#غيث
الفصل التاسع عشر
____
كانت تجلسُ كما هي منذ البارحة مكتوفة الأيدي و عاجزة عن التحرك ، أطرافها تكاد أن تتجمد و شفتيها قد مال لونهما إلى الأزرق الداكن ، تتشوش الرؤية أمامها بسبب أعيُنها النصف مغلقة ، حركت رأسها بوهنٍ نحو ذلك المجهول الذي قام بفتح الباب و بدأ بالتحرك نحوها و هي تتمتم بكلماتٍ غير واضحة ، انحنى و جلس على رُكبتيه قبالتها و قام بتقريب زجاجة المياة الدافئة نحو فمِها حتى استطاعت بالفعل ارتشاف رشفة واحدة ، سمعت صوت المُكيف مجدداً فصاحت بضعفٍ شديد و هي ترتعش
"أرجوك كفاية..هموت ! "
نظر إليها مُطولاً و لم تستطع هي التعرف عليه بسبب العتمة المُسيطرة على المكان بأكمله و لم تُدرك أنه بالفعل منذ لحظاتٍ كان قد أطفأ المُكيف تماماً ، تحرك مرة أخرى حتى استقام و بدأ بفك وثاقها ...
*-*-*-*-*-*-*-
جفف وجهه المُبتل بأطراف قميصه و ألقى عليها نظرةً خاطفة و هو يردد بهدوء ...
فارس : عايزة حاجة !
سيدرا : ل..لأ أبداً !
فارس : أنا هصلي الضهر بس و لما أخلص هنقعد سوا زي امبارح و تقوليلي عايزاني أرددلك سورة ايه كمان ...ماشي !
ارتسمت ابتسامة كبيرة مُمتنة على وجهها و عادت لموقعها بالفراش من جديد ...
سيدرا : ماشى يلا مستنياك
*-*-*-*-*-*-*-*-
و بعد فترةٍ ليست بقصيرة بدأت درجة الحرارة بالعودة إلى طبيعتها ، كما بدأت هي في استعادة جزء من وعيها ، باغتها بإمساكه لصحن ما مملوء بالطعام نحوها استطاعت رؤيته بتشوّش بسبب الضوء الخافت الصادر من خارج الغرفة
اروى : مش عايزة
صاحت بانفعالٍ و هي تدفع يده بقوة عندما وضعه أمامها مباشرة مرة أخرى و كأنه يُجبرها على تناوله
اروى : ما قولتلك مش عايزة انت اييه مابتفهمش ، وبعدين لا بتتكلم ولا بتضرب زي ما التانيين بيعملوا ، ايه انت الطيب اللي فيهم يعني !! ولا بتحاول تكون طيب !
و بعد دقائق معدودة دلف أحد الأفراد للداخل بعدما سمع صوت ضجة كبيرة ..
=: في حاجة يا كينج !!
عقدت ما بين حاجبيها باستغراب و هي تُحاول النظر للشيئ الوحيد الظاهر من ذلك القناع الأسود و هو عيناه ...و تمتمت بخفوت ..
اروى :كينج ؟!!
عجزت عن القيام من ذلك المقعد بسبب ضعف جسدها فاكتفت بالالتفات و النظر إليه و هو يقف أمام الباب و يتمتم ببعض الكلمات للرجل الآخر ، لحظات قليلة حتى تم إغلاق الباب من جديد و فتحه مرة أخرى بواسطة الرجل الأخير الذي وضع أمامها صحناً آخر غير ذلك المسكوب على الأرضية
=: لو عايزة نصيحتي فاحسنلك تاكلي دلوقتي عشان لو دا اتكب زي اللي فات ابقى قابلينى لو لقيتى لقمه تانية تنزل بطنك ...انا مش عارف هو صبر عليكي ازاي و مالبسهومش في وشك بعد اللي انتي عملتيه دا
اروى: هو دا ......هو دا اللي جايبنا احنا التلاته هنا !!
=: (باستهزاء)لا ما شاء الله لمّاحة
اروى: اسمه ايه !
=: لو هتطلعيله بطاقة القي قوليلي عشان اساعدك ! خليكي في حالك !!
*-*-*-*-*-*-*-
سيدرا : خلاص يا فارس كفاية ، صوتك اتنبح رَيح نفسك شوية انا مش هطير ...
فارس :نفسي اعرف مين وصَّلِك فكرة إني مجبور في قاعدتي دي !
سيدرا : و لو بردو ..
فارس : طيب أدينا قاعدين
سيدرا : على فكرة صوتك حلو و أنا مُتشكرة جداً
فارس : يا سلام ...دا شرف ليا إن أستاذة سيدرا رياض بجلالة قدرها تقولي كدة
سيدرا (ابتسمت بخفوت) رخم على فكرة !
فارس : عارف على فكرة !
*-*-*-*-*-*-*-*-
هايدى: يعنى اييه مش لاقيينهم هنهزر !!! مش دول المفروض مباحث ولا قاعدين بيلعبوا !! كل دا ومش لاقيينهم ازااى يعني !!!
احمد :اهدي بس يا هايدي و اسمعيني ..
هايدى : (دفعته بحالة هيستيرية) اهدى ازاى و اسمع اييه ! اخويا مخطوف وياعالم بيعملوا فيه ايه هنااك و عايزنى اقعد هادية وساكتة ... ليه حجر ماعنديش قلب !!
*-*-*-*-*-*-*-*-
سيدرا : اقولك على حاجة بس ماتفتكرنيش مجنونة ! (اطلقت تنهيدة عميقة ثم أكملت) في مواقف هنا حصلتلي بجد ...كانت من احسن المواقف اللي عدت عليا في حياتي
(أخفضت عينيها بعيداً عنه و بدأت بفَرك أناملها بتوتر ) ب...بعيداً عن اللي حصل بس .. بس أول مرة احس فعلاً إن في حد جنبي وبيخاف عليا زيكوا كدة ! آخر مرة وصلني الإحساس دا كان من أبويا يا فارس و انا طفلة قبل ما يسيبني ، كان بيدافع عني زيك بالظبط و بيحتويني و أنا مخنوقة و متضايقة عشان يهون عليا اللي يقدر عليه ، لكن يا فارس انت تاعبني ، تاعبني و مخليني مش عارفة أنا عايزة ايه ...و أنا أول مرة أحس بكدة ! بتوديني وتجيبني زي مانت عايز ، مش عارفة آخد منك موقف ، كل يوم اصحى فيه الصبح واشوفك نايم قدامي احس اني متضايقة.. بقول خلاص هتخانق معاك وهاخد منك موقف صعب بس لما تصحى بنسى كل حاجة حصلت من جوايا و غصب عني كان لازم اتلكك على اي حاجة عشان مابنش إني ضعيفة ... أنا حسيت إني ماقدرش أبقى لوحدي من غيرك انت يا فارس ! والحكاية دي مضايقانى عشان انا ماكونتش كدة ...أنا مش عايزة أزود نُقط ضعفي ...
شخصيتى ابتدت تتغير وكياني كله اتشقلب وانا تعبت ،أنا كنت عارفة من زمان اني مجنونة بس معقولة اكون اتجننت اكتر من اللي كنت عليه !! ااه ياربي !! هو انا المفروض ماقولكش الكلام دا صح ..
فارس (أصدر ضحكة نابعة من داخل قلبه و هو يتأملها بشغف ) : المفروض اه
سيدرا : خلاص اسفة اسفة ...
فارس: طب ممكن أنا اللي أقولك على حاجة
سيدرا : (تذمرت بطفولية و هي تضع وطهها بين كفيها) لأا هتتريق عليا
فارس : أنا بحبك يا سيدرا
و مالبثت أن أزاحت يديها و نظرت له بعمق حتى اقتحم شخصاً ما الغرفة و صاح بقوة مُستهزئاً ....
=: آنسة أو مدام سيدرا على حسب ...يلا تعالي معايا بهدوء
يتبع..
#نسمة_حمدي
أنت تقرأ
غَيثْ
Aventuraهم ثلاث أفراد ب ثلاثة شخصيات ب ثلاثة حكايات مُتباينة كلٍ له أحداثِه الخاصة ، تفاصيله و خفاياه .. و لكن الفاجعة الكبرى لم تظهر بعد ... فمن تكون الشخصية الرابعة ؟! و ما ماهيتها !