الفصل الثامن

933 47 0
                                    


وقفت امامه ترتعد خوفا بداخلها ، اما ظاهرها ثبات .. تحدث نفسها .. يجب عليها الا تظهر له ذلك الخوف يجب ان تخفيه في اعماق داخلها ، صعدت نيران الغضب فورا بداخلها لتشتعل عينيها العسليتين ، تربع يديها امام صدرها ، تنظر له نظرات حادة ، لكن هنالك بداخلها صراع ، حرب ، تردد ،
لو لم تسمح له بالدخول سيتأكد انها خائفة ، و ربما يستغل ذلك الخوف لصالحه ،
لكنها ايضا لا تريد وجودها معهه بمفردها تدرك تماما خوفها بل رعبها من تلك اللحظة ، لينظر هو الى بريق الاشتعال بعسليتيها بابتسامة اعجاب قائلا
: جرى ايه ، خايفة .. ؟
انتهى الصراع .. و حسمت الحرب .. و بات التردد صريعا ،
لكن لا يزال الخوف باقيا عندما ردت قائلة بسخرية مهينة بنظرات تكاد تحرق الماثل امامها رغم زعرها
: ليه .. ؟ مش بيقولو انكم بتعرفو الاصول كويس .. ؟
لم يستطيع هو ان يخفي نظرة اعجابه بها رغم هيبته الواضحة امام ضعفها الا انها لم تخشاه تواجهه بثقة مقاتل يعلم جيدا قدر نفسه ، اومأ مؤكدا بنظرات لا تخلو من الاعجاب ، لتردف هي بنفس نبرة السخرية
: و الاصول بتقول ان ما ينفعش تدخل .. مش بتقول كده بردو .. ؟
اتسعت ابتسامته ليجد نفسه يرد قائلا
: صوح .. تحبي نتحدثو فين .. ؟
اذدردت ريقها ببطء يا إلاهي ما هذه الورطة .. ؟ ، اين انت يا حنان .. ؟ ردت بدون تفكير
: مش فاضية انهارده .. ممكن وقت تاني .
التقطت حقيبة ملابسها ثم اغلقت باب المنزل على مرأى من سالم بعينين مزهولتين من تصرفها ، لم يجرؤ احد قط على التعامل معه بتلك الطريقة
توقفت امامه بابتسامة صفراء قائلة
: عن اذنك ..
همت ان تخطو الى الخارج
ليضيق هو عينيه بغضب يمسكها من مرفقها بقوة
قائلا بغضب ، و في الحقيقة يريد هو اظهاره لها ، او بالأحرى يختبر مدى خوفها
: على فين اكده .. ؟ ، اياك تكوني جولتي انك عايشه لحالك .. و هتمشي على حل شعرك .. ؟
لحظة .. الاشتعال تحول الى حريق .. يأكل احشائها غضبا من هذا ليتهمها هكذا ؟ .. اين كان عندما كانت بحاجة اليهم ؟ ،
ثورة غضب تأججت نيرانها بداخلها ، لكنها اخفتها بإعجاز عندما لمحت بعيونه ترقب انفجارها غضبا ، اظهرت برودا و لا مبالاة ، لتنفض يديها من تحت قبضته قائلة و شعاع العسل يتوهج غضبا في مقلتيها
: مالكش دعوة .. كلامك يبقى مع المحامي بخصوص الورث .. و ما تجيش هنا تاني ..
و قبل ان يستوعب ما قالته كانت قد ذهبت من امامه ليتملكه الغيظ الشديد ، زفر بغضب ينفض عبائته لتلتمع عينيه باعجاب تام لتلك النارية ، لاول مرة في حياته يرى ذلك النموذج من النساء ، فالنساء في بلده يقدمن للرجل فروض الولاء و الطاعة ، اما تلك فمختلفة ، مختلفة تماما .. نوع آخر لم يستساغه بعد و على ما يبدو انه لن تجدي معها تلك الطريقة عليه التفكير لها جيدا .. و الاستعداد للفوز بها ، فربما تكون هي "الثروة "...

_______________________

توقف بسيارته على الجانب الاخر امام المشفى ، نظر الى الجالس بجواره بحزم قائلا
: تنزل تخلص بسرعه هستناك هنا ..
اومأ له رشدي ثم نزل من السيارة يعبر الطريق متجها الى باب المشفى الرئيسي ، يستعير قوى شياطينه لتساعده في مهمته للقضاء على منصور آخر عائق بطريقه ، ربما لا يدرك ان هناك المزيد من العوائق بعد .. و ربما سدود ..
صعد رشدي درجات السلم الى ان وصل الى قسم العناية المركزة ، خطى نحو باب الغرفة ينظر يمينا و يساراً ليتأكد من عدم وجود احد ، تلصص نحو الداخل ثم اغلق الباب ، نظر الى منصور الراقد في عجز تام ، اقترب منه اكثر ينظر له بتشفي مريب ، قائلا من بين الحقد الذي يقبع بجنبات قلبه .. حقد تعتق لسنوات .. و ربما التصق به حتى تعفن بداخله
: ياااااه ما تعرفش انا شمتان فيك اد ايه يا اخي ..
ضحك بخفوت ينظر ارضا ثم رفع نظره اليه مردفا
:بقالي اكتر من عشرين سنه مستني اللحظة اللي تموت فيها ..
شرد قليلا بعينين تلتمع بالشر ، بالكره ، الغيظ
: حتى اختك ..
ثم ضحك بسخرية قائلا
: ما عرفتش الين دماغها و اقنعها بالشغل معانا .. نفس المبادئ و الاخلاق ..
ثم اقترب يدنو اكثر من منصور تحديدا قرب اذنيه و بصوت كفحيح الأفعي اردف يبخ كلامه كالسم
: اقولك على سر ..
و اردف ببطء و كأنه يؤكد وصول الكلام اليه
: اختك ما انتحرتش .. انا اللي قتلتها ، علشان كانت نااويه تقولك على شغلنا ..
ثم وضع سبابته امام فمه قائلا بعينين متسعتين ونظرات هستيرية
: هوششش .. زي ما هقتلك دلوقتي
ابتسم باتساع ابتسامة ظفر من يراه يظنه مختل
اخرج من جيب سترته مدية حادة تقدم نحو الاسلاك الموصله بمنصور ثم جمعهم في قبضة يده ليقطعهم مرة واحدة ليتفاجأ بمن يفتح الباب بغتة يسأله
:انت مين ؟ ..

أحيت قلب الجبل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن