الفصل السابع و العشرون

23 5 0
                                    


#غيث
الفصل السابع و العشرون
____
أولاه ظهره بلامُبالاة و ترك مقبض الباب الخاص بمنزله من بين يديه ثم اتجه نحو الغُرفة بالداخل  صائحاً بصوتٍ مُتذمر ...
= : في ايه حد ييجي لحد الساعة اربعة الفجر كدا ...دا النهار لسة ماطلعش يا أخي
غيث : انا سبتهم ..
جلس على الفراش مُجدداً و هو يتثائب بنعاس
= : سبت مين بس !
غيث : (صاح بانفعال) في ايه ما تركز معايا بقولك سبتهم
نظر إليه بعدم استيعاب و بعد دقيقةٍ من الصمت اردف قائلا
=: سبت مين ...سبت أروى !! سبتهم بجد !!
انت ايه ... ليه بتتصرف من  دماغك احنا ماكوناش متفقين على كدا  !! مافكرتش ايه اللي هيحصل ! انت وديت نفسك في ستين داهية
غيث : ماتقلقش ...انا عارف هما هيعملوا ايه
=: (حطم تلك الاشياء القابعة على المنضدة الصغيرة بقبضة يده ثم هتف بنبرة هجومية ) : يعني ايه عارف !! انت متأكد انهم هيروحوا على اقرب قسم ويبلغوا ، وابقى قابلني لو عرفت تخرج ، يا غيث انا ابن خالك .. يعني انت زى اخويا و خايف عليك انا طز فيا  اولع بجاز  لكن انت ب اللي عملته دا القضية فيها على الاقل تأبيدة ، فوق دي قضية رأي عام !!
_________
كانت مُحاوطة لجسده العريض بكلتا يديها تشعر بأنفاسه اللاهثة نحو عنقها و بلزوجة الدماء السائلة منه بغزارة  ، يُحاول رفع قدميه من الارضية الغير مستوية للسير و عدم تحميلها فوق طاقتها لكنه يفشل بكل مرة ، اُرهق جسدها النحيل بالكامل و لم تستطع تحمل ثقل جسده الذي تراخى فجأة فسقطوا سوياً على الارضية ثم صاحت بصوتٍ لاهث نحو أروى التي تسبقها بعدة خطوات تحاول تخطي العقبات و الوصول للطريق الرئيسيّ
سيدرا : لأ ...مش هيقدر يمشي لغاية ما نوصل يا أروى ..روحي انتي شوفي اي حد يساعدنا بس خلي بالك
اروى  : حاضر ..حاضر خليكوا هنا أنا مش هتأخر
ثم بدأت في الركض للأمام نحو ذلك الطريق الخالي أما عن سيدرا فشددت من قبضتها حول يده و تطلعت فيه بخوفٍ اكتسحها و هي تراقب عينيه الزائغة و بشرته التي تزداد شحوباً ...
سيدرا : فارس خلاص استحمل شوية ، و الله  قربنا نوصل على الطريق ..شويه وهنروح المستشفى ماتخفش ؛ انا معاك .. فارس بالله عليك ماتجيش في الاخر وتضعف ..احنا خرجنا وبقينا كويسين ...
و بعد عدة دقائق ...
اروى (بأنفاس مُتقطعة أثر الركض ): اهو ...لو سمحت تعالى اسنده معانا (ابتسمت بارهاق ) وقفلي بالعربية وهيوصلنا يا سيدرا
*-*-*-*-*-*-
التفتت أروى بجسدها للخلف لتنظر الى ذلك الثنائي بنظراتٍ مُطمئنة ثم تحدثت إلى الشخص القابع جوارها على مقعد السائق  بنبرةٍ خَجِلة ..
اروى : اا..لو سمحت ممكن اعمل بس مكالمة من تليفونك !
= : اه اتفضلي
اروى : انا مش عارفة اشكرك ازاي ...احنا كنا محتاجين مساعدتك جدا و الله
........
أجاب على هاتفه بصوتٍ ناعس
- الو
ابتلعت لعابها بتوتر و سقطت عبراتها الفَرحة على وجنتيها ثم أجابت بنبرةٍ مُتحشرجة
أروى :  مالِك ..
صمت تام بين الطرفين لعدة لحظات قبل أن يتفوه بحروف اسمها من بين شفتيه بعدم تصديق
اروى  : ايوة انا ...مالِك احنا رايحين على مستشفى ****  تعالى على هناك بسرعة لو سمحت ...
مالك: انتي معاكي سيدرا وفارس !!
اروى : ا..ااه معايا ..
مالك : طيب طيب اهدي ...انا ...انا هجيلك فورا انتي بس خلي بالك من نفسك و ماتتحركيش من هناك يا أروى سمعاني
*-*-*-*-*-*-*-*-
انكمش جسدها و هي تراه يغيب عن عينيها إلى داخل تلك الغرفة و برفقته مجموعة كبيرة من الأطباء ، قابلت هي و رفيقتها إلحاح الفريق الطبيّ لمُعالجة الجروح السطحية البادية على كليهما برفضٍ تام و بعد فترة ليست بقصيرة هرولت سيدرا نحو تلك الطبيبة التي بدأت بنزع قفازاتها الطبية الزرقاء قائلة بعملية...
الدكتورة : لازم نعمل بلاغ بالحادثة
سيدرا : ي.. يعني هو فاق كويس ! عدّى مرحلة الخطر و لا اييه طيب ماتفهميني !
=: دكتور فارس حاليا تحت تأثير المخدر و مش اقل من يومين عشان يسترد وعيه بالكامل ....هو مش حضرتك سيدرا ر.....
سيدرا : (قاطعتها بانفعال) ايوة انا ، ممكن بعد اذنك نبعد عن الرسميات شوية و تفهميني وضعه
=: أنا ماقصدش رسميات ...لكن  على حسب علمي انكوا كنتوا متعرضين لحادثة اختطاف مش كدا !
على كلٍ احنا لازم نقدم بلاغ حالاً
اروى: ايو....
سيدرا (قاطعتها و هي تنظر نحو تلك الطبيبة ببرود مصطنع ) لأ مافيش داعي ، حضرتك اهتمي بس بشغلك واحنا كمان هنهتم باللي حصلنا و اللي اكيد انتي ماتعرفيهوش فشكراً مش محتاجين مساعدة ، تقدري تتفضلي لكن قبلها تقولي ممكن ندخل نشوفه امتى !
= : الزيارة ممنوعة
ثم انصرفت بضيق..
____
أروى : انتي ما......
_ اروى !!
التفتت بجسدها نحو مصدر الصوت و لم تُدرك بعد كيف أصبحت بين أحضانه مُتشبثه بملابسه بعنف و انخرطت في بكاءٍ حاد !
امتزجت شهقاتها المُرتفعة بصوتٍ انوثي على حافة الانهيار هاتفا باسم شقيقها المفقود و عندما استدلت على غرفته لم تعبأ بتنبيهات الطبيبة و دلفت للداخل ، عادت قبلها سيدرا خُطوة للخلف اثر دَفعة بسيطة تلقتها من هايدي بغير عمد قبل دخولها ، وصل الى مسامعها كلمات مالِك و أحمد المُطمئنة لكلتا الطرفين فشقت الابتسامة الحزينة وجهها المُلطخ بالاتربة الممتزجة بالدماء الجاف ، عادت هي بإرادتها عدة خطوات للخلف بعدها انسحبت من بين تلك الأُسر الصغيرة بعد أن علمت بأن هذا ليس بمكانها ... 
#نسمة_حمدي

غَيثْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن