مَـشْـهُـورْ بِـوَجْـهَيْـن -32-

731 75 137
                                    





• عَـودة بالزمـن •






وَقَعُ خَطَواتِها يصدَى بالدرَج صعودًا إلى السَطح تفتَحُ بَابهُ بكلتَا يديها بقوّة تكادُ تكسرَه إثر إصطدَامِه بالحَائِط و الدموع في مقلتيهَا لا تنفُك تُذرَف، حالَتُها رثّة تفوحُ منها رائِحة البيضْ النتِنَة و ينبثقُ منها غبُار الطحينِ كلّما تحرّكَت.

ملابِسُها أضحت عبارَة عن قذَارَة و صُراخُها بقهرَة بسبب ما تعرّضت لَه من إضطهادٍ و ظلمٍ جرّاء كومَة فتيانٍ متنمّرينْ ألقوا عليها بسلّة بيض فاسِدٍ عفنْ و طحينٍ مسوّس لأنّها دافَعت عن أحدِ أصدِقائِها و وقفت عُرضَة في طريقهم هذا هو ما جعلها تتعرّض للتنمّر كلّ يومْ.

و كلّما إلتجأت لنام شين تشكُوهُ العنفَ الذي تتعرّضُ له أخبَرها بأنّها مجرّد فترَة و ستَمُرّ و سينتَهِي هَذا بمجرّد أن ينتقلُوا إلى الجامِعَة ثمّ تضحى معاناتُها ماضٍ.

و لكن إلى مـتـى؟

هل ستظلّ تتحمّل ظلمهم طوالَ السنوات القادمَة كلّها؟

هل سَيبقَى لها نفسيّة مُستقرّة تمكّنُها من أن تلبَث كلّ تلك الفتْرَة الطويلَة أمامَ إضطهَادِهم و تنمّرَهم؟

مسحت دموعَها و وقَفت على سُورِ سطحِ المدرَسة تتأبّطُ الشجاعَة بملامِحها تقتبِضُ يدها في شكلِ قبضَة أصفرّت فيها مفاصلُ أصابعها، ثمّ نظَرت للأسفلْ حيثُ لا يُوجَدُ أحَد فالجميعُ الآن يتّخذُ صفوفَهم، حتّى أولائكَ من تنمّروا عَليهَا؛ بينما يحضون هم بالتعلِيم أوغل قاعة دافئَة تحتضِنُهم هي تصبو بمعانَقَة الموتِ تصرّ على إحتضانِه.

ضغطت على أسنانها تعضُ شفاهها تبكِي لآخر مرّة تَنبُس بنبرة باكيَة.

"أنا آسـفـة، لَقد حاوَلت و لَكنّي مُتعَبة بِحَق !".

أكمَشت عيناهَا و فتحت ذراعيهَا للهواء البارد الذي يلفَحُ جسدَها يمايلُها مع كلّ ضربَة ريحْ، لترمي بنفسِها في قاعِ الهاويَة بعد أن كانَت تتراقَص على حافّتِها، في تلكَ اللحظَة بدل أن يحتضِنها الموت إحتضَنتهَا ذراعٌ من العدَم و جذبتها من على السُور بغتَةً حتّى وقعَ كلاهُما على الأرضِ سالمينْ.

بينما هي فوقَهُ ترتجِفُ على إثر دقّات قلبِه متسارِعَة و الغاضِبَة كملامحِه نفضها هو من عليه بسخط يوبّخها بأعلى صوتِه.

"مـا هَذا الذي تفعلينَه؟ تُحاولينَ الإنتحَار؟ و من أجلِ مَاذَا؟ ما هو هَذا السبَب الذي دفعكِ للمُنيَة دونَ أن تفكّري بكميّة و المعاناة و الحزن التي سيقاسيهَا الذين يحبّونَكِ من بعدِكْ؟ أهَذا جزاءُ والدَتكِ التي ربّتكِ؟ كذا تُكَافِئينَها؟".

مَـشْـهُـورْ بِـوَجْـهَيْـنْ|| Famous With Two Facesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن