وصلت سارة الى المقهى تبحث بعينيها عن سالم ،تتمنى الا تجده وتعود ادراجها مرة اخرى ، لكن ضاعت امانيها عندما رفع سالم يده يشير لها جالسا بإحدى الطاولات الجانبية ، تقدمت اليه بخطوات ثابته، وانف مرفوع وعيون واثقة .. وقلب يرتجف .. تمتلك هي القوة لإخفاء ذالك الارتجاف
جلست امامه قائلة مباشرة وبدون مقدمات ،
: خير ..؟
نظر لها ثم تنهد يحث نفسه على الصبر، رد قائلا باستنكار
: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
ردت بنفاذ صبر
: لو سمحت قول انت عاوز ايه لأني مش فاضيه .
جز على اسنانه غيظا ، لكنه اخفى غيظه ، نظر بجانبه ،ثم اعاد نظره اليها مرة اخرى بتأثر مصتنع قائلا
: عارف ان من حجك تزعلى ..وتعملي اكتر من اكده كمان ،
ثم تنهد تنهيدة عميقة مردفا
: هقول ايه بجى.. الله يرحمه عمي هو السبب فى اللي احنا فيه ده..
لتغيم عينا سارة بسحابات من الحزن ، كم كانت تتمنى وجوده بجوارها ، كم كانت تتشوق لتذوق دفئ احضان الاب كما تسمع عنه ، "لكن لا يدرك المرء كل ما يتمنى"،
التمعت عينيه بثعلبية عندما لمح بنظرة عينيها ذالك التغير، وقد لمس وترا ما في احساسها فأردف بحزن وتأثر مصطنع
: اني موافج نحلو موضوع الورث ودي ،ولا محاكم ولا يحزنون ، لكن ليا شرط ..
انتبهت سارة اليه والى كلمة "شرط " لترفع حاجبها الايسر تشتعل عسليتيها غضبا ، تربع ايديها اما صدرها تستعد للهجوم عليه بوابل من الكلمات ،استشعر هو ذبذبات غضبها فأردف سريعا
: وممكن تسميه طلب ..او رجاء مني ..
ردت قائلة وهي على نفس وضعها
: ايه هو الرجاء ..؟ احب اعرفه
اسبل لها عينيه بحزن قائلا
: تاجي تجعدي وسطينا ..ناكلو في طبج واحد ويبجى عيش وملح ..نتعرفو عليكي .. وتتعرفي علينا
ترددت افكارها للحظة .. تشتتت ،..تفتقد ،بل تفتقر ذالك الشعور بوجود عائلة .. لم تختبره قط ، وقد اردف سالم يطرق "على الحديد وهو ساخن" قائلا عندما رأى ترددها
: اجل ما فيها ..تشوفي جدتك ..تشمي فيها ريحة ابوكي اللي ما شوفتيهوش قبل سابج..
نظرت له بعدم تصديق ..هل حقا لها جدة ..هل ستتقبلها بعد تلك السنوات .. هل حقا تجد فيها اثر والدها الذي لم تراه في حياتها قط ، اذدردت سارة ريقها ببطء ترمش بأهدابها في تفكير ، فرد سالم قائلا وهو يخرج من جيب عبائته ورقة مدون بها جميع ارقامه
: انا هسيبك تفكري .. وتردي عليا على مهلك ، كلميني اول ما تاخدي جرار.
ثم تركها وذهب ..ترك افكارا ..واشواقا لمشاعر عدة لم تختبرها مطلقا .. ، ابتسم بظفر اثناء خروجه فقد تأكد من نجاح خطته، فقد لعب على نقطة احتياجها ، يقدم لها ما تفتقده ...
جلست تفكر ،..شريدة هي كطائر ضل الطريق عن سربه ..وقد عثر عليه اخيرا .. ،تحدث نفسها ماذا سيحدث اذا ذهبت الى هناك ..؟..لن ينقص منها شيء .. ،استقامت تلطقت الكارت من على سطح الطاولة متجة الى خارج المقهى ...
شريدة ..كطائر فقد سربه ..ووجده اخيرا متلهفا متشوقا الي الاحتواء ..لا يدرك أنه.. سرب من سراب..
___________________________________وصلت قوات الشرطة في ذالك الحي الشعبي ،حيث حادث قتل مروع بمنزل مكون من غرفة واحدة .. والمجنى عليها عجوز تكاد تكون عاجزة عن الحركة .. لم يسرق شيء من الغرفة ..او بالأحرى لا يوجد شيء لسرقته ..إذا ما اذي دفع القاتل لإرتكاب جريمة كهذه ..وقف ضابط المباحث ينظر الى جثة عليا بتركيز، افراد المعمل الجنائي يقومون بأخذ سلاح الجريمة و الاحراذ لوضعها تحت الإختبارات و رفع البصمات ، التفت الى الغارقة بدموعها من شدة البكاء، نظر لها باستياء يسئلها قائلا
: ايه اللي حصل ..؟
نظرت له ام ورد تتحدث من بين بكائها
: انا كنت واقفة في البلكونة ياباشا .. وشوفت تاكس واقف قدام بيتها ..، على بال ما نزلت ، كان التاكس مشي دخلت لقيتها غرقانة في دمها ..
ليسألها الضابط مرة اخرى
: ليها قرايب ..او معارف ؟
نفت له ام ورد قائلة
: مالهاش حد ابدا يا باشا ..ماكنش ليها غير ابنها الله يرحمه
اومأ لها الضابط يفكر ، ما الذي يستدعي احد ما لقتل عجوز قعيدة ..؟ اذا لم يكن القتل بنيه سرقة ..ترى ماذا يكون الدافع ..؟
نظر الى ام ورد قائلا
: تعالى معانا ..هنحتاج اقوالك دي في القسم
اومأت له ام ورد تبكى حزنا على فراق صديقتها ...
___________________
وصلت زهيرة بسيارة الاجرة امام الفندق مرة اخرى بمعالم وجه مرتاحه للغاية ،وكأنها لم ترتكب جريمة قتل للتو ..اعطت السائق اجرته وترجلت من السيارة الى داخل الفندق بقلب كالجليد ، لم تتأثر لحظة بكونها أذهقت روح انسان منذ عدة دقائق ، صعدت إلى غرفتها ، اخذت حقيبه ملابسها وترجلت مرة اخرى الى خارج الفندق، بلا عودة ..ستغير مكانها احتسابا لأي شيء قد يحدث ..
هي لا تفكر وتنفذ فقط ..لا .. بل تنسج خطتها بنسيج محكم ..غير قابل للفكاك ..حيث جميع اطراف خيوطه بين يديها ..انتقلت الى شقة مفروشة ، قد حجزتها ايضا من خلال احدى المواقع الإلكترونيه ، تحدث نفسها قائلة بسخرية ..ما اسهل التعاملات في العصر الحالي .. بضغطة زر فقط تحصل على ما تريد..
انهت مقابلة مالك الشقة واستلامها في وقت قصير، واستعدت للمهمة الأكثر صعوبة ..حيث هي على مشارف مواجهة ..ويجب الإستعداد لها على اكمل وجه ..
________________________
انتهى اليوم بإطفاء شمس غرقت في بحار الكون ..
وبدأ يوم جديد بولادة شعاع نورها مرة اخرى من رحم الظلام..
أنت تقرأ
أحيت قلب الجبل
Mystère / Thrillerهو ثابت كالجبل .. مهما عصفت الرياح .. او رعدت السماء ..لم يهتز ،ارسل له القدر نسمة هواء تحمل له زهرة ..استوطنت بقبله .. فدبت فيه الحياة