الفقدنام أحمد الطفل المدلل وأسرته الصغيرة متأخرا بعد أن قضى أمتع الأوقات، ربما ينسى ذاك الخبر الذي سمعه من والده عن احتمال حرب آتية. لقد كان الصغير بعد أختيه إلا أنه فطنا ويفهم ما يحدث حواليه بسرعة، تلك الليلة التفوا حول أمهم حكت لهم أغرب القصص. استمتعوا وهم ينصتون لها باهتمام. ليلتهم هذه ما شبهت الليالي التي مرت، لقد كان جل أوقاتهم يقضونه في الألعاب الالكترونية ومشاهدة افلامهم الكرتونية على شاشة التلفزة، لكن اليوم كان مختلفا احساسهم قادهم الى أن شيئا سيحدث. عليهم أن يقتربوا من بعض خوفا من الفقد.
تحاول الأم تهدئة الوضع بخلق جو من الطمأنينة التي غابت عنهم منذ ان عصفت بهم رياح الحرب، فما عاد الأمان يسكن القلوب، ينامون ولا يدرون هل سيكتب لهم العيش مرة أخرى أم أنهم سيكونون في عداد الاموات؟ كلما خُيِّل لهم ذلك تقشعر أبدانهم من الهلع. طبعت الأم على ابنها قبلة الليل وتمنت له أحلاما لذيذة سألها:-كيف سأرى أحلاما جميلة والكل يتكلم عن الحرب حتى بات الخوف يسكننا؟
-لا تخف ابني نحن نسكن في ملجأ بعيد عن المكان الذي يحتمل أن يصاب بأية قذائف صاروخية.
-تبسم احمد لكنه رد عليها:
وهل الكل الآن في ملجأ آمن؟طمأنته أمه وأجابته أن لا أحد سيموت إن لم ينقضي أجله ويريد ذلك ربه، ما الحرب التي تكون السبب فقط، بل قد تتعدد الأسباب والموت واحدة، ما أرادت بقولها هذا سوى أن تبعد عنه القلق والخوف، لينام بسلام مصورة له أن بيتهم جاء في موقع بعيد عن الخطر، قرب الأمكنة التي يلجأون إليها حين تدوي صفارة الإنذار هروبا من الحرب وشرها.
غلبه النوم فغاب عن الوعي إلى عالم آخر، رأى نفسه في حديقة غناء، كل شيء فيها يغني مياه نافورة تنبعث منها أنغام موسيقية تحدثها صوت خريرها. توسطت المكان، فأضفت عليها بهاء تسر كل من رآها، وتخلق البهجة في النفوس. لم يحول أحمد نظره عنها خصوصا عند رؤيته لعصافير تشرب من مائها وهي تغرد أعذب التغاريد. وبينما هو سارح تراءت له أمه وأختيه من الناحية الأخرى، أراد اللحاق بهم لكنهم غابوا عنه. ما لبث أن سمع دوي مهول وكأنها قيام الساعة، استيقظ ليجد نفسه محمولا، يجري به أحدهم دون توقف.
وصل به إلى ركن منزو وأنزله ليعود جريا إلى البيت، قبل أن يصل إليه كانت مفاجأته صادمة، لم يجد سوى الدمار الكل اختفى. بدأ يبحث الأب كالمجنون عن ابنتيه وزوجته أدرك أنهم طمروا تحت الأنقاض، لِما لم ينقذهم جميعا بدأ يلوم نفسه وهو ينتحب؟
كيف له أن يعلم بكل ما كان سيحدث؟ هو القدر كان راسما له حياته التي ستكون رفقة ابنه الصغير فعليه أن يرضى بما دونه له. لقد أتى ذلك بمحض الصدفة، حين نهض فجأة الى المطبخ ليروي ظمأه، وذهب بعدها إلى غرفة أبنه ليلقي نظرة عليه، فسمع على إثرها صفارة الإنذار. حمله دون وعي وجرى به لا يدري إلى أين؟ عاد ليجد الخراب. أما أحمد بقي واقفا كالصنم مع أشباهه من الأطفال الذين فقدوا أهاليهم هم الآخرين ينظر بعين دامعة إلى أبيه.
إنها ضريبة الحرب يخوضها الأقوياء لأجل السلطة، ولا يدفعوا ثمنها إلا الضعفاء، ليجنوا وراءها الفقد والفقر والمعاناة...#سميا_دكالي
أنت تقرأ
خواطر (تابع)
Romansaالاختلاء رفقة الكتابة في ركن منعزل نور يبدد الظلام وجواب لكل سؤال غامض حاولت التملص منه فطاردك غصبا عنك ! فكم سألت قلمي لماذا تترنح أحيانا ؟؟ أجابني ليس لأني لا أريد بل كوني أخشى عليك كم أعشق قلمي💕 هذا الكتاب يحمل كل ما يخالج خواطري🍁 وأتمنى أن يلق...