الفصل التاسع عشر

651 36 2
                                    

جلس جوارها يسوق ببطء سلحفاة يبدو انها مشلولة ..
نظرت له تزفر بضيق قائلة
: ممكن تسرع شوية ..؟
نظر لها بجانب عينيه ثم نظر امامه يزيد من سرعة السيارة قليلا ..قليلا فقط ..
وبنبرة متسائلة تحدث قائلا
: مامتك ..؟
جزت على اسنانها ترد باقتضاب بنبرة باترة لأي حوار آخر
: لاء ..
وأمام فضولة الذي يتآكله لمعرفة كل شيء عنها لم ييأس عن سؤالها مرة أخرى
: اومال ايه ..تقربلك ايه يعني ..؟
ردت تذكر نفسها بأنها ممتنة له، قد ساعدها كثيرا ..هدأت من حدة نبرتها لكن مازلت على اقتضابها
: مامت صحبتي ..
ثم اذدردت ريقها بحزن ..مردفة
: و زي مامتي بالظبط
لم تخفى عليه نبرة الحزن بصوتها ليسألها باستغراب
: زي مامتك ..؟
ردت وقد غامت عينيها بسحابة حزن سوداء سرعان ما اخفتها ..فلو تركت لها مجالا للظهور لابتلعتها داخل سوادها
: ماما متوفية ..
وبما ان فضوله لا آخر له معها هي فقط ..رد قائلا
: و بابا ..؟
ابتسمت ابتسامة جانبية بسخرية ثم ردت قائلة
: مات ..مات من زمان
مات منذ ان قرر التخلي عنها ..مات قبل ان تأتي هي للحياة ..وليس مننذ اقل من سنة تقريبا ..
نظر لها حمزة بصدمة ..مع من تعيش اذن ..؟، لتتحدث افكاره قائلا
: عايشة مع مين ..؟
لم تكن النبرة فضولا بقدر ما كانت قلقا ..بات امرها يهمه بشكل خاص ،دون اي مبررات بالنسبة له ..
اما هي لم ترى سوى فضوله الذي فاق الحد بالنسبة اليها ..غافلة عن قلقه المبطن من مغزى سؤاله ..لترد بحدة وكلمات متسارعه ..
: دكتور حمزة ..مش معنى اني احتاجت حضرتك في مساعدة خاصة انك تدي نفسك الحق تسألني اسئلة شخصية زي دي ..ياريت تنزلني هنا من فضلك
نظر اليها ..الى عينيها مباشرة ..ليلاحظ تلك الدموع المتحجرة تلتمع كالماس بداخل عينيها ..تأبى الظهور ..وتلك النظرة المنكسرة ..والقوية في ذات الوقت ..ليرد بنبرة هادئة فعلى ما يبدو انها لم تتحمل كلمة اخرى ..وستنفجر باكائا..
: انا اسف ..مش قصدي ..
ليعم الصمت في الأرجاء ، بعد دقائق قليله كانت كافية لتشعر بالندم لحدتها تلك في الحديث معه وصل بها امام الصيديلة ..فتحت سارة باب السيارة وهمت بالخروج ليتحدث حمزة قائلا
: مستنيكي هنا ..
زفرت سارة داخلها بارتياح يبدو انه لم يحزن لاسلوب حديثها معه ..نزلت متجهة الى الداخل لتحضر الدواء ..وعيونه تنظر لها بشرود ..قد لمس شيئا من الفقد بصوتها .. بداخله عزم على ملئ ذلك الفراغ بداخلها ...
__________________________________
في المشفى ...
جلس شاكر امام منصور بعدما اخبره بالحضور يسأله
: خير يامنصور في ايه ..؟
رد منصور بغضب عتيق ينبع من قلب اب فقد ولده الوحيد ..ينبع من اعماق روحه المعذبة بمعرفة ان ابنه على قيد الحياة لكن لا يعرف له مكان ..قائلا
: ناهد ..
كلمة واحدة ..اسم واحد ..كان كفيل بانتفاضة شاكر متسع العينين بصدمة ،ليكمل منصور حديثه قائلا
: ناهد شكلها رجعت ..ومش عارف ايه السبب
ثم نظر الى شاكر يتحدث ببطء يؤكد على كل حروفه قائلا
: مش عايزها تخرج من البلد تاني ..ولا حتي ب مية اسم مزيف ..اعمل اي حاجه يا شاكر ..انا لازم ألاقيها ..
رد شاكر قائلا بزهول.
: انت متأكد يامنصور من اللى بتقوله ده ..
ليقص له منصور ما حدث في آخر زيارة بين حياة وحنان من حديث ..ثم اردف قائلا
: عايزك تروح الشركة تاخدلي كل الفيديوهات من الكاميرات في اليوم ده ..
اومأ له شاكر بجد وهو مازال على زهوله ،ليقاطعه رنين هاتفه ..رد شاكر بهدوء سرعان ما اتسعت عينيه زاعقا
: انت بتقول ايه..؟.. في اسم ايه ..؟
لينتبه له منصور وقد استقام جالسا .يبدو ان المصائب لا تأتي فرادا ..اغلق شاكر الخط ينظر الى منصور بصدمة
بينما الأخير ينظر له بترقب سرعان ما تحول الى صدمة ..صفعة حقيقة ..حقيقة وجود تلك الشيطانة بينهم ..بجوارهم ..عندما تحدث شاكر يذدرد ريقه قائلا بنبرة متقطعة
: مدام حنان ..مقبوض عليها بتهمة قتل ..في قسم (.....)
انتفض منصور يرتدي ملابسه رغم آلام جرحه الذي لم يندمل بعد ..قائلا بنبرة كالموت
: مش هسيبها المرة دي ياشاكر ..لسه عايز تتأكد من وجودها ..؟
ساعده شاكر في إرتداء ملابسه ..لا يقوى على ان يحثه على البقاء لسوء حالته .. من تلك اللحظة ستسوء حالتهم جميعا بوجود تلك الحرباء اللتي تتلون كيفما شائت بينهم ...
________________________________

أحيت قلب الجبل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن