الفصل الرابع عشر

8 2 0
                                    

بدلت ليندا ملابسها وألقت جسدَها على تلك الأريكةِ المواجهة للنافذةِ،
بدأت رحلةَ تفكيرها الطويلة وهي تتأملُ الليلَ الذي يحلُ تدريجيًا ويُظلم السماءَ..
تُفكر في كلِ حرفٍ نطق بهِ وصال و العديدُ من الأصواتِ في عقلِها تتحدث وتُبدي رأيَها حتى أحست ليندا ببوادرِ صداعٍ يتسلل إلى عقلِها.
رفعت الغطاءَ عنها وأمسكته وقامت لتفتح الشُرفةَ وتجلسُ بها.
جلست على الكرسي و مدت رجليها ولفت جسدَها بالغطاءِ ورفعت رأسَها لتنظر إلى القمرِ والذي بدا هلالًا جميلًا.
وكعادتِها *التي توقفت عنها منذ فترةٍ* تذكرت بيري وكلامَها وبدأت في التحدثِ معها قائلةً و قد أحست بغصةٍ في حلقِها:
-كيف حالك يا صديقتي؟
إنني محرجةٌ منكِ كثيرًا.. أعلم أنني إنقطعتُ عن الحديثِ معكِ لأيامٍ وربما أسابيعٍ.. لكن لا تقلقي مازلتِ في عقلي وقلبي ومازلتِ أحبكِ كما أنا أو حتى أكثر من ذي قبل!

سكتت قليلًا لتستجمع كلامًا ثم قالت مازحةً:
-و أعلمُ أنكِ معي دائمًا وتُراقبيني كما كنتِ تفعلين أيتها الخبيثة!
و أتخيلُكِ دومًا تقفين على بابِ الغرفةِ متكتفةَ الأذرعِ ماطةً شفتيكِ ورافعةً لحاجبكِ الأيمن عندما تجديني مع وصال نمزح سويًا أو نفعل أيَ شيءٍ!
صحيح؟
هل تفعلين ذلك؟

صمتت لتتلقى جوابًا ومنطقيًا لم تجد.

-جاوبيني بيري رجاءًا!
"نطقت بها بحزنٍ وهي على وشكِ البكاءِ"

إستندت بجانبِ رأسِها على الحائطِ و بدأت في البكاءِ بهدوءٍ..
قالت بتقطعٍ:
-عادت لي وساويسي يا بيري رجاءًا عودي لي..
أحتاجُكِ كثيرًا..
انتشليني من كلِ هذا التفكيرِ،
أنا حزينةٌ ومللتُ من الحديثِ مع نفسي يا بيري.

فتحت عينيها على صوتِ رنينِ الهاتفِ الذي تلى آخرَ جملةٍ تفوهت بها فلوهلةٍ أحستها بيري تتصلُ بها إستجابةً لكلامِها.
قفزت من على الكرسي وركضت نحوَ الهاتفِ وبالطبعِ لم تكن بيري المتصلة.. كان وصال.
ضحكت على بلاهةِ تفكيرِها وضغطت بإرهاقٍ على زرِ القبولِ ورفعت الهاتفَ على أُذنِها.

-أهلًا لي لي!
"نطق وصال بترددٍ"

تنفست ليندا بعمقٍ حتى نظمت نفَسَها وقالت:
-أهلًا وصال.. كيف حالك؟

-بخيرٍ.
"ردَّ ثم قال بعد صمتٍ دام لثوانٍ"

-شعرتُ فجأةً أنكِ لستِ بخيرٍ..
كان الإحساسُ قويًا لدرجةِ أوجعت قلبي حقًا!

اتسعت عينا ليندا بصدمةٍ ثم نظرت نحو النافذةِ وهمست:
-هل أخبرتيه؟

-ماذا ليندا لم أسمعكِ؟
"سأل وصال بغرابةٍ"

-لا شيء صديقي..
حدسُكَ قويٌ يا وصال.
"قالتها ساخرةً بحزنٍ"

-ما بكِ؟
لِمَ أميرتي حزينة؟
"سألها بنبرةٍ حانيةٍ"

-أودُّ أن أراكَ.
"ردت سريعًا وقد عادت للبكاءِ"

-حسنًا حسنًا إهدئي!
هل أستطيعُ أن آتي إليكِ أم نتقابل في الخارجِ؟

جُنوني الجميلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن