فُتح الباب و دلفت منه الخادمة تحمل بيدها صنية طعام ، وضعتها على الطاولة في صمت، ثم وقفت بجوارها ، جلست حياة تتنفس الصعداء ،كانت تظن انه باسم ، لفت زراعيها حولها تحتضن نفسها علها تبث الى قلبها بعض الامان ،تحمحمت الخادمة قائلة
:البيه قال طلعي الاكل للهانم ..و استني لحد ما اتأكد انك اكلتي
بكت حياة عند سماعها تلك الكلمة "الهانم" جلست على الفراش مطرأة براسها و الدموع تتساقط من عينيها كالشلال لا يتوقف، رق قلب الخادمة لها فاتجهت اليها بخطوات مترددة ،ربتت على كتفها ، اما حياة فكأنها كانت تستجدي المواساه من ايا كان ، تتشوق الى من يواسي روحها ، الى من ياخذها بين احضانه مذيلا ذلك الخوف الذي يسيطر عليها، من يربت على راسها محطما ذلك العجز و تلك القيود التي تقيدها ، القت بنفسها فجأة باحضان الخادمة، تبكي و تنتحب كالاطفال تطلق آه خافتة من خلال بكائها ، بكت الخادمة بدورها، ضمتها اليها اكثر ،شعرت و كأن تلك المسكينة كل ماتحتاجه فقط ضمة تطمئنها انها ليست بمفردها ، تشبثت حياة باحضانها تنتحب و بكائها تعلو وتيرته
__________________________________تشرق الشمس باشعتها شيئا فشيئا ، و يتبدد الظلام شيئا فشيئا ، في منزل المنياوي يعم الحزن الأرجاء ،
لم يغفو منهم احد منذ امس فحنان لم تنقطع عن الصلاة و الدعاء ، سارة مازالت في صدمة و زهول غير مصدقة لما يحدث ، اما منصور فيشعر و كأن روحه معلقة برؤيتها أمامه سالمة ، اتصل بجميع معارفه، و من لا يتمني فقط خدمة منصور المنياوي؟ ، و برغم من ذلك لم يعثروا عليها،
استقام منصور يتوجه نحو نافذة المكتب ، لم يتوقف عقله عن التفكير ، شرد قليلا ، و فجأه .. اتسعت عينيه لاخرهما ، تذكر مقابلته لرشدي في الشركه و كلمته
" هتيجي تبوس رجلي قبل ايدي" انتفض مسرعا يلتقط مفاتيحه و تفكيره يهيئ له اسوء الخيالات التي من الممكن ان يفعلها رشدي بحياة ، و صورة اخته امام عينيه غارقة بدمئها ، الغضب تمكن منه ، انفاسه تحترق يتوعد لرشدي بالهلاك ، خرج مسرعا ، ركب سيارته و انتطلق بها كالبرق يسابق الريح
__________________________________
استمع الى نداء ربط احزمة الامان فالطائرة على وشك الهبوط إلى ارض مصر ، شعر بشعور غريب ، راحة بداخله توهجت فور وصوله ، ربما شعور الانتماء الي موطنه الاصلي ، و ربما الابتعاد عن ما يؤرقة و يطفئه ،
نزل من الطائرة متوجها نحو صالة المطار يهاتف صديقه يوسف فاخبره انه عالقا في إزدحام المرور و طلب منه انتظاره
فجلس على احدى طاولات المطار ينهي بعض الاعمال من خلال حاسوبه الخاص .
___________________________________
دلف الى غرفتها وجدها تغفو جالسه تستند بظهرها الى عارضة الفراش مريحة رأسها على ركبتيها اقترب منها بخطوات بطيئة يتأمل وجهها و بقايا دموع ،بعضها جف على وجنتيها والبعض الاخر مازال عالقا باهدابها ، اقترب اكثر يمد يده الى وجهها ،يتحسس وجنتيها، ففتحت عينيها فجأة تنتفض شاهقة بخوف ، ترجع بظهرها زاحفة الى الوراء ، فسقطت من اعلى الفراش ، نهضت مسرعة رغم آلام ظهرها تتراجع الى الخلف متسعة العينين ، تشتد خفقات قلبها رعبا و كأنها تتسابق ، حتى لامس ظهرها حائط الغرفة ، تحفزت جميع جوارحها لاي حركه تصدر منه .
اما هو وقف يشاهد زعرها و خوفها بانتصار فذلك سيسهل عليه مهمته كثيرا ، اقترب منها ببطئ شديد يزيد من توترها و خوفها ، لتلتفت هي تنظر حولها تبحث عن شيء تحتمي به اخذت تمثال صغير بجوارها و وجهته نحوه في تهديد واهي ..بعدم الاقتراب أكثر ، ابتسم ابتسامة انتصار ..سخرية..اعجاب ، لم تستطيع ان تفسر تلك الابتسامه سوى بانها "بغيضه" ، كم بغضتها ، كم تود تشويه ذلك الوجه و تلك الابتسامة بضربة واحدة ،
نظر لها نظرة مقذذة قائلا
: اجهزي عشان هنتحرك دلوقتي
لمح بعينيها نظرة تمرد ، عناد ، فاردف قائلا
: و ما تنسيش ..ان بمكالمة واحدة مني و تقري الفاتحة على روح خالك
تساقطت دموعها تنتحب ببكاء مرير ، فاردف قائلا
: و ما تخفيش انا مش هقربلك..
توقفت عن البكاء تشهق شهقات متتالية ، تذدرد ريقها ناظرة اليه ، تتأكد من صدق قوله
ليبتسم ابتسامة مستفزة قائلا
: هنا ..مش هقربلك هنا ..اعملي حسابك اول ما نوصل هنتجوز رسمي
اردف و هو يرفع كفي يده بجوار كتفه
: عشان تعرفي ان انا حقاني ،
ثم خرج ضاحكا من الغرفة يوصد الباب خلفة
خرت حياة باكية ارضا لا تعلم ماذا تفعل ،و أي كارثة وقعت بها ،رفعت نظرها الى السماء تردد
:ياااارب .. ياارب
_________________________________
توجهت حنان ناحية المكتب تتفقد منصور فهي تعلم انه لم يغفو طوال الليل قلقا و خوفا علة حياة ، دلفت الى الداخل فلم تجده شعرت بالقلق ، التقطت الهاتف تتصل به ، فرد عليها
حنان بلهفة : انت فين .. عرفت حاجه عن حياة
منصور و هو يصك اسنانه ببعضها غضبا و الشرر يتطاير من عينيه
: رشدي..مفيش غيره
اتسعت عيني حنان تقبض على صدرها فهي تعلم تماما ما بين رشدي و زوجها ، انقبض قلبها بشدة ، تهدأ من روعه قائلة
: منصور ..ما تتهورش ، ده مهما كان ابوها مستحيل يأذيها
ارتسمت معالم السخرية على وجه منصور ليتكلم زاعقا
: اب ايه.؟! .. اب ايه يا حنان؟.. انت نسيتي هو عمل ايه ؟..
اغمضت حنان عينيها تحاول تهدأته فهو على وشك ارتكاب جريمة قتل
حنان :ما نستش يا منصور..ما نستش بس ارجوك اتصرف بعقل
لتصمت قليلا ثم اردفت تنبهه
: حياة محتجالك ..ما تسيبهاش لوحدها
زعق منصور على الجانب الاخر من الهاتف قائلا
: اقسم بربي لو هو اللي ورا اختفائها ده ما هرحمه
ثم اغلق الهاتف ضاغطا على مكابح السيارة اكثر يزيد من سرعتها للوصول اليه .
تفاقم الخوف بقلب حنان لتدعو الله في قلقل قائلة
:يارب هات العواقب سليمة يارب ..يارب احفظها و نجيها يارب
__________________________
أنت تقرأ
أحيت قلب الجبل
Mystery / Thrillerهو ثابت كالجبل .. مهما عصفت الرياح .. او رعدت السماء ..لم يهتز ،ارسل له القدر نسمة هواء تحمل له زهرة ..استوطنت بقبله .. فدبت فيه الحياة