مرّ الكثيرُ من الوقتِ،
بعد تلك الفترة بأشهرٍ كان وصال قد أعاد علاقته اللطيفة الهادئة بليندا وعادت المياه لمجاريها،
عادت الدراسة مرة آُخرى واقتربا من بعضِهما أكثر وأكثر وجعلته ليندا يعشق القراءة مثلها!
كانا يترددا بشكلٍ شبه يومي على تلك المكتبة الكبيرةِ القريبة من بيتِ كات نوعًا ما.
أما عن علاقتِهِ بأهل كات فكان يزورهما في كل عطلةٍ أسبوعيةٍ يشرب القهوة مع الجدِ مالك ويجلسُ مع بيلا و يتحدث مع أم بيلا المُغرمة به والتي تُعامله وكأنه إبنها بل وأكثر!
حتى جاء اليوم المشؤوم..
كان مالك يُعاني من بعضِ الأمراضِ التي تُصيبُ العجزة ولكن تضاعف الأمرُ وزاد سوءًا وأصبح بين الحياةِ والموت!
ركض وصال سريعًا نحو التاكسي وهو على الهاتفِ مع بيلا التي اخبرته أن جدها في مستشفى المدينة يلفظ أنفاسه الأخيرة،
لم يتأخر وصال بل وصل في دقائقٍ وصعد له والدموع تملأُ عينيه،
مالك لم يكن شخصًا عاديًا بالنسبةِ له!
بل هو ابن كات..كات حبيبته،
حتى أنه يحمل رائحتَها!
كانت ليندا تعلم عن مرضِ مالك لكنها لم تكن تعلم بأمرِ نقلِهِ إلى المستشفى،
كانت ترتشف كوبًا من الحليبِ الدافيءِ كعادتِها مع والدتِها حتى شعرت بضربةٍ قويةٍ في صدرِها!
تأوهت وتركت الكوبَ و في لحظةٍ نست كلَ شيءٍ وصاحت:
-وصال!!
يبدو أن به شيء!!-ألم تكوني معه منذ قليلٍ؟
"سألت الأمُ بدهشةٍ"-نعم، تركته في المكتبةِ وعدتُ..سأتصل به الآن.
"ردت بتوترٍ وقد إلتقطت هاتفَها سريعًا"اتصلت به ولم تمر ثوانٍ قليلةٍ حتى رد وصال بصوت مبحوحٍ:
-أهلًا ليندا..أنا في المستشفى.صرخت:
-ماذا؟
أين ولِمَ؟
هل أصابك شيءٌ؟كان يركض وصال ويلتقط أنفاسَهُ بصعوبةٍ وقال:
-لا..لا تقلقي
أبعد الهاتف ونظر حوله ليقول:
-لقد اقتربت من الحجرة.-ماذا؟ "سألت ليندا وهي مازالت في حالةِ الفزعِ"
قرَّب وصال الهاتف من أذنِه وقال:
-مالك يا ليندا..يبدو أنه في لحظاتِهِ الأخيرة،
أنا في مستشفى المدينة.تنفست ليندا براحةٍ وقالت:
-حسنَا إهدأ،
أخبرني أين هو تمامًا وستجدني معك حالًا.
أملى عليها العنوانُ سريعًا وأغلق الخطَ حتى بلا وداعٍ؛
ودخل الغرفة ليجد مالك على السريرِ مُحدقًا في اللاشيءِ وهو شبه فاقد للوعي،
حوله عائلته و الكثيرُ من الأجهزةِ على صدرِهِ و وجهِهِ و المحلول المُعلق والذي طرفه على كفِهِ.شعر وصال بغصةٍ في حلقِهِ عندما رآه هكذا وأدرك أنها النهاية ونظرات عائلته المودعة له أكدت له ذلك.
إقترب منه وقال بحنانٍ ممزوجٍ بالخوفِ:
-مالك..لا تُقلقنا عليك يا صديقي!وفي حركةٍ صدمت الجميع إنتبه له مالك وحرك رأسَهُ ببطءٍ شديدٍ حتى وقعت عيناه على وصال الذي إقترب أكثر ليُسهل عليه الأمرُ وابتسم بصعوبةٍ له فقال مالك بحشرجةٍ وصوتٍ يكادُ يُسمع:
-حان وقت رحيلي لوالدتي يا مالك..إنتبه على نفسِكَ فهي تحبك كثيرًا،
وإنتبه على أهلي...
أماء له وصال سريعًا مرات متتاليةٍ وقال له وهو يحضن كفَهُ بين يديهِ:
-لا تقلق عليهم يا مالك،
إنهم من رائحةِ كات...إنهم جميعًا في قلبي.
أنت تقرأ
جُنوني الجميل
Dragosteأن يبعث أحدهم النورَ بداخلِكَ و يُحدثُ جلبةً في مشاعرِك.. أن يعشقك شخصٌ كما أنت.. بلا أي تزييف!