#غيث
الفصل الثالث ..
_____
ضغطت بقدمها على مَكابح السيارة و ترجلت منها بتمهل ، استندت على مقدمَتِها و هي عاقدة ذراعيها أمام صَدرِها و بدأت في تأمُل التفصيلات التابعة لذاك القصر الكبير
تأملت تلك الأشجار المُحتضنة له بشكل خلاب و غصونها الملتفة حوله بإتقان زاده جمالاً فوق جماله !
أزاحت نظَّارتها الشمسية و وضعتها بين خصلات شعرها المعقود و بدأت في التحرك متجاهلة إنارة هاتفها الموضوع بداخل السيارة على وضعه الصامت
*-*-*-*-*-*-*-
=: والله يا أستاذ بكلمها مابتردش عليا
المخرج (صاح بنبرة غاضبة) : يعنى ايه مابتردش !! هى مش دريانة باللي حواليها ولا مش عارفة يعني ان معاد حلقتها بعد يومين و ماظبطناش لسة المحتوى ؟؟ لأ أنا الكلام دا ما ينفعنيش ..تقب و تغطس و توصلها و في ظرف ساعتين لو مالقتهاش قدامي اعتبر نفسك مرفود !! و ابقى شوف مين هيقبل يشغلك بعد كدة ...و بعدهالك يا سيدراا !
*-*-*-*-*-*-*-
خرج من سيارته مُهرولاً بعد وصوله ممسكاً بحقيبة الأدوات الطبية التي لا غنى عنها معه ، عقد ما بين حاجبيه بإندهاش بعد استمرار سَيره للأمام فيما يُقارب الخمسة دقائق دول الوصول !! أطلق تنهيدة عميقة و هو مُكمِلا سيره في ذلك الممر المجهول و لم يعبأ إطلاقاً بهيئة القصر الخاطفة للأنفاس
.
.
.
اروى : (بإستغراب) هنا ؟!
السائق : أيوة يا فندم على ما أظن بشكل كبير هو دا الموقع اللي حضرتك ادتهولي ..
أروي : طيب ما ...ما تدخل في الطريق اللي هناك دا
السائق : (بإستغرابٍ مُشابه و هو يتفحص ما أمامه) ماعتقدش إن مساحته هتكفي العربية حتى ....و زي مانتي شايفة العربيات كلها راكنة برا أهي ...تقريبا حضرتك هتضطري تاخديها مشي بقى لحد ما توصلي للمكان اللي عايزاه !
أروى : طيب متشكرة
أخرجت من حقيبتها الثمينة حزمة من النقود و أعطتها له قبل إنصرافه ، رفعت رأسها لأعلى و هي تنظر لإرتفاع المبنى الشاهق ، ابتسمت بتوتر و هي تلعن تفكيرها عندما ذَكَّرها بقصور أحد الأفلام ذو الطابع المرعب الذي شاهدته مع زوجها في العطلة الأسبوعية السابقة ، ابتلعت ريقها و هي مدهوشة من قمه البرج المرتفعة والمدببة التي تظهر من بين الأشجار بطريقة تبُث الرعب بنفسها ! اتخذت طريقها و ما لبثت أن وصلت أمام باب الدخول حتى وقفت ب حيرة من الخطوةِ القادمة ، أتعود ..... أم تعزم على ما بداخلها ! ..
ذكرت الله بخفوت ثم أزاحت الباب بعد أن قضت للحظات تتلمس تفاصيله الدقيقة ، براعة التصميم و تداخل الألوان و تمازجها المُمَيز ! ، حركت رأسها باستنكار و هي تفكر في إمكانية تواجد مصمم ذلك المكان لتستشيره ببعض الأشياء العازمة على تنفيذها في منزلها الجديد مع مالك !!
"انتي غبية و لا ايه ؟! هتلاقيه مات و شبع موت البتاع دا اكيد اتبنى ييجي كدة من اكتر من 100 سنة ! "
دلفت أولى خطواتها للداخل و تفكيرها منشغل بكيفية عدم شهرة ذلك المكان رغم براعة تصميمه و مشابهته للمتاحف الأثرية !
*-*-*-*-*-*-
صاحت بنبرة مرتفعة و هي تلتفت حولها بحيرة و تسير عدة خطوات للخلف بتلقائية
سيدرا : هو مافيش حد هناا ولا ايه ؟ !
صرخت بفزع بعدما اصطدم جسدها بشخص ما و لم تشعر إلا بالأرض الصلبة التى لامست جسدها فجأه
فارس : آآ....أنا آسف جدا بجد ماخدتش بالي ..
تجاهلت كف يده الممدود أمامها بعدما قد عزم على مساعدتها ، استندت بكفيها على الأرضية و استعادت اتزانها واقفةً أمامه و هي تُعَدِّل هيئتها و تُزيل الغبار الذي تراكم على يديها ...
سيدرا : ماحصلش حاجة ... بس يعني ماكنش له لازمة الجو دا ...كان ممكن نتقابل في أي حتة تانية غير المكان المريب دا !
فارس : (رفع حاجبيه بعدم فهم) أفندم !!
أروى : يا جماعة في حد هناا !!
إلتفتوا معا تجاه مصدر الصوت ، مُظهرين أنفسهم
أروى: انتوا مين !
سيدرا ( ضيقَت عينيها و نظرت لها بتمعُن ثم أعادت النظر الى فارس) انتي اللي مين معلش !
و بعدين هو مش انتَ اللي كلمتني الصبح عشان الحلقة ؟!
أروى : أيوة يبقى حضرتَك اللي كلمتنى عشان عرض الأزياء !!
فارس: عرض ايه و حلقة ايه ! لا مش انا !
اروى : انت صاحب المكان دا يعني و لا ايه مش فاهمة ؟؟
فارس : (بإنفعال من أسئلتهم المتكررة) لأ !! أنا حد اتصل بيا قالي أن فى حالة تعبانة و محتاجة مساعدة و بم أني دكتور فببساطة لَبيت الطلب و جيت
سيدرا : (نظرت فى ساعة يدها بتذمر) لأ أنا مش فاضية للعب العيال اللي بيحصل ؛ انا هدخل اشوف الاستاذ اللي كلمنى دا عشان مش فاضية
أروى: اا..استني طيب أنا هاجي معاكي ..
فارس : بقولكوا ايه .. ننجز في الوقت عشان كل واحد له مصالحه اللي عايز يشوفها ؛ أنا هطلع فوق وانتوا الاتنين دوروا هنا
أروي : ماشي و لو ماوصلناش لحاجة نمشي ها ... عشان أنا مقلقة من المكان دا أصلا من ساعة ما دخلته
بدأ في صعود درجات السلم على عجلة من أمره و هو يبحث عن أي دليل لوجود فرد في هذا المكان الهادئ تماما ...
سيدرا : روحي انتي الناحية دي و أنا هدور هناك ولو حد لقى حاجة يقول للتانى ..
أروى : اا..لا لا لا .. بصي معلش بَدِّلي ...(أكملت حديثها بتلعثم بعدما رأت نظرات السخرية المرتسمة على وجهها )آآ مش قصدي بس ... أنا مابحبش الضلمة ..ف روحي هناك انتي معلش و أنا لو لقيت حاجة هقولك
سيدرا (تنهدت بملل) طيب ..
و بعد عدة دقائق أخرى ...اقتربت من درجات السلم الطويل بتوتر بعدما شاهدته هابطا منه ..
أروى : أنا مالقتش حاجة ...و حضرتك ؟
*أشار لها برأسه بالنفي*
أروى : طيب نمشي يعني و لا نعمل اا......
قاطع استكمالها للحديث صوت صَريخٍ حاد نابع من أحدى الغرف الجانبية ، تبادلوا النظرات الفزعة قبل أن يركضوا مهرولين نحو مصدر الصوت ...نظرت له مجددا بفزع و هي تفرك بعنف في يدها بعد وقوفها أمام الغرفة... حاولت التغلب على الرعشة التي اجتاحت جسدها من التوتر و بسبب خفوت الإضاءة و أزاحت له الطريق لاستكشاف ما يحدث بالداخل !
ملأ صدره بالهواء و هو يزيح بكف يده باب الغرفة ببطء لتتضح له الرؤية قبل دلوفه ، وقعت أنظاره عليها منكمشة في نهاية الغرفة تضم جسدها بيدها و حالة من الإنهيار قد تسربت إليها ...مغمضة العينين بشدة و دموعها تنساب على وجهتها بغزارة ، قوست أروى فمها بتلقائية و لا إراديا دلفت مسرعة إليها تحاول ضمها و تهدئتها ...
أروى : اهدي بس فى ايه ؟؟ مالك ايه اللي حصل !!
إلتفتت إليه بعدما نطق بكَلِمة واحدة كانت مبهمة بالنسبة إليها.
"تعرفيه ؟؟! "
لاحظت ازدياد ارتجافها بين يديها و تشنج جسدها بالكامل مع تحريك رأسها العنيف بغرض النفي ..
استمرت في النظر أمامها على الأرضية بأعين متسعة ، لحظات و كان الرعب هو الشعور الوحيد المسيطر عليها ...اضطربت في اتزانها بعدما انهارت سيدرا بين يديها جالسة على الأرضية بلا تماسك
عادت أروى خَطوتين للخلف و كادت أن تصرخ بعدما اصطدم جسدها بحافة الباب ، و خلال أقل من دقيقة و بدون تردد كانت تخرج مهرولة من الغرفة و هي عازمة على الخروج من ذلك المكان المشؤوم ...
ظل فارس متسمرا بموقعه دون حركة ، فذاك المشهد الداميّ قد اعتاد عليه كثير من الأحيان أثناء مزاولته لمهنته الطبية ، و لكن هذا اعتداء وحشي على جثمان الرجل المستلقي أرضا و هو جثة هامدة ...لم يكن هناك داعي لتفحص النبض للتأكد من وفاته ! فلا حياة لمن تنادي ...
عقد ما بين حاجبيه بعدم فهم عندما شاهد حرفا مخطوطا بالدماء بعد النظر إليه مطولا اكتشف أنه حرف الغَينْ مخطوطا بخط الرقعة و مزخرف ....
مزخرف بشكل رائع بالدماء ؟!
أدار رأسه على صوت لاهث أوشك على البكاء و هو قولها
أروى : ب..باب القصر أتقفل و مش عارفة أفتحه ...
يتبع...
#نسمة_حمدي
رأيكوا مهم جدا بالنسبالي يا شباب بجد ❤❤
أنت تقرأ
غَيثْ
Avventuraهم ثلاث أفراد ب ثلاثة شخصيات ب ثلاثة حكايات مُتباينة كلٍ له أحداثِه الخاصة ، تفاصيله و خفاياه .. و لكن الفاجعة الكبرى لم تظهر بعد ... فمن تكون الشخصية الرابعة ؟! و ما ماهيتها !