Part18 أين جُمان ؟ و من هذا الغريب ؟

14 0 0
                                    

في الجانب الآخر كان آلبت الرجل البريطاني الذي يبلغ من العمر خمس و ثلاثون عاماً يقف اسفل المصباح عند بوابة المجمع السكني الذي تقطن فيه جُمان
كان يُراقبها من مسافة بعيدة بين حينٍ وآخر ولم تنتبه جُمان لوجودهِ ابداً ذات يوم ماعدا صقر الذي شاهدهُ في تلك الليل عند عودتهم من السينما .
نزلت جُمان بفستان زهري قصير و كانت تفوح منها رائحة الأنوثة بشعرها المُتطاير مع هبات الرياح الباردة و بأجراس مفاتيح السيارة التي كانت تخرجها من حقيبتها متوجهةً نحو كراج السيارات خلف البناية .
رفعت هاتفها تجيب مكالمة هاتفية من المستشفى وتخبرهم بقدومها بعد ساعة من الآن أي في تمام الساعة التاسعة صباحاً ، وفي تلك الأثناء سمعت اصوات خُطى تتسارع خلفها وتقترب منها مما جعلها تُصاب بقشعريرة وتُدير وجهها بسرعة قبل ان تغلق الهاتف وقبل ان تنهي كلامها مع زميل العمل في المستشفى.
رأت امامها رجلاً طويلاً ذا هيئةٍ مُخيفة و مُريبة فتسائلت " هل انت بحاجة الى المساعدة؟" لم يُجبها و استمر مُقترباً حتى اصبح شديد القرب منها فسقط هاتفها و حقيبتها و نزلت تلملم اشيائها بإرتباك و نهضت لتكمل طريقها متجاهلة بخوف و قلق هذا الرجل الغريب .
كانت تتسائل بينها و بين نفسها عن الذي حدث قبل قليل و من يكون هذا الرجل و لماذا بقي صامتاً طوال الوقت وماسبب نظراتهِ تلك .
ها هي جُمان في غرفة العمليات مع طاقم جراحة القلب والاوعية الدموية وكانت حالة المريض متدهورة فكان الجميع يشعر بتوتر اثناء محاولتهم انقاذ هذه السيدة التي تبلغ من العمر اربعون عاماً ليعيدوها سالمةً الى ابنائها الذين ينتظرون بدموع و خوف خلف بوابة العمليات تلك . كانت جُمان تُراقب حالة المريضة اثناء اجراء العملية وكانت دقات القلب تنخفض بشكل تدريجي وماهي الا دقائق معدودة حتى فارقت المريضة الحياة .
تسمرت جُمان بمكانها و صدح صوت الطبيب المُختص " ساعة الوفاة الحادية عشر والرُبع صباحاً " و خرج الجميع من غرفة العمليات بعد ان غطوا وجه السيدة بملائةٍ بيضاء .
تعالت اصوات البُكاء واحتضن الاخوة بعضهم الاخر وكانهم يبحثون في بعضهم البعض عن امهم الراحلة ، خرجت جُمان مُسرعة الى حمامات المشفى و راحت تتقرفصُ في رُكن من الاركان باكيةً بطريقة إنهيارية ، انها اول مرة تكون في عملية تكون نهايتها حزينة وتعلم جيداً بان موقفاً كهذا سيتكررُ كثيراً فهذه هي دروب مهنتها كـ طبيبة و سترى الكثير من المواقف والتجارب بمرور الوقت .
اكملت نهارها بتعب و مشقة و حزن شديد و قد اخبرت صقر ماحدث معها وقام بمواساتها و حاول تغيير مزاجها فطلب منها ان تذهب لتناول الغداء في منزل والديه هذا اليوم بعد انتهاء عملها .
توجهت جمان الى بيت عمها والد صقر و رحبت بها والدةُ صقر فقد كانت تُحبها كثيراً و تتمنى ان تكون جُمان مع ابنها كثيراُ .
غيرت جُمان ثيابها بعد ان استعارت من ثياب اخت صقر المتبقية في المنزل و نزلت الى المطبخ مع زوجة عمها لتساعدها في تجهيز الغداء قبل قدوم صقر . كانت ترتدي بيجامة منزلية زرقاء و قامت برفع شعرها على شكل كعكة و راحت تجهز الصحون على المائدة و في تلك الاثناء دخل صقر ولم ينطق بحرف على العكس كان واقفاً بالقرب منهم يتكئ على بوابة المطبخ بأحد كتفيه و يبتسمُ لهُنَ من بعيد و دخل بعد ان طرق الباب و القى التحية على حبيبتهُ و سيدةُ قلبهِ وراح يقبل رأس والدته وغمز لجُمان من بعيد بإحدى عينينه البراقتين .
___
نظر صقر لجُمان التي كانت تقف في شرفة منزلهم وتشرب الشاي وتتصفح في هاتفها مُبتسمة و قام بإلتقاط صورةٍ لها بطريقة عفوية ، كانت صورةً دافئة وحنينة احتفظ بها بهاتفهُ بكل حُب .
" حبيبتي جُمان جهزتُ لك غرفة نوم في الطابق العلوي انها غُرفة صابرين يمكنك النوم واخذ قسطٍ من الراحة متى ما تُريدين "
دخلت جمان وشكرت زوجة عمها و جلست معهم في صالة الجلوس لمشاهدة التلفاز و تبادل اطراف الحديث معاً بتلك الليلة الصيفية ، وماهي الا ساعة ونصف حتى غادرت زوجة عمها لأخذ قسطٍ من الراحة في غُرفتها و نهضت جُمان بعدها بدقائق ذهاباً الى المطبخ فقد كانت تجهز كوباً من الحليب البارد ليقلل من ارقها و يساعدها بالنوم بسهولة .
انه صقر يقترب من جُمان بكل هدوء ليقف خلفها و يهمس بإذنها بعد ان امسك بيدها قائلاً " ما رأيكِ ان تنتقلي للعيش معي هُنا ، فلتكوني زوجتي يا جُمان "
سحبت يدها من يدهِ بعد ان أصابتها قُشعريرة و شعرت بالخجل بعدما حدث ولاحظ صقر ارتباكها و خجلها فإبتعد عنها قليلاً
نظر اليها من بعيد و اطال النظر في عينيها وكأنهُ يقرأ رغبتها العارمة به تلك التي تختفي خلف ستارة من الخجل الأحمر .
______
مرت الأيام و لم ترد جُمان على طلبِ صقر الاخير و ترك لها مساحة للتفكير و ابتعد عنها لبعض الوقت منشغلاً بأعماله بعد ان طلب منه والده ان يعمل في كـ مسؤول في احد اقسام الشركة بعد الانتهاء من عمله في المشفى .
كانت جُمان تسير في الشارع المقارب لمنزلها و ها هي تلمحُ ذاك الرجل الغريب مرةً اخرى بالقرب من بوابة المجمع السكني الذي تعيش فيه .
تجاهلته و توجهت لمنزلها و استقلت السلم بدلاً من المصعد و توجهت بعد بضع دقائق لباب شقتها و قبل ان تغلق الباب بعد ان هممت بالدخول احست بان احداً يدفع بابها بقوة و يدخل الى منزلها واضعاً يده على فمها وكبح بتلك الحركة صراخها الذي عجزت عن اخراج صوتها و طلب النجدة ، ضغطت بصعوبة على زر الطوارئ في ساعة آبل التي كان تلتف حول معصمها ى قامت الساعة بارسال انذار الى كل الاشخاص الذي وضعت اسمائهم على قائمة الطوارئ في حسابها .
وضع على انفها رائحة جعلت منها تهدء و تغط في نوم عميق بعد ثوانٍ قليلة و لم تستيقظ الا بعد مرور اربع ساعات من اختطافها ، وجدت نفسها في غرفة صغيرة كانت نظيفة و مرتبة و كانها جُهزت لحبيبين او زوجين ، راحت تحدق بصدمةٍ و خوف في ارجاء الغرفة و رأت امامها ثوباً معلقاً باللون الاسود و بالقرب منه مجهورات كثيرةً و مساحيق تجميل، لم تكن مربوطة اليدين و مغلقة الفم على العكس كانت طليقة و حرة تجول في ارجاء الغرفة تبحث عن نافذة مفتوحة او باب مفتوح و لكن كل شيءٍ كان مغلقاً .
