#قصة_قصيرة 📚
كان عليها أن تقطع كل تلك المسافة لتصل إلى مدرستها المنفية حيث تدرس هناك في ربوة على جبل تواجدت. تمشيها مشيا مع قلة متفرقة ممن يشبهنها في الحياة، كل أنواع الشقاء تعترض مسالكهم، برد وشتاء واحتياج، نعم هؤلاء هم من نسيتهم الوعود الكاذبة. فزهرة تلك الطفلة البريئة صاحبة الابتسامة التي ما فارقتها يوما رغم المحن، فقد صمدت بتحديها، منذ أن بدأت تعي بالوجود طموحها سبقها ليأخذ بيدها، حتى ما عاد لها هَمٌّ سوى أن تحقق حلمها الذي هو حلم أمها، وأن تحصل على درجة من العلم تؤهلها أن تجد مكانها بين الناس. فالعوز لن يمنعها، هذا ما ظلت تردده ، لقد عاهدت نفسها أن لا تخيب أمل من أتت بها إلى الحياة، عليها أن تتحدى كل شيء بما فيها الصعوبات والمشاق.
تلك هي زهرة نعم وهي بالفعل كزهرة برية، نبتت فوق تربة وعرة على جبل صامد. لتتحمل قيظ الحر وقساوة البرد.
ما إن تصل إلى المدرسة حتى تنزع عنها قطعة البلاستيك، التي كانت تغطي بها نفسها ومحفظتها. تنسى ما عانته في الطريق، فتصغي بكل جوارحها ما يلقيه عليها الأستاذ، لتخزنه في ذاكرتها بل في قلبها حتى يزداد نورا. وتتفتح أكثر فتغذو أكثر عطاء. تعطر كل من صادفته بعبق كلامها.عشقت زهرة الطبيعة فعشقتها تلك الأخيرة، وما بخلت عليها حين أسقتها الصفاء والطهر وأيضا التحدي. كل مساء كانت تجتمع وأفراد أسرتها على كوب الشاي الساخن، تعده أمها بحب مع الفطائر الساخنة والزبدة الطرية، كل شيء كان من صنع يد أمها تلك اليد المعطاءة المضحية. كيف يعقل أن لا ترد إليها بعض مما منحتها إياه؟ أكيد سوف تعمل المستحيل لتدرس وتصل، وتصبح لها وظيفة تعوض تعبها. هذا ما أخبرت به أمها يوما التي بدورها نصحتها أن تهتم أكثر بدراستها قائلة:
- بنيتي واصلي دراستك بجد، وتشبتي بها لتبلغي مرادك حتى لا تُشْقيك الحياة
- لا تقلقي أمي أعاهدك أن أعوضك تعب كل يوم عانيت فيه ذل العوز.
هذا ما كانت تجيب به أمها تلك الأخيرة وهي تسمع ذلك ترتسم على وجهها ابتسامة الرضى، تنسيها تعب الحياة.على ضوء القنديل كانت زهرة تجتمع وإخوتها الصغار ليلا، لقد كانت كبراهم تحكي لهم ما تعلمته، وأحيانا تسرد لهم القصص التي يرويها الأستاذ عند انتهاء الدرس في آخر الحصة. رغم البرد وقساوة الجو، فالبيوت في تلك القرية أغلبها بنيت من الطين، إلا أن الدفىء كان يغمرهم منبعثا من قلوبهم النقية، فما يلبث أن ينسيهم مرارة الحياة. بل وتجاهل من لهم يد في ذلك.
تعلم أن حياتها لن تكون سهلة قريبا سوف تجبر على الرحيل، لتلقي العلم بعيدا عن قريتها. ذلك ما كان يؤرقها ووالديها، ليظل سؤالها معلقا تسأله يوميا بينها وبين نفسها، ودت لو صرخت بأعلى صوتها لعل العالم يسمعها. متى تنتهي معاناتي؟ تمنيت أن أكمل دراستي قرب أهلي. لايهم تلك المسالك التي سأقطعها، المهم أن يتوفر لي إمكانية ذلك، بدل أن أبقى منسية.
#سميا_دكالي
أنت تقرأ
خواطر (تابع)
Romanceالاختلاء رفقة الكتابة في ركن منعزل نور يبدد الظلام وجواب لكل سؤال غامض حاولت التملص منه فطاردك غصبا عنك ! فكم سألت قلمي لماذا تترنح أحيانا ؟؟ أجابني ليس لأني لا أريد بل كوني أخشى عليك كم أعشق قلمي💕 هذا الكتاب يحمل كل ما يخالج خواطري🍁 وأتمنى أن يلق...