Part10 لم أكن بهذا اللين.. إلا معك.

37 2 9
                                    

صباح اليوم التالي اتصلت منال بجُمان التي عجزت عن النوم ليلتها بعد ان عادت الى المنزل عند الرابعة بعد مُنتصف الليل ، " جُمان افتحي لي الباب احضرت فطوراً وانا الان في مصعد البناية " .. اغلت جُمان الهاتف و نهضت لتفتح الباب لصديقة طفولتها و توجهت للإستحمام كانت الساعة التاسعة ونصف صباحاً ، دخلت منال و بدأت بتحضير مائدة الافطار و اعداد الشاي لصديقتها المُحبة للشاي بينما اكملت كل شيء فتحت التلفاز على سلسلة من اغاني فيروز تشتغل تباعاً واحدةً تلو الاخرى .. خرجت جُمان ترتدي ملابس منزلية دافئة في ذلك الصباح الشتوي المُمطر ..
جمان " صباح الخير ايتها المُزعجة " وراحت تعانق صديقتها وكأنها تشتكي لها كل ما بداخلها بهذا العناق ، كانت جمان تعتبر ان لقاء الاصدقاء حاجة قبل ان يكون رفاهية و لقد علمت منال بحاجة صديقتها لها بمثل هذا اليوم هي التي لا تعلم شيئاً عن ليلة البارحة و ماذا حدث معها ومع عزيز ..
بينما كانت تسكب الشاي لصديقتها ابتسمت جُمان و قالت " حتى اكواب الشاي تُذكرني به ، لم اعلم ابداً بأنهُ شبيهي في كل شيء حتى بدأت الأشياء من حولي تشد ذكرياتي اليه انت تعلمين يا منال بأنني لم أكن مع اي رجلٍ من قبل و بأنني لم أكُن بهذا اللين الا معه ، ولكنها الاقدار شائت ان تعرفنا على بعضنا ولن تجمعنا على الاطلاق " وقبل ان تُكمل حديثها رنت في مسامعها الحان اغنية فيروز ( بديت القصة في تحت الشتي ، بأول شتي حبو بعضن و خلصت القصة بتاني شتي ، تحت الشتي تركوا بعضون .. حبوا بعضن ، تركوا بعضن )
و راحت جُمان بذكرياتها الى السابع من نوڤمبر 2021 الى ذلك اليوم الذي ارسلت به مقطع الاغنية هذا لعزيز الذي اجابها مُعترفاً بحقيقة تلك الكلمات بينهما قائلاً " لخصت فيروز كل شيء"
هو الذي لم يعترف لها بحبهِ بعد و هي الاخرى التي لم تعترف له باي شي ولكنهما كان يعلمان في سرهما حقيقة هذا الحب و "نهايته" كانت الاغنيات فقط هي الحوار الصريح بينهما وكان الأمر أشبه بأنها تريدهُ ان يعلم و لا تود اخباره فكانت تستعين بالاغاني كحجة و عذر واعتراف مُبطن لكل ما يجول بداخلها ..
تنهدت جُمان بعد ان عادت الى الواقع بعد موجة الذكريات التي ارتطمت بشواطئ قلبها و اكمل حديثها مع منال عن كل ماحدث في المساء الفائت 0* ؟! ..
دُهشت منال و امسكت بيد صديقتها تساندها و كأنها تُربت على قلبها قبل يديها بتلك المواساة والخوف الذي يغمر قلبها على صديقتها ، خوفاً من ان يصيب قلبها الحُزن ذات يوم ..
بعد مرور الأيام والأسابيع كان عزيز يتلقى العلاج و انقطع اتصاله بجُمان التي كانت تحترق في داخلها لإختفائه من جديد و كان الدُعاء هو السبيل الوحيد لهدوء قلبها .. اكملت جُمان الأشهر الاولى من العام الجديد بصعوبة فائقة كانت تتحدث قليلاً مع عزيز الذي كان يشجعها لتكمل دراستها في التخصص الذي أحبته وهو ان تكون طبيبة اطفال ، هو الذي كان يصارع الأيام وجرعات العلاج الاليمة لم يكف ابداً عن كونه حنوناً و دافئاً و داعماً لكل من حوله من الاهل والاصدقاء .. و بدأت بعد ذلك جُمان بتجهيز نفسها لإجتياز الاختبار التنافسي ، اراد عزيز ان يكون لديها شيئاً يُلهيها عن التفكير به ولو كان ذلك بمقدارٍ بسيط .. و هاي هي الاشهر الاولى من السنة مرت كـ لمح البصر ..
ارسل لها قبل اختفائهِ الأخير برحلة العلاج الاخيرة ، تلك التي بدأت في الشهر السادس من هذا العام رسالة يخبرهُ بها " بأنه سيكون بخير و سيعود في وقت قريب و طلب منها ان تكون بخير و لا تهمل دراستها "
