مَـشْـهُـورْ بِـوَجْـهَيْـن -33-

718 79 206
                                    








• عَـودَة بالزمـن •

بينَما جميعُ الأطفَال يتجَارَوْنَ هنا و هناكَ في كلّ أرجَاء الحديقَة يلاعبُون بعضَهم البعضْ يجلِس طفل العشرِ السنواتٍ القرفصاء بركنٍ منزوِي خلفَ الشجَرة يواسي نفسَه كي يكبَحَ شهقَاتَهُ الخفيفَة.

عينَاه كاللؤلؤَة تذرف الدموعْ و ذراعيه تحضن قدميه إلى صدرَه، ثوانٍ ليرفع رأسه تدريجيّا عند رؤيَة لحذاءٍ ورديّ يقتحِم مسافَته الخاصّة؛ كانت فتاة أصغَر منه سنّا تقف أمامه بينما تحتضِنُ دبّها الصغير.

"لِمَـاذا تَبكـي؟ هَل رفـضَ الأولادُ اللّعِبَ معك؟".

تساءَلت تجلِس إلى جانبه فدفعها يسقطُها أرضًا حتّى تلوّثت ثيابُها يردف.

"إبتعدِي ليسَ من شأنِك، غادِري !".

نظّفت كفّها المجرُوح و الملوّثْ بالتُرابْ تجلسُ إلى جانبِه مجدّدا تقول.

"لا بأسْ إن هُـم رفَضُوا، أنا سألعبُ معكَ و إن كانَت وقعتِي ستجعلُك تتوقّف عن البكاءْ فإدفعنِي ثانيَة، أنا لا أمانِع..هيا إفعلها !".

حين لم تتلقّى منه إجابَة وقفت تَرقص رقصَة الدجاجَة الصارِخَة و تغنّي له حتّى تنهّدَ مستسلِمًا تاركًا إيّاها تلوجُ مساحته الخاصّة يهتف.


"لستُ أبكِي من أجلِ ألعابٍ سخيفَة".

"إذن لِما تبكِـي؟ هل أذاكَ أحدٌ ما؟ أنظُر إلى يداكْ إنّها مجروحَة، حتّى شفاهُك السفليّة...أوالديكَ يقومونَ بضربِكْ؟".

نفَى برأسِه و نظره مرتكِزٌ عليها و هي تتلمّس جروحَهُ بعنايَة كي لا تؤلمَه متناسيَة الجرحْ الذي خلّفه لها هو منذ قليلْ.

"لقد تشاجَرا والديّ قبلَ أسبوعْ، أمي تبكِي طوالَ الوقت و أنا قلق على أبي، هو لم يعدْ منذ الليلَة التي تشاجَرَا فيها..أخشى أنّه لن يعودْ و يتطلّقانْ !".

قطبت ملامِحَها تزمّ شفاهَا بلطافَة تتساءَل.

"ماذا يعنِي يتطلـ...يتطلّقـ..إنّها كلمَة صعبَة و لكن ما معنَاها؟".

"طلاقْ يعني الإنفصَالْ؛ أيْ أنّهما لن يعيشَا مع بعضهما البعض بعدَ الآن و لن نرى أبي سوى مرّة في الأسبوع".

شهقتْ تضمّ كفّها طبقَ ثغرِها تتحسّر لتربّت عليه و تعانقه قائلَة.

"هَذَا حقّا سيّءْ، و لكن لا تقلَقْ أنا هُنا مَعكْ؛ بدايَة من اليوِمْ أنتَ صدِيقِي و لن نتشَاجَر أبدَا أعدك أنّي لن أطلّقكَ بتاتًا سنبقى مع بعضنَا البعض للأبد..وعد؟".

مَـشْـهُـورْ بِـوَجْـهَيْـنْ|| Famous With Two Facesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن