ليالي ديسمبر 2021 | part7

22 1 0
                                    

لقد ساد صمت غريب بين عزيز و جُمان  .. و ها هو يختفي لايام طويلة من جديد .. لم يكن غيابه جيداً فقد كانت جُمان تعيشُ قلقلاً لا مثيل له .. و تحاول الوصول اليه ولا تملك حتى رقم هاتفه .. لا تعلم ما سبب تحفظه هكذا لا تعلم ما سبب لعبة الطبيب المجهول التي يلعبها مع جمان .. ولكن و بعد كل صراعات الافكار التي تخوضها ، تهدأ و تذكر نفسها بانهما ليس شيئاً حقيقياً وان ما عاشته معه محض صداقة او تعارف لا اساس له ...
تلك الليلة كتبت جُمان :
العاشر من ديسمبر
كتبتُ لك و مسحتُ ما كتبت ..
هاجس الخوف أثبت سيطرتهُ علَّي ..
خوف ْ .. و لكن من ماذا ..؟!
اغلالٌ الخوف التفت بثباتٍ حول معصمَّيَ
منعتني من الكتابة ، منعتني من الوصول اليك
منعتني من أن أمّد كلتا يدي نحوك أملاً بالوصال
و لكنها لم تمنع قلبي من حُبك ..
ولم تمنع رأسي من التفكير بك و مُقلتَّي مِنَ التوهجِ بشرارةِ الحُب تجاهَك ..
صراعٌ ما بين احساسي و تفكيري
صراعٌ قد خلتُ نفسي ذاتَ يومٍ بأنني لن أفقد نفسي فيه ولن افقد سيطرتي عليه ..
و لكنني قد خِبت ..
كان مظهري الثابت و هيئتي القوية تُشير الى صلابةٍ تتحلىٰ بها إمرأةً لا يهز مشاعرها شيءْ و كانت عيوني هي الأُخرىٰ تُشيرُ الىٰ شيءٍ آخر ،
شيءٌ آخر أنتَ أعلمُ الناس به و أكثرهم إدراكاً اليه ....
أتعلمُ يا عزيز ، لقد كتبتُ لك في نهاية الشهر الماضي في السابع والعشرون من نوڤمبر رسالة لم استطع ان ارسلها ايضاً ، لم تكن رسالة بقدر ما كانت أُمنية :
" إنهُ الليل مرةً أُخرى يا حبيبي
هدوءٌ تام يُسيطر على شوارعَ المدينةِ
ولا شيءَ يُلهيني بليلِ الشتاء الطويل سوىٰ الذكريات
أشباحُ حُبنا تحومُ فوق رأسي و تتخبطُ الذكريات أمام عينّي
إنهُ الليل يا حبيبي و ها أنا وحيدةً من جديد
و كل الأُمنيات لم تزَّل عالقةً في داخلي حتىٰ الآن و إنَّ تحقيقها يتربعُ عرشَ قائمة المُستحيلات ، كـ أنّ أكونُ معكَ في هذا الوقت على سبيل المثال ؟! "

لم تستطع ان ترسل جمان هذهِ الرسالة ، فقد كانت اعترافاً صريحاً بحبها له .. كان يعلم جيداً وكانت هي الاخرى تعلم بمشاعرهِ تجاهها ..
" كان الأمر أشبه بأنها تريدهُ أن يعلم ، ولا تودُّ إخباره "

كانت تستيقض كل صباح مع قرار الاقلاع عما يحدث و التوقف في نقطة ما و لكن كل الاغنيات كانت تذكرها بحديثهِ .. لم يكن يكتب كان يختصر مشاعرهِ في أُغنية ما .. اخر اغنية كانت " لما بتوحشيني / فضل شاكر "
" لما بتوحشيني بحط ايدي على قلبي كإني بضمك ليا ، و اسمع صوتك جوم مني و انا مغمض عينيا وافتكر كل الي بينا ده الي بينا مش شوية "
اليست هذهِ الكلمات وحدها كافية بل وانها اكبر من اي اعتراف يتكأ على كلمةٍ واحدة ..
في الرابع من ديسمبر كتبت جُمان في دفترها :
" كنت اشعر بطمئنينة عظيمة معك و هذا اعظم شعور يقدمه المرأ للآخر "
لم تكن جمان هكذا مع اي شخصٍ آخر حتى مع أقرب صديقاتها ..
مرت الأيام بشكل مُتتالي و لم ترسل له جمان سوى رسالة واحدة : أين أنت ؟! أتمنى ان تكون بخير ..
كانت تتفقد الرسالة يوماً بعد يوم ولكن لم يفتحها حتى الآن .. ربماً مكروهاً اصابه او اصاب احدٌ من عائلته .. لمّ كل هذا الغياب يا عزيز لماذا تجعلني ادور في دوامه الافكار هكذا ..
في الثامن عشر من ديسمبر 2021 كتبت جُمان في دفتر مذكراتها :

" اتقلب بين طيات الذكريات ، فأذهب الى لقائنا الاولِ تارةً و الى آخر حديث بيننا تارةً أُخرى ..
كل الاحاديث التي لم تزل حتى الآن عالقةً في رأسي تجرني نحو نهايةٍ واحدة الا وهي شوقي و حاجتي الماسة اليك ..
في هذا الوقت من مُنتصف الليل ، سكونٌ يسيطر على شوارع المدينة
وحده الضجيج الذي لم يستكِن حتى الآن كان في قلبي ها هُنا ...
برد الشتاء و للمرةِ الاولى لم يجعل اطرافي تنتفضُ برداً فقد كان كل شيءٍ فيَّ يحترق .. نيران الخوف شبت بداخلي و لم تنطفئ
حتى أصبحت كل الدقائق رمادٌ في رمادْ ..
و بات الوقت مُنطفئاً لا حياةَ فيه بعد كل ِهذا الغياب الطويل ..
أينَ أنتَ الآن مني و أينَ حلت بك الأرض
في أي سماءٍ أنت و في أي أغنية سوف اجدك بعد هذا الضياع الذي غطى عليَّ مثل سماءٍ متكدسةٍ بالسواد ..
ليس من الانصافِ أن نُبتلع في فوَهَةِ الحيرةِ هكذا ..
ليس من الانصاف ان ارفع رأسي ولا اجدك .. ان اكتب لك وما من مُجيب لرسائلي ..
الىٰ متى يا اللهي سوف يستمر هذا الخوف ، هذهِ الحيرة و هذا القلق العظيم الذي يبتعلني يوماً بعد يوم ؟! ...

في هذا اليوم بالتحديد الثامن عشر من ديسمبر 2021 في تمام الساعة الحادية عشر مساءً اجاب عزيز على رسائل جُمان أخيراً ..
لقد صُعقت جُمان بخبر مرض عزيز
هي التي كانت تخشى حدوث مكروه لاحد من عائلته خشية ان يصيب قلبه الحُزن ، هاي هي الآن تقف مصدومةً امام هذا الخبر الأليم ..
انها الأيام من جديد تختبرُ صبرها من جديد ..
ارسل لها رسائل باهتة تخلو من الطاقة والحيوية التي لطالما استمدتها منه
كان مُتعباً و حزيناً ذات الوقت ولكنه لم يُظهر شيئاً من ذلك فقد كان يبدوا دائماً صلباً قوياً مؤمناً بقضاء الله تعالى ..
كتب لها أخيراً قبل ان يرحل مرةً أخرى في رحلة العلاج :
" إنني بخير ، الحمدلله، عندما أتفرغ سأردّ عليكِ ، لا تقلقي انها فترة مؤقتة و سينتهي كل شيء ، ادعي لي في صلواتك "
لم تكن تعلم جُمان بأنها ستكون أصعب فترة في حياتهما و بأنها لن تتمكن ابداً من لقائه بعد ان اصابه السرطان ..

__________________

تاخرت بنشر هذا البارت ولكن ستكون الاجزاء القادمة في وقت قريب
ارجوا المتابعة والدعم .

The unknown Doctor ( الطبيب المجهول ) 💌حيث تعيش القصص. اكتشف الآن