استيقظت ليندا بعد حوالى ثلاث ساعات من النومِ لتتناول غدائَها مع والدتِها التى تشوقت كثيرًا لتروي لها ابنتُها ما حدث معها في أولِ يومٍ في الكُليةِ، خاصةً أنها تعلم جيدًا أنها لم تختار هذه الكليةَ برغبتِها بل إرضاءًا لها -والدتها-.
دخلت ليندا المطبخَ لتجد والدتها قد أعدّت المائدةَ و ما إن رأتها حتى قالت بحبٍ:
-لي لي، كُنتُ سأذهب حالًا لإيقاظِكِ!
تعالي اجلسي صغيرتي.ابتسمت ليندا و سحبت كرسيًا لتجلس عليه ثم لفت رأسَها لتُنادي قطتها "بيلا" والتى خُصِص لها كرسيٌ مع الوالدة و الابنة و مكانٌ مميزٌ بجوارِهم و كأنها الفردُ الثالثُ لهذهِ العائلةِ الصغيرةِ.
جلسوا جميعًا على المائدةِ و بدأوا في تناولِ الطعامِ في صمتٍ قطعته الأم حينما قالت:
-أخبريني صغيرتي، كيف كان يومُكِ؟تأفافت ليندا بمزاحٍ و قالت:
-أُمي!
لم أعد صغيرة.. أصبحتُ طالبةً جامعيةً، حتى أنني أصبحتُ أكثرَ طولًا منكِ!ضحكت الأمُ ثم قالت بحنانٍ:
-و حينما تُتمي عامَكِ المئة؛ سأراكِ صغيرتي،
هذه الطفلة التى حملتُها على يدي للمرةِ الأولى و فتحت لي عينيها البريئتين وما إن رأتني حتى ابتسمت إبتسامةً ملائكيةً أذابت قلبي!كانت تستمع لها ليندا بعينين لامعتين و قد توقفت عن مضغِ الطعامِ لتُنصت بكلِ حواسِها.
لمعت دمعةٌ في عينِ والدتِها فقامت سريعًا لتُقبّل جبهتَها و قالت:
-و أنا ساراكِ أجمل إمرآة في العالمِ حتى و إن شابت رأسُكِ بأكملِها و فقدتي اسنانَكِ و أخفت التجاعيد ملامحَكِ، ستظلين الأجمل دومًا!مسحت ليندا دموعَ والدتِها وقالت مازحةً:
-هيا يا أمي لا تكوني دراميةً هكذا!
سأحكي لكِ يومي.-بالتفاصيل!
"هتفت الأم مُنبهةً"ضحكت ليندا و قالت مؤكدةً:
-بالتفاصيل.و انخرطتا في الحديثِ و الأمُ تُنصت بإهتمامٍ و هي تتفاعلُ معها.
اختتمت ليندا كلامَها قائلةً:
-ثم هرولتُ سريعًا إلى دراجتي الناريةِ و ركبتها و طِرتُ إلى هُنا.
تلاشت إبتسامةُ أمها و قالت بقلقٍ:
-لِمَ تهربتي منهم في نهايةِ اليومِ و كما قُلتي يبدو أنهم لُطفاءٌ و ودودون؟
إلى متى ستظلين بلا أصدقاءٍ هكذا يا ليندا؟تنهدت ليندا بحزنٍ و قالت وهي تضغط قبضةَ يدِها:
-تدرين يا أُمي أنني لن أُكّوّن علاقاتِ صداقةٍ مهما كان!
لن يحدث ذلك أبدًا..نظرت ليندا إلى كفِ يدِها الذي انغرست فيه آثارَ أصابعِها و تذكرّت الوجهَ المُحبب لقلبِها أبدًا،
"بيري" صديقةُ الطفولةِ و المراهقةِ و العُمرِ بأكملِهِ!
والتى رحلت عن ليندا بلمحِ البصرِ..
اختُطِفت بلا سابقِ إنذارٍ في حادث سيارةِ أليمٍ و هما في عُمرِ الخامسةِ عشر.
دار شريطُ الذكرياتِ بأكملِهِ في بالِها في ثوانٍ معدودةٍ... حتى توقف عند هذه اللحظة التى كانت تودع ليندا فيها بيري عند بابِ منزلِ ليندا.. ما إن التفت ليندا لتفتحَ البابَ حتى سمعت صوتُ إصطدامٍ قويٍ فالتفت بفزعٍ و قد أحست بقلبِها يخرج من صدرِها و رأت جثتها هامدةً غارقةً في دمائها،
أنت تقرأ
جُنوني الجميل
Romanceأن يبعث أحدهم النورَ بداخلِكَ و يُحدثُ جلبةً في مشاعرِك.. أن يعشقك شخصٌ كما أنت.. بلا أي تزييف!