كانت جُمان مُتعبة من كل شيء من ضغط الدراسة و العمل في المشفى و التفكير في عزيز ، لقد عادت والدتها للعيش معها فترة مؤقته لتساعدها فيما تحتاج و تخفف عنها ضغط الدراسة والعمل ، كانت تستقيظ كل صباح على صوت القرآن و ادعية الصباح و رائحة الشاي و الفطور الطازج ..
كانت اياماً جميلة رُغم كل شيء ، اشتاقت جمان كثيراً لوجود والدتها في حياتها هي التي انفصلت عن عائلتها في اول سنواتها في الجامعة وانتقلت للعيش في سكن الطالبات الجامعي ..
في السابع من اغسطس تجهزت جُمان و منال للذهاب الى منزل العائلة في احد المزارع الجبلية و كان ذلك بعد الحاح من والدتها التي كانت تود جمعها بالاقرباء بعد وقت طويل ..
تجهزت جُمان و ارتدت ثياب رياضية بيضاء واسعة و قبعة رأس واضعة سماعات حول رقبتها لتتجه بسيارتها نحو المنزل الجبلي ..
عند وصولها رأت تجمع الكثير من السيارات في كراج المزرعة وعلمت بأن صخب الاجواء العائلية سوف يبدأ ، وبعد قليل وصلت منال و زوجها حُسام بعد ان أنهياً مؤخراً شهر العسل في روما .. فقد تزوجت منال في الشهر الرابع من هذا العام و كانت تبدوا مثل الأميرات ..
القت جُمان على حسام التحية وراحت تُعانق صديقتها بإشتياق " ستكون اجازة جميلة أيتها الفاتنة " ابتسمت جمان لصديقتها التي كانت تعاملها بطريقة طفولية بريئة و كانت تقدم لها دور الاخت الكبيرة قبل ان تكون الصديقة ..
دخل كل منهم الى المزرعة التي كان خضراء تحيط بها سياجات خشبية و كانت في نهايتها من الوراء جبالاً مرتفعة ينزل منها شلالاً بغزارة و ينثر قطرات مائه على الصخور والحشائش الخضراء من حوله .. في وسط تلك المزرعة كان المنزل الخشبي وكان الشباب يتجهزون لحفلة الشواء في الخارج و اخررون يتجهون نحو الاسطبل لركوب الخيل و كانت والدتها تجمع البيض من اقفاص الدجاج ..
دخلت جُمان والقت التحية على عمها و خالها و عمتها و اولادهم وهاي هي الآن ترى صقر وكيف لا تراه وهو بهذا الطول الفارع و هذا الجمال العربي الاصيل .. قرصت منال صديقتها و راحت تهمس في اذنها " انه صقر حبيبك الاول " ابتسمت جُمان لسخافة صديقتها هي التي لا تنسَّ شيئاً على الاطلاق ، لقد كانت جُمان في طفولتها تحب صقر ولكنها كانت بعيدة عنه فقد كانت صغيرة وكان يكبرها سناً بأربعة أعوام هو الذي ارتاد كلية الطب قبلها باربع سنوات كانت تخبر نفسها بانه قد يكون محاطاً بالفتيات او قد يكون لديه حبيبة فلا فائدة من المجازفة معه ولكنها لم تكن تعلم بحقيقة مشاعرهِ تجاهها هو الذي حاول كثيراً ان يكون قريباً منها ولكنها كانت تتجاوزه بغباء طفولي ضناً منها بانه يلعب معها دور الاخ الكبير او ابن العم الحريص ..
القت جُمان التحية على صقر و بحر كانا اولاد عمها الكبير و راحت تقبل عمتها و بنت عمتها الصغيرة ميسون كانت تدرس هندسة الاتصالات مع بحر في نفس الجامعة و كان الجميع يعلم بمدى حبهما لبعض اما خال جُمان فقد جاء مع زوجته و ابنه الصغير الذي كان يبلغ خمسة عشر عاماً و يدعى جمال ..
نظر صقر لجُمان بعد ان كان لقائهما الاخير قبل خمسة اعوام من الآن و ابتسم في داخله قائلاً " لقد تغيرت كثيراً ، انها اكثر جمالاً و نُضجاً الآن و ملامح وجهها التي لطالما كانت طفوليةً اصبحت حادة وذلك الحُزن الخفي في عينيها يجدح مثل شرارةٍ لن يراها ايُّ شخصٍ الا من حفظ تفاصيلها و ركز بها جيداً "

The unknown Doctor ( الطبيب المجهول ) 💌حيث تعيش القصص. اكتشف الآن