بعد نصف ساعة من استيقاضها دخل آلبرت عليها ، انها تعرفه من مكان قديم ولكن لا تتذكر اين ومتى و كيف التقت به ، ابتسم آلبرت مُقترباً منها و هو يقول " اخيراً استيقضت أميرتي الصغيرة " كانت جُمان تتسمر في مكانها تصطنع القوة و لكن الخوف كان بادٍ في عينيها
" من أنت ؟ مالذي تريدهُ مني و أين أنا الان ؟ "
" أنتِ أميرتي الضائعة التي وجدتها بعد معاناةٍ و وقت طويل "
وراح يسرد عليها ذكرى اول لقاء لهما حينما كانت تبلغ من العمر خمسةً عشر عاماً و كان هو في الخامسة والعشرين من عمره ، التقى بتلك الشابة الصغيرة في العطلة الصيفية بعد ان ذهبت جمان مع والديها الى أقارب امها في احد المدن الشمالية و قضيت جمان اربع اشهر طويلة هناك تلهو و تلعب وتمرح مع اطفال الجيران البريطانيين. كانت جمان تلعب مع اخت البرت في منزلهم تارة و في منزلها تارة اخرى ، اعجب البرت بتلك الجميلة الصغيرة كثيراً و ظل يفكر بها طول تلك الاربعة اشهر المنصرمة الا انه كان يمنع نفسه من الحديث معها لانها كانت طفلةً صغيرةً لا تعرف مالذي يحدث سوى اللعب والمرح .
ذُهلت جُمان بعد ان سرد عليها القصة آلبرت و صرخت قائلة " انت اخ نتاليا ؟ " واجابها بحركة برأسه و قال لها بعد ان سالته عن سبب وجودها هنا واكمل قائلاً " لم تنته القصة هنا يا عزيزتي ، لقد نسيتك بعد ان غادرت تلك المدينة الا انك درست في الجامعة التي كنت استاذاً فيها في احد اقسامها الاخرى اما انت كنت تدرسين في الجزء الطبي من جامعة اكسفرد و كنت اراقبك من بعيد طوال السنوات الفائتة كنتِ أمام عيني و كنت اراقب تحركاتك كلها بفضول لا اكثر ، حتى تحول ذلك الفضول يوماً بعد يوم الى شعور غريب يعتريني ، كنت اخاف الظهور امامك لكي لا اخيفك او ازعجك ولكن الآن ! الان و بعد ان رأيتك مراتٍ عديدة مع ذلك الرجل الذي يظن نفسه حبيباً لك و ما هو الا ابن عم احمق تذكر وجودك بعد كل ذلك الوقت و جاء ليأخذك من امام عيني ! من يظن نفسه حقاً ليفكر ولو لدقيقة بانك ستكونين له ؟
ذعرت جمان و شعرت بالخوف من هذا المهووس الذي راقب حياتها و ايامها كل ذلك الوقت و طلبت منه برجاء ان يتركها لان الامور لا تقاس ولا تعاش بهذهِ الطريقة .
لن ادعك تذهبين الى اي مكان و لو كان في ذلك نهايتي " انا احبكِ يا جُمان و لم اكن اعلم بانني احبك الا حينما شعرت ذات يوم بانني ساخسرك ان لم اتصرف و اسرع بالقدوم اليك ، لقد رايتك تكبرين امامي ، رايت بكائك في ساحات الجامعة و خيبة الامل التي عشتها بسبب أصدقاء الجامعة و فرحة التخرج التي غمرتك و ها انت اليوم تكملين تخصصك في طب الاطفال ، اشعر بانني اعرفك اكثر من اي شخص اخر و بانني استحقك اكثر منهم جميعاً ، فلتكوني لي يا حبيبتي البعيدة ولا تتركيني و اعدك بانك ستكونين في امان معي ولن اقرب منك الا بموافقتك على تحديد يوم لعقد قراننا و يوم لتكوني فيه زوجتي "
جلست جمان في عجز على حافة السرير و راحت تذرف الدموع بخوف عن الورطة التي دخلت فيها و كيف ستخرج و تعود الى اهلها بعد كل الذي سمعته
وتذكرت صقر الذي عرض عليها الزواج في تلك الليلة بطريقة غريبة وكانه كان تحت تاثير نشوة الحب و سحبت نفسها تلك الليلة لكي تتاكد من مشاعرها و من حقيقة قرار صقر في نفس الوقت و ابتعدت عنه لكي يعاود القدوم لخطبتها بطريقة تليق بها و سترد عليه حينها ، الا انها الان تعيش شيئاً اخر شيئاً لا تعلم حقيقته ونهايته .
سالت بخوف " اين انا الان ؟ " اجابها بابتسامة " نحن الان في ايرندا سافرت بك في طائرتي الخاصة ونحن في امانٍ الان .
تسمرت في مكانها بعد ان علمت المسافة الشاسعة التي قطعتها وما في ذلك ابتعاد عن اهلها و اصدقائها .
سألته بعد ان نزلت دموعها ببطئ على وجهها " ومااذي تريده مني الان ؟ "
" ان تكوني زوجتي يا جُمان ولكن في الوقت الذي ترغبين فيه انت لن تعيشي تحترتاثير الخوف او الضغط صدقيني سانتظرك و سنكون في هذا الوقت اصدقاء لا غير ، لن تجدي شخصاً لطيفاً هكذا مثلي "
اجابته ببرد بعد ان مسحت وجهها " ولكنني مخطوبة و لدي شخص يحبني و احبه و ينتظرني في لندن و اعلم جيدا بمدى قلقه الان بعد غيابي "
كانت كلماتها تلك مثل سيوف و سهام توجهت اليه و اشعلت فتيل نيرانه و توهج الغضب من عينيه خارجاً مثل شرارة ينبأها عن بداية حرب ان لم تعدل عن قرارها و كلامها . اقترب منها بطريقة مخيفة و صرخ متسائها " ماذا قلت ! انتِ ماذا ؟ تُحبين من؟ " وراح يمسك بيدها يضغط بقوة على معصمها و اكملت بصوت هادء محاولة تجاهل المها " انا احب صقر " مالذي تفعله هل حقاً بانها لا تخاف منه ؟ لماذا تعيد الكلام بتلك النبرة و تلك الثقة وكانها تحاول إثارة جنونهِ امسكها من عنقها و راح بقرب وجهه نحوها و دفعها نحو السرير و أصبح جسده بالكامل فوق جسدها وهو يحكم قبضتها بيده و يشل حركتها واضعها يده الاخرى على فمها لا يخرج من صوتها سوى انينٌ و بكاء و رجاء .
وضع وجهه بالقرب من عنقها و راح يستنشق عطرها بطريقةٍ جعلتها تشعر بالتقزز و الاشمئزاز و الخوف من القادم الا انه ابتعد عنها و تراجعت للخلف تلفلف نفسها بملائه السرير و راحت تستمع لصوته وهو يقول " اخبرتك ان تكوني هادئة ولا تثيري جنوني والا لن يعجبك ماسيحدث بعد ذلك يا حلوتي ، اعطيتك مساحة و وقت و امان لا تجعلي من هذا المجنون الذي يسكن بداخلي ان يتمادى معك من الافضل ان تكوني فتاةً مُطيعة ، هيا الان غيري ثيابك و تجهزي لوجبة العشاء امامك ساعة ففط ان لم تلتزمي بالتعليمات سيثور هذا المجنون مرةً اخرى و سيبكي وجهك الجميل مرةً اخرى "
يا الله ما هذا الذي تعيشه الان و كيف ستتماشى معه هي التي كانت تعيشُ اياماً هادئة ها هي اليوم تعيش مغامرةً مرعبة لا تعلم كيف ستكون نهايتها .
_____
دخل صقر الى منزل جمان برعب بعد ان رأى الباب مفتوح و بحث عنها و لم يجد شيئاً كانت حقيبتها و هاتفها على الارض اتصل بمنال و والديها و والدته و لكن الجميع لا يعلم عنها شيئاً و حان الوقت الان لاقحام الشرطة في الامر .
مرت الساعات و القلق بادٍ على الجميع ولكن لا فائدة ترجى و تركوا الامر للشرطة ولكن صقر خرج يبحث عنها بمساعدة اصدقائهِ وكان الغضب يتطاير من عينيه بعد ان تذكر ذلك الرجل الذي يقف تلك الليلة واخبر الشرطة بتفاصيل تلك الليلة و تاريخها و اظهرو الكاميرات ولكن وجهه لم يكن واضحاً و حاولوا البحث عنه في كاميرات الشوارع المجاورة و استمر البحث عنه تلك الليلة .

البارت قصير و كاتبتة منذ وقت طويل الا انني انهيته اليوم اسفة على التاخير و تحمسوا معي للاحداث الجديدة

The unknown Doctor ( الطبيب المجهول ) 💌حيث تعيش القصص. اكتشف الآن