لم تكن تلك الحياة التي أحلم بها ولم يكن كل ذلك ما أريده بقيت طيلة حياتي ابحث عن السعادة و نسيت أن ابحث عن ذاتي التي فقدتها منذ زمن لتتأكد ظنونٍ فأنا كنت ابحث عن ذاتي و ليس السعادة؟!
...
لا تعلم لما تلك الندوب بداخلها فها هي تصعد أولي دراجات المجد كما أرادت ولكن ذلك الشعور بالنقص بداخلها يعكر عليها أوقات سعادتها التي لم تكتمل أبدا حتي وإن أرادت هي ذلك لتلقي بجسدها للخلف لعلها ترمي معه ذلك الشعور كي تُريح ذهنها ولو لقليل من الوقت ولكن هل تكف الروح التائهة عن البحث عن مسكنها ليقطع تدفق تلك الأفكار صوته الرخيم وهو يهنئها بمنصبها الجديد: مبروك يا رهف
لتنظر له بعيون باكيا شاكيا تُريد البوح بالكثير ولكن تتراجع في اللحظة الأخيرة لتهمس بصوت متحشرج: الله يبارك فيك يا مصطفي أظن أنك الوحيد اللي جيت تبارك ليا؟
ليتحدث برزانة مخرساً ذلك النداء المُحب بداخله: متنسيش أننا دفعة واحدة ولا ايه
لتشير بيديها لاحدي المقاعد أمامها بهدوء:اكيد تشرب ايه بقا
ليبتسم وهو يردف: قهوة سادة مذاقي المفضل
لترفع سماعه الهاتف و تتطلب مشروبهم المفضل لكليهما : تفتكر مين فرحان بالترقية ومين لا
لينظر لعيناها بعمق كأنه يدرس تفاصيل حزنها المدفونة بأعماق عيناها التي تشبه حديقة مليئة بالاشجار الخضراء ليباغتها بسؤاله: انتِ فرحانة بيها
تشعر بالصدمة فهي كل ما يشغل تفكيرها هو من حولها من سعد بتوليها ذلك المنصب ومن لا وهم الأكثر . ولم تفكر بسعادتها او حزنها لحظة واحدة : هتصدقني لو قولتلك مش عارفة؟
ليتحدث بنبرة هادئة يحاول إرشادها الي ما يعكر عليها حياتها: هصدقك طبعا لأنك انتِ الوحيدة اللي عارفة جواكي أيه و عارفة أمتا هتكوني مبسوطة و امتا لا
لتتنهد بعمق: معرفش معرفش عارف يعني ايه يا مصطفي تكون عايش طول عمرك بدور علي السعادة في اي حاجة بتعملها بتتقن كل حاجة دراسة او شغل بتكون حازم .مجرد من المشاعر عشان تقدر توصل للي عاوزه ممكن في طريقك تأذي حد بسبب و بدون سبب ولما بتوصل ولا أي حاجة مفيش ذرة إحساس بالسعادة و ترجع تعيد نفس المشوار تاني يمكن السعادة تكون في نهايته بس للأسف دوامة البحث عن السعادة ملهاش آخر دايرة مقفولة!
مصطفي وقد لمست بداخله اشياء كثيرة بعبارتها تلك: تقدري تعملي طريقك الخاص بيكي الطريق اللي انتِ عاوزاه مش اللي حواليكي عاوزينه اتعملي علي طبيعتك يا رهف حبي نفسك اللي فاجئة قررتي أنها لازم تختفي و تظهر مكانها رهف بصورتها الحالية صورة باهتة ملهاش معالم او روح صورة منسوخة من الشكل بس الروح لا. رجعي رهف المرحة المحبة للحياة رهف اللي كل اللي بيعرفها بيتعلق بيها رجعي البنت الشغوفة في اول يوم جامعة! اللي كانت ماشية توزع ابتسامات علي كل اللي تقابله دكاترة او طلاب وهي متعرفش أن بسبب ضحكتها دي ناس مكنتش حبة اليوم بس بمجرد ما هي ابتسمت اليوم بقا جميل و مريح ليهم؟
لقد أيقنت الآن انها لم تحقق ما كانت تريده رهف و كل ما حققته هو ما يريده الآخرين منها ! و ماذا فعل لها ذلك فقد فقدت ذاتها و أصبحت باهتة دفنت قلبها منذ أن أيقنت انه نما بداخله مشاعر بريئة و قررت هدمها تلك الابتسامات التي كانت توزعها علي الجميع لم تكن تخص غيره فهي من وقعت عيناها عليه أولا لتظل الإبتسامة لا تفارق وجهه حتي قررت العيش من أجل الآخرين ولكن لقد حان الوقت كي تترك لذلك القلب حريته و كي تعيد تلك الروح المفقودة بداخلها: انت صح يا مصطفي انا لازم أدور علي ذاتي لازم أصلح منها
_غلط يا رهف انا قولت تسيبيها علي طبيعتها مش تصلحي منها
رهف وقد بدأت تترك روحها تتصرف كما تشاء: بحبك يا مصطفي عجبك كدة هو ده اللي روحي عاوزة تقوله انا مش فارق معايا كل حاجة اما وصلت ليها علي قد ما فارق معايا وجودك جنبي رهف مدفونه من زمان لحد ما شافتك اول يوم في حياة جديدة بالنسبة ليها يومها بس عرفت أن في حاجات تانية غير المستقبل لازم نحس بيها بس للأسف رغبة الآخرين هي اللي فازت و دفنت جوايا حبي ليك لكن بما أنك مصر أني أسيب رهف المحبوسة
و دي النتيجة
مصطفي بنبرة هادئة: وانا كمان بحبك يا رهف و كنت مستني اليوم اللي رهف هتطلع في من قوقعتها و تعترف فيه بالحب اللي كنت بشوفه في عينها كل ما أشوفها وعشان كدة مش هضيع وقت تاني
لينهض و يركع أمامها وهو يبتسم بهدوء: تتجوزيني يا رهف
لتدمع عيناها و تعجز عن البوح لتكتفي بلغة الإشارة لتعبر بها عن موافقتها
...
لم أكن أدرك أن لحظة النهاية ستكون بداية جديدة. بداية مشرقة تمحي معاها كل ذلك الخراب الداخلي.
بداية تجعلني أشعر بطعم الحياة .
بداية تأتي لتخبرني أن الحياة أبسط من كل تلك العقد التي أشعر بها في أوقات الحزن.
هي فقط مجرد بداية لحياة مليئة بحب الذات
مليئة بحب الحياة.مها محمود
حكاية السعادة
![](https://img.wattpad.com/cover/223506623-288-k558869.jpg)