الفصل الثالث "صُدف من الله"

7.3K 515 156
                                    

  تم التعديل

انطلق رعد في طريقه الي القاهرة ليطمئن علي صديقه فهد الذي يعمل ظابط مصري في المُخابرات
كان يذهب برأس متشتت قلقاً علي صديقه بعد عدة ساعات كان قد وصل الي منزله و هبط من سيارته و ضغط علي زِر من ريموت التحكم الخاص بها ليغلق السقف و لكن أصدرت صوت الإنذار ليذهب و يجد ما يعوق و هو يد ! يد بشريه ليفتح أضواء السيارة سريعا ليجد فتاة صغيره تُغطيها الدماء من أسفلها إلى أعلاها ليتراجع خطوات إلي الخلف ثم يحملها سريعا و يتوجه بها إلي المُستشفى

حملها سريعا و لم يعرف الي اين يتوجه من كثرة تشتته و إرتباكه ف هي حقاً جثة في سيارته !

ظلت الأافكار تدور برأسه ، من هذه؟ و من فعل بها هكذا ؟ و ماذا حدث ؟ و لكنه وضعها مره اخري في السياره و انطلق الي المشي المتواجد بها صديقه ، كان ينطلق بأقصي سرعه و لكنه تزاحم الطريق قد اوقفه توقف خلف طابورٍ لا يحصي و لا يعد من السيارات يتأفف بشدة و يضرب على بوق سيارته يحاول إفساح الطريق و لكن يذهب هذا هباءً الجميع مشغول بطريقة فقط .

و بين أصوات السيارات و تصاعد صراخ السائقين علي بعضهم و تضجر و تأفف الجميع ، سمع رعد صوت طفل صغير يبكي و جالساً بجانب والدته على إحدى الأرصفة الجانبيه و ضوء خافت من إحدى المتاجر يُنير لهم و كأنهم يستخفون من الناس ، لتحدثه والدته بصوت فاقد للأمل و يغمره الألم : معلش يا حبيبي انا هحاول اجبلك أكل و الله

لينظر لها الطفل بأعين مُدمعه و مُعاتبه :يا ماما انا جعان بقي كل شويه تقوليلي حاضر هنجيب اكل و مفيش حاجه و مفيش اكل أنا جعان .

لتمكث رأسها أرضاً تحاول عدم إظهار خيبة أملها أمام طفلها :يا حبيبي بس اصبر شويه و نجيب اكل و هجبلك حاجه حلوة كمان ربنا هيجبلنا ما تزعلش

لينظر لها الطفل و كأنه يقول لها سوف أثق بكِ ليس لدي حل آخر ، لينهض و يذهب إلى إحدى عربات القِمامة التي تُسحب ليمسك بيديها و يبدأ باللعب و كأنها لُعبة توازن

كل هذا الحديث كان يدور تحت تنصت رعد الذي نظر إلى ملابسهم الرثايه و وجوههم ، لينظر إلي وجه الأم المليئ بالتجاعيد و المُنحنيات رغم أنها لم تتجاوز الأربعين من عمرها ليصبح مظهرها مظهر إمرأة ب الخمسين من عمرها و إلى ذاك الطفل الذي سُلبت منه طفولته لتتحول عربة عمله و عمل والدته إلي لُعبة له و أقصى أحلامه أن تصبح فارغة ليلعب بها ، لتتحول نظرات ' رعد ' في هذا الوقت إلى كُل من في الشارع ف هذا رجل جالسٌ أمام متجره يبدو أنه لم يبع اليوم ما يريد ، هذه أمرأة مُسنه تمشي وحدها و هي تُمسك بأوراق طبية بين يديها و يبدو أنّ أولادها لم يصبحو مُهتمين بها ، هذا فتى في عقده الثاني يمشي و هو ينظر إلى السماء و يحمل معطفه الطبي فوق كتفه بعدم إهتمام يبدو أنه قد حقق حلمه بلإلتحاق إلى كلية أحلامه و لكن قد كلفه هذا الحُلم شيئاً آخر ف هذه الحياه لا تعطيك إلا لتأخذ ، و هذا العجوز الذي بجانبه و يقود شاحنة مُحملة بالطعام و يستند برأسه على المقود و علي شفتيه إبتسامة بسيطة يبدو أنه يفكر في الراحه بعد الإنتهاء من التوصيل و الجلوس بين أطفاله و زوجته ليحظى بالدفئ بين عائلته وسط رجفة الشتاء هذه .... و هذا و هذا و هذه .... و إن تحدثنا على كل شخص من شاكلتُه لن ننتهي فنحن حياتنا مثل تلك الطُرقات إما أن تسير بشكل سريع أو أن تتوقف بشكلٍ ذريع
فمرحبا بك وسط الطُرقات حيث تتوالى الذكريات و تصمت المُشتات و تُزال كل الضحايا لتصبح أنت الضحية الوحيده وسط هذه الطُرقات .

رواية عمر "سجينُ غيداقْ"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن