دقّت السابعة صباحًا و صوتُ دقّات قلب ليندا مرتفعٌ،
قلبُها يخفق بشدةٍ و هي تنظر للساعةِ كلمّا رأت الميعاد يقترب يزدادُ توترُها بشكلٍ مُبالغٍ به.ستخرج من عزلتِها التى امتدت لسنواتٍ،
سنواتٌ عديدةٌ لم تكن ترى فيها وجهًا ولا تتحدثُ مع شخصٍ سوى والدتها وبيري، وبعد وفاةِ بيري لم تتعامل ليندا مع البشرِ أبدًا وانفصلت عن العالمِ الخارجي.كّونت عالمًا خاصًا بها يختلف كثيرًا عن الواقعِ، لا يوجد به سوى والدتها و قطتها اللطيفة و ذكريات بيري التى لا تُغادر عقلَها أبدًا!
أخبرتها والدتُها قبل دخولِ الجامعةِ أنها يجب أن تحتكَ بالبشرِ و تتعامل بشكلٍ طبيعيٍ، و أن تتعود أن العالمَ كبيرٌ و يجب أن نتعايش.
أفاقها من شرودِها صوتُ طرقِ البابِ فرفعت عينيها من على ساعتِها للبابِ المُغلقِ و قالت بخفوتٍ:
-تفضلي أمي.دخلت الأم بإبتسامتِها الحنونةِ و هي تحملُ طبقًا به كعكُ شكولاتة من نوعِ ليندا المُفضل!
ابتسمت ليندا ولمعت عيناها و ما إن إقتربت الأمُ اتضع الطبقَ بجوارِ سريرِ ليندا حتى طوقت ليندا عُنقَها بذراعيها و قالت وهي تدفن وجهَها في أحضانِ والدتِها:
-أحبك أمي، كثيرًا وأكثر من كلِ شيءٍ.خرجت ضحكةٌ عفويةٌ من الأمِ فتعلم ليندا كمّ تُحب أمها هذه الجملةِ،
فهي أول عبارة حبٍ نطقت بها ليندا لتُعبر لوالدتِها عن مشاعرِها،
حينما كانت في السادسةِ من عُمرِها، جاءت مع بيري من المدرسةِ وجلستا سويًا على أرضِ المطبخِ،كانت ليندا تتأمل والدتها بإعجابٍ و قد لاحظت الأمُ ذلك فالتفتت لليندا لتسأل بعدمِ فهمٍ:
-ماذا بكِ صغيرتي؟
فهتفت ليندا بعفويةٍ وهي تفتح ذراعيها شرحًا:
-أحبك أمي، كثيرًا و أكثر من كلِ شيءٍ.
وخرجت مع بيري سريعًا بحماسٍ،
وقد فهمت الأمُ فيما بعد أن درسُ اليومِ كان عن الأمِ، هذا ما جعل ليندا تُدرك حياةَ الأمهات وصعوبتِها و جعلها بتلقائيةٍ ترى أمها "بطلةً" يجب أن تُشكر و تُقبّل و تُحضن و تُحب.ربطت الأمُ على شعرِ ليندا و سألت بإهتمام:
-هل حضرتي ملابسَكِ و اكسسواراتَكِ؟هزت ليندا رأسها نفيًا فقالت الأمُ بنبرةِ حثٍ:
-هيا ليندا كي لا تتأخري عليهم،
هيا لتستمتعي بوقتِكِ مع أصدقاءٍ جُددٍ لُطفاء مثلهم!عبست ليندا بطريقةٍ طفوليةٍ فقبّلت أمها جبهتها وقالت:
-هيا لنُحضر الملابسَ سويًا.ابتسمت ليندا فجذبتها أمها من يدِها لتقفا أمام الدولابِ،
بدأت الأمُ في إختيارِ الملابسِ و كالعادة لا يُعجب ليندا شيئًا من تنسيقاتِ والدتِها فوكزتها أمها في ذراعِها و رمت الملابسَ من يديها و خرجت غاضبةً من الغرفةِ تتبعها ضحكات لي لي.
إختارت ليندا بنطالًا قماشيًا أسودَ اللونِ واسعٌ من الأسفلِ و قميصًا أبيضًا بسيطًا للغاية و أضافت على الطقمِ قرطًا و سلسلةَ رقبةٍ من الفضةِ حولا الطقمَ لشيءٍ مُلفتٍ للأنظارِ، رغم كونها لا يهمها الأمرُ كثيرًا إلا أنها تعمدت اليومُ أن تبدو جميلةً فإنها المرة الأولى لها معهم،
فتعاملُهم في الكليةِ كان قليلًا و يكادُ يكونُ معدومًا و إنها السهرة الأولى لها معهم!
-----------------------------------------------------------
ركبت دراجتَها النارية و الخوذةَ و انطلقت حيثُ المكان التى اتفقتا الفتاتان على أن يتقابلا فيه،
عانت ليندا قليلًا مع أزورا فلم تكن أزورا من هذا النوع الذي يقدر على وصفِ الشوارعِ بدقةٍ و حتى لم تكن على درايةٍ كاملةٍ بالمناطق المحيطةِ نظرًا لكونِها جديدة في هذه المنطقةِ.
أنت تقرأ
جُنوني الجميل
Romanceأن يبعث أحدهم النورَ بداخلِكَ و يُحدثُ جلبةً في مشاعرِك.. أن يعشقك شخصٌ كما أنت.. بلا أي تزييف!