Part14 اكتبي يا جُمان

19 2 3
                                    

اخبرها ذات يوم بانه يُحب نصوصها الأدبية و طلب منها ان تعده بالاستمرار بالكتابة و ان تُنمي مهارتها تلك ، كان يقدم لها الدعم المعنوي والتشجيع لكي تكتب وكانت جُمان تكتب بكل حب وتفرح بتعبيرهِ بإعجابه بما كتبت أناملها الصغيرة .
بعد مرور ثلاثة ايام كانت جُمان في منزل والديها و كانت والدتها تعتني بصحتها بعد ان اوصاها صقر وأكد على ضرورة مُراقبتها بعناية .
كانت تنطوي على نفسها بغرفتها و تكتب بمذكرة الهاتف أحاديثاً لم تقُلها و كلاماً يتجمع بحنجرتها بغصةِ و مرارةٍ . كانت تكتب كما لو انها اكتشفت سلاحاً تشنُ به الحروبَ على احزانها و على ذلك القدر الذي أهلك حالها يوماً بعد يوم .

كتبت جُمان في الثامن والعشرون من مايو :
" لنعود الى أول حديث دار بيننا عندما تبادلنا الأسماء و بعدها الأغنيات
لقد جمعنا حُبنا لمسلسل الندم و لم أعتقد أن أعيشَ شعورهُ ذات يومٍ بعد مماتك
"ماتت هناء فلا هناءَ بعدها" وها أنا اليوم اعيشُ مرارة عروة بعد ذاك الفقد بنفس الألم ونفس الندم ونفس الغصة بعد موتكَ يا عزيزي ..
إشتقتُ إليكَ كثيراً و سأظلُ أبحثُ عنكَ في القصائد و الأشعار والاغاني
سأظلُ أُرثيكَ ابد العُمر ما حييت مع كلِ الأشياء التي تُذكرني بك
سأظلُ أفتشُ عنكَ بين طيات الندم
و سأستمعُ لتلكَ الأُغنيةِ بإستمرار :
( قلبي عليك ، قلبي علينا .. إفترقنا حين إلتقينا ، كأننا ما تعارفنا و كأننا ما هوينا ..)
آهٍ من هذا الفُراق يا حبيبي ،
إنني أُشبهُ عروة في حُزنهِ و كتابتهِ و أنتَ الآخر رحلتَ كما رحلتْ هناء و انقضَّ المرضُ على كِليكُما و لم تُشفِق هذهِ الدُنيا عليكم .."

واكملت نثرَ حروفها بعد ذلك في صفحاتٍ اخرى و بصورةٍ مُتتالية اكملت سطورها بعبارات تُقطع الاحشاء حُزناً :
"ومضيت و كأنما أعجبكَ الفراق"
و مضيت رُغم يقينك بكلِ مشاعري ، سأظلُ أبكي كُلما هبت الرياح على الأشياء العزيزة التي بنيناها معاً ..
سأظلُ أبكي مسافة الأرض و السماء كلما أمطرت الغيوم
و سأظلُ أبد العُمر أُرثيكَ بحثاً عن نور عينيكَ بين النجوم ..
سأفتقدُكَ الى الأبد كما تفتقدُ الأزهار ربيعها الأخضر بعد خريفٍ أماتَ كُل شيء و سأبتسمُ والدموعُ ملئَ عينّي كُلما مرَّت بخاطري ذكراك ..
كانت البدايات ملونة وتزهوا مثل شوارع الشام الشتوية ، تلك التي تصدحُ في ارجائها زقزقاتُ العصافير و صوت فيروز و زخاتُ المطر على جدرانها الخشبية و نوافذها الزُجاجية و عبق الياسمين الذي يملأ الشوارع والازقة ،
هكذا تماماً كما كانت دمشقَ القديمة و كما آلت إليه اليوم  ..
شتانّ مابين الماضي والحاضر و بين ما حل بقلبي بعد موتك وماحل بهِ في أولِ لقاء . وإنّ توقفت العيون يوماً عن البُكاء فلا يسمعُ بُكاء القلب و نشيج الروح سوى الله" .
كانت جُمان حزينة حتى في ضحكتها مع الاهلِ و الأصدقاء هي التي لم تستطع بعد ذلك اليوم اخفاء حُزنها وهو ينهمر مثل الدموعِ من عَينيها و يخرج مثل بُكاءِ نايٍ حزينٍ مع ضحكاتها ، تمنت جُمان كثيراً ان تعود الى اول يوم في تعارفهما و كتبت بكل ما جال بخاطرها و جاء بقلبها :
"هُنالك أيامٌ لا تنتهي
يتوقفُ الزمن عندَ كل الأيام الموجعة
فمابالكَ لو كان ذلك يوم رحيلُك ؟
كيفَ لتلك الأيامِ أن تعود !
عُد بي الىٰ عيدميلادي الثاني والعشرون
في أولِ لقاءٍ لنا أسفلَ ضوء المنارةِ والمطر
قبلَ أن ينتهِكَ هذا الموتُ حُرمة حُبنا
عُد بي الىٰ التاسِع من نيسان
وقُل لي بأنّ كُل ما جرىٰ كان كذبةَ أبريل ولا حقيقة لخبرِ موتك
عُد بي الىٰ الماضي حيثُ كُنا صديقين
أو عُد بي الى اول حديث دارَ بيننا ولنفترق بعدها قبل أن تشتعلَ الحُروب بدواخلنا و قبلَ أن تغرق أرواحنا و تتوه ..
كيف ليومِ ميلادك أن يمرّ بدونك ، هكذا بلا إسمكَ و بلا وجهكَ ولا صوتك الضحوك ..
لن أتوقف عن الشعور بك ولن أتوقف عن عدِ الأيام بدونك بعد أن انتهت كُل الأيام التي كانت معك ..
وداعاً يا حبيبي
لم يبقَّ بيننا سوىٰ الوَداع ، وداعاً مُحتماً لا رجعة فيه
أنا التي كتبتُ قبلَ أيام من الآن
الى اللقاء يا حبيبي على أمل اللقاء ذات يوم
امسحُ بدموعي ماكتبت و أكتبُ لك " الوداع"
هذا هو الوداع الأخير اذاً ؟
وها هي الصفحة الأخيرة من قصتنا
ويا للأسف الشديد
إنتهت الحكايا هُنا بموتِ بطلها الأول والوحيد
هكذا تبدو النهايات الحزينة بدون من نُحب
ناقصة و حزينة و باردة جداً
2024/5/30
7:30pm
_____

....يتبع

اعلم ان النصوص حزينة و لكن هذا هو طابع الرواية دراما و تراجيدي
اسلوبي في الكتابة هو الوصف والسرد الادبي بحوارات قليلة ساعمل على صياغة الحوارات في الاجزاء القادمة وارجوا دعمكم المستمر لي
نجمة وتعليق لُطفاً 💞

The unknown Doctor ( الطبيب المجهول ) 💌حيث تعيش القصص. اكتشف الآن