لقد كان يوماً مشمساً بعض الشيء هادئ و مُمل ، صففتُ شعري و فتحتُ هاتفي لاشارك يوميات التدريب العملي على حسابي الشخصي ، وردتني الكثير من الرسائل التي اعتدت على ان اتجاهلها ، الا واحدة لقد تفاجئت منها و اثارت فضولي كثيراً : ( هل انت طبيبة ؟ )كان ردي بأنني لازلتُ طالبة و هذه الصور للتدريبات التي نأخذها في الجامعة ، لم يستمر الحديث طويلاً كان بضع كلماتٍ مُختصرة ، مرت الأيام و تحولت الكلمة و الكلمتين الى اكثر ، كان شيءٌ ما في داخلي يبتهج لسبب مجهول ، كنت اعيش نهاري بكلِ اعتدال و لكن ما ان افتح هاتفي اشعر بالم في معدتي و أنا أنتظر رسالة ورودها ربما مستحيل ..
انا جُمان طالبة في المرحلة الخامسة من كلية الطب ، احب تخصصي كثيراً و ادرس بشكل مجتهد و لدي روتين يومي التزم به ، استيقظ صباحاً و اخذ حماماً دافئاً بعد ممارسة نصف ساعة من الجري في شوارع انكلترا الباردة و اتناول فطوري و اتجهز للذهاب الى الجامعة في سيارتي و اعود عصراً بعد انهاء كل الحصص العلمية والعملية و الاختبارات ...
لقد تابعني على حسابي ذات يوم حساب ذا محتوى طبي و لم اكن اعلم ان صاحب الحساب عرّبي الا عندما ارسل لي رسالة تنص على سؤال منه ( هل انتِ طبيبة ؟! ) لقد تفاجئت كثيراً فقد كان محتوى الحساب الطبي في اللغة الانكليزية بالكامل ...
لم يكن في بالي ابداً و مرت الأيام و الأيام و أنا أردُ على تلك الرسائل بدون علمٍ مني عن هوية هذا الشخص ...
اعتدت ان أُشارك يومياتي على الانستغرام و صوري بين الأصدقاء و كان صاحب الحساب يكتب لي بين حينٍ وآخر ..
يوماً بعد يوم زادت وتيرة الحوار بيننا و كل ما اعرفهُ عنه بأنه طبيب مقيم يبلغ من العمر 28 عاماً و يُدعى عزيز يُقيم في لندن العاصمة البريطانيا ايضاً ولكن لا اعلم في اي مدينة وفي اي مشفى يعمل ..
لم يكن سوى احد المُتابعين بالنسبة لي و كنت كذلك بالنسبة له ..
مرت الأيام و ها أنا أتجهز للامتحان النهائي و ابتعد عن الهاتف و العالم الخارجي بأكمله ، كانت أيام الامتحانات شديدةٌ على نفسي و ترهقني كثيراً ، لم أكن أنام سوى بضع ساعاتٍ قبل ساعة الامتحان و حينما اعود اتناول شيئاً خفيفاً و اجهز كوباً من القهوة المثلجة و اجلس لاكمل دراستي ..
كانت أيام الامتحانات شاقة فكيف لا وأنا ادرس في الجامعة الاولى في العالم جامعة اكسفورد ..
كانت صديقتي منال تسكن في الشقة المجاورة لي و كانت تأتي لندرس معاً في أيام الاختبارات التي تكون صعبةً بالنسبةِ لها .. كنت اقدم لها المساعدة قدر المستطاع فقد كانت تمر بفترات صعبة بسبب خطيبها المجنون ، لا اعلم لماذا يستمتعُ الرجال في إيذاء النساء ..
جُمان : منال لم يتبقى لنا سوى امتحانٌ واحد ، لا اصدق بان العطلة قادمة و اخيراً ..
منال : لما كُل هذا الفرح لدينا تطبيق عملي في المشفى الحكومي بعد شهرٍ من الآن ..
جُمان : لا بأس عزيزتي لدنيا شهرٌ طويل لنستغل فيه كل يوم و كل ثانيةٍ و دقيقة لقضاءِ وقتٍ مُمتع ..
منال : لا اعلم ، ليس لي طاقة لفعلِ أي شيء ، ان كمال يستزف طاقتي يوماً بعد يوم ..
جُمان : لا اعلم ماهو سبب صمودك مع هذا المجنون حتى الآن ، وانت تسامحين له و تغفرين له في كل مرة على الرغم من خياناته المُتتالية ..
منال : ارجوك جمان ، انت لم تعيشي شعور الحُب حتى الآن لذلك لا تضغطي على جروحي مرةً أِخرى ...
نهضت جُمان من مكانها و راحت تحتضن صديقتها و تعتذر منها فلم يكن قصدها ان تجرحها ولكن لم يكن هيناً عليها رؤية حال صديقتها بهذا الشكل الحزين و المنطفئ بسبب رجلٍ لا يستحقها أبداً ..
ان منال فتاة جميلة و تقدم الكثير لمصارحتها الا إنها في علاقة مع كمال ابن عمتها منذ خمس سنواتٍ مضت .. انه شاب ارعن يترنح بين نوادي لندن الليلية كل مساء و يعود كل ليلةٍ مع فتاة .. لم تكن منال على علمٍ بكل هذا فقد كان يسكن في ولاية بعيدةٍ عن مسكننا ، حتى كشفت امره منال ذات يومٍ بعد ان جهزت له هديةٍ بمناسبة ميلاده و ذهبت لتفاجئه بقدومها و اذ بها تتفاجئ به مع فتاة بريطانية شقراء في منزلهِ ..
لقد بكت كثيراً يومها ، لا زلتُ اذكر بحة صوتها و هي تبكي خلف الهاتف مُتصلةً بي تشكوا لي حضها و تندُب لي عن حُبها الذي راح هباءً منثورا ..
لقد اكملنا دراستنا للامتحان الاخير انا و منال و ها نحن صباح اليوم التالي تجهزنا و ذهبنا الى اخر امتحان في عامنا الدراسي ما قبل الاخير ..3:00pm
ها أنا أتوجه الى كراج السيارات و استقل سيارتي المارسيدس و اتوجه الى اقرب مطعم لتناول الغداء ..
كنت ارتدي بنطال اسود و قميص أبيض ذو أكمام طويلة و افرد شعري على كتفي .. ها أنا الآن ادخل الى المطعم واذ بي أرى طالباً تخرج في العام الماضي و كان قد تقدم لمصارحتي بمشاعره تجاهي ولكنني و مثل غيرهِ من الرجال الآخرين قد رفضته.. ابتسمت لهُ من بعيد من باب اللُطف و بادلني بالابتسامةِ ذاتها و جلست بإنتظار قدوم منال فقد خرجت قبلي لتغير ثيابها و هاي هي الآن قادمة في الطريق ..
جلسنا نحن الفتاتين على طاولة مُطلة على شوارع لندن عصّرَ ذلك اليوم و بدأ المطر فجأة بالنزول و اذ بتلك الشوارع بدت دافئة حنونة رغم غزارة الامطار و تراكض الناس نحو الاسقف الخشبية هروباً من المطر ..
لقد تركت قهوتي التي طلبتها بعد وجبة الغداء و ههمت بالخروج فجأة و هاي منال تسألني : ايتها المجنونة الى اين تذهبين .. تجاهلتها و ها أنا الآن تحت المطر اسفل تلك السماء المُلبدة بالغيوم و كُل ما بي مُبتل من فرط غزارة المطر حينها
فتحت هاتفي و وضعت سماعاتي و فتحت أُغنيتي التي اسمعها في مثل هذا الطقس .. the city holds my heart
رقصت على انغامها كما ترقص البجعات في برَك المياه العذبة لقد كان شعوراً عظيماً و مُمتعاً ..
ها أنا الآن أبدأُ في عيش هذا الشهر من أول ساعةٍ لي وها أنا أعيش متعةً و كأن الطاقة بدأت تتدفقُ في أعماقي و تخرج من جسدي على هيئة موسيقى ..
أنت تقرأ
The unknown Doctor ( الطبيب المجهول ) 💌
Romanceلا أعلم كيف و متىٰ دخلتَ الى قلبي و لكن دخولك كان مثل زوبعةٍ ابتعلتني و لم يستكِن فؤادي من بعدها .. بعض الاحداث الرئيسية للقصة حقيقية و تواريخ الأيام ايضاً 🖤 الفصل الثاني من القصة الجزء الممتع في القصة ولا يحتوي على احداث حقيقية . انني أُلهي نفسي...