفعى.

أَمسكْت ذراعَ السيّد تشانيول و لملمتُ جسدَه الغليظ بخاصّتي بعدَ وضعتُه بحِجْرِي و أقرّيتُ رأسَه بقربِي أحضنُ كلّ جزءًا منه أغطّيه حتّى لا تَصِلَ إليهِ أيّ فوهَة بَردْ.

ثوانٍ من بَعدْ لأشعرَ بِه يستسلِمُ لكبريَائِه و إستَدار ناحيتِي يلفّ ذراعَيهِ على خصرِي يحشِر رأسَه به؛ سُلبت منّي أنفاسي علَى إثرِ تلكَ الحَركَة خاصّة و أنا أحسّ بأنفاسه الدّافئَة و تضرب على بشرتي فتبعثُ فيّ قشعريرَة كدتُ أقذفه بسببها بعيدًا لولاَ وقع بصري على وجهه و الخصلات المتمرّدة على جبهتِه.

لا أدري لما كلّ شيء فيه ضخِم و لكنّ الأمرَ بدأ يعجبني شيئًا ما؛ أنا إن وقفت أمامَه فلن أساوي من حجمِه إلاّ النصف و سأكون كالماعِز التي سيقدم على ذبحهَا من كثرة ما أنا نحيلَة، و لكنّه هو؛ و بنيَته هذه تُشعرني بالأمان، إنّها تضيفُ هالَة رجوليّة تكادُ تفقدُني صوابِي.

تُرى ألهذَا السَبب يحبّهُ مُعجبِينُه؟

"شكرًا سيّد بـارك على إنقاذي".

همسْتُ بِها بنبرة خفيضَة كي لا يسمعنِي ثمّ أضفت.

"و أنا آسفة لأنّي تأخّرتُ في قولِها و التعبِير عن إمتنانِي".

مَـشْـهُـورْ بِـوَجْـهَيْـنْ|| Famous With Two Facesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن