الفصل الخامس والعشرون

650 35 2
                                    

وقف مصدوما ينظر له بخذي ..وكأن صخرة ما سقطت توا من مكان عال على رأسه مباشرة  .. تساقطت دموع ندم و حسرة من عينيه .. فقد حدث ما يريد ..قد علم قصي اخيرا الحقيقة ..الحقيقة التي تمنى كثيرا ظهورها ..لتدب الحياة بضمير يحتضر ... ومع ذلك لم يشعر بتلك الراحة التي كان ينتظرها ..بل زادت من ضيق داخله وكأن جبلا ما يجثم فوق صدره ..تقدم منه قصي بمشاعر متداخلة ..تصنيفها حرب .. لا خاسر فيها سواه ..ضيق عينيه ينظر اليه بتركيز ..والآخر انفاسه على وشك التوقف ..يبكي بنشيج يحرق روحه ..ويستحق .. وقف امامه مباشرة لا يفرق بينهما سوى سنتيمترات ..شرد قصي فيه اثناء بكائه ..ثم اردف بصوت هاديء هدوء نسمات الهواء في فصل الربيع ..بينما عواصف تعصف و براكين تشتعل بين عقله و قلبه ..
: صح ..؟ ..مش هي دي الحقيقة اللي عاوزني اعرفها ..؟
هم عبد السلام ان يرد ..يبرر ..يدافع ..يقدم زريعة قوية لفعلته ..قبل سقوط مقصلة الحق للقصاص منه ..لكنه لم يستطيع .. انفرجت شفتاه للتحدث ليتوقف الكلام بحلقه ..لم يجد تبرير لما فعل ..تخلت عنه الزريعة تاركه إياه في ذلك الموقف المؤسف ورحلت ..فأردف قصي بدموع لا يعلم مهيتها ..اهي حزن ..ام فرح ..ام أسفا على وجود هؤلاء الذين ينحني الشيطان تحية لهم ..
: ليه ..؟ ..هي وعرفت هي عملت كده ليه ..لكن انت ..؟
وقهرا ..أرغم صوته على الخروج ونقل حروفه الى مسامع قصي ..رد بنشيج باكي ..
: سامحني ..سامحني يا ابني ..
ضحك قصي بخفوت ..ينظر ارضا ..فتحول الخفوت الى ضحكات صاخبة رافعا رأسه الى أعلى ..وقد بدى الموقف وكأن احدهم القى له دعابه ما ..سرعان ما كبح جماح اشتعال النيران بداخله بعد لحظات .. ينظر له مرة أخرى قائلا
: اسامحك ..؟
وحديث طويل يريد قوله ..ومعاناة اختبرها يريد تذكيره بها ..لكن يجب عليه الحصول على شيء ما فأومأ له مردفا
: هسامحك ..بس حقي اني اعرف ايه اللي حصل بالظبط ..
وبابتسامة ساخرة اردف
: احكيلي بالتفصيل الممل يا جوز خالتي  ..
نظر له تتجسد الحسرة بعينيه ..يتمنى الرجوع بالزمن ولم يكن ليفعل ذلك ابدا ..
وكزائر صحراء على وشك الموت عطشا .. رأى في شرطه لقص ما حدث منبعا للحياة مرة أخرى ..غافلا .. لا يدرك ان ما رآه ليس سوى سراب ..قص على مسامعه ما حدث بداية من حادثة موتها المزيفه ..مرورا بخطة خطفه ..حتى نزولها الى مصر و قتل عليا ..يحكي له وكأنه يعدو راكضا ..حتى وصل الى النهاية بانتظار مسامحته ..نظر له قصي بمعالم وجه غير مقروءه ..ونظرات تعدت حاجز العتاب ..والآخر ينظر له بلهفة مترقبا يذدرد ريقه بصعوبة .. حاز هو على اعتراف كاملا بصوت عبد السلام ..له ولقوات الشرطة الذي تفاجأ بهم عبد السلام حوله .. كان ينتظر المسامحة ..فتفاجأ بالجزاء ..تقدم الضابط شريف يقيد يديه بالأصفاد ، برفقة منصور الذي تفاجأ بصدمة أخرى ..صدمة جديدة ..ان الماثل امامه هو نفسه ابن عم زوجته .. يسري الخولي الذي من المفترض انه هاجر من سنين عدة ..للإستقرار خارجا ..اي مكيدة قد وقعوا بها ..كم سيلقى من صدمات بعد ..نظر عبد السلام الى افراد الشرطة بندم ..ثم نقل نظراته الى قصي وكأنه يستجديه بالمسامحة ..التي يعلم جيدا انه لا يستحقها ..خرج برفقة الشرطة وعيونه معلقة به حتى اختفى عن انظاره .. وقف كل من قصي وشريف ومنصور يتبادلان نظرات ذات مخذى فيما بينهم

أحيت قلب الجبل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن