كانت كل الاسرة تجهز لخطبة سمر و عمار و الجميع متحمس بشدة ، و لكن لشروق حماس الأطفال ، فهي معروفة بأنها إنطوائية و لكن تغير هذا منذ أن دخلت سمر حياتهم ، رأت فيها الصديقة و الأخت و الرفيقة التي كانت كأنها تنتظرها منذ ولادتها ، كانت أسعد شخص في هذا الكون ، فالله قد عوضها الأخت التي حرمت منها ، و الحنان الأخوي الذي لم تتذوقه مع فتاة أخرى غير سمر وما زاد حماسها أن الله هداها اختين ، جميلتين و أقل ما يقال عنهن لطيفات ، فرحت أنها ستجد اخت صغرى تعتني بها مثل مروة و تجلب لها الهدايا و الدمى التي تصنعها بنفسها ، فهي ماهرة بصنعها ، و تحب الأطفال و مروة اجمل طفلة في الكون بنظر شروق .....،
... اما الجدة حنين كانت مشغولة بالتحضيرات و تعمل كأنها فتاة في العشرين من عمرها فقد تعافت منذ أن عادت لها حفيدتيها و عطر من رائحة إبنتها العزيزة ، سعيدة جدا لأن شمل الأسرة بدأ يلتأم الآن بعد إنقطاع كل هذه السنين التي مرت كعلقم شديد المرارة ...
.
.
.
.
.
لجين كانت كالمجنونة ، تقسم أنها سيقتلها الحماس قبل يومها ، فهي و مروة تركضان من هنا إلى هناك ، كقطتين ظريفتين يقومان بالزينة بأنفسهم ، وطلبا ألا يتدخل أحد في عملهم ، كن يتقن ما يقمن به ، فهو عمل بحب كبير يسع الأرض وما فيها ...
.
.
....
سمية دموعها لا تتوقف لا هي ولا عماد ، فهذه سعادة ابنائهم و رائحة غواليهم ، اشتاقوا لمن رقدوا تحت الثرى و لكن سيجعلون هذا اجمل يوم لسمر ، فهي الآن ابنتهم الثانية و مروة الثالثة ، أصبح لديهم ثلاث فتيات جميلات ، هذا أكثر مما تمنوا ، لذا قرروا أن يقسموا المال على الفقراء فرحة بما أعطاهم الله من سعادة و هناء بعد حزن فاض لسنين ....
.
.
.
.
.
.
.. سمر كانت تبكي بصوت خافت في غرفتها وهي تحتضن قلادتها ، تذكرت جدتها ، يزن ، أمها ، أبيها و بكتهم شوقا ، كانت تخبر أمها في قلبها أنها عادت ل عائلتها ، تمنت لو كانوا معها في هذا اليوم و لو أن السعادة غمرتهم جميعا من دون فقد ولا حزن ، ولكن هذه مشيئة الله و قدره و لولا وجود الحزن لما قدرنا ما نملك من سعادة و فرح و لما عرفنا قيمة أحبابنا من دون الفقد ، فالحمد لله دائما وابدا ...
.
.
.
.
.
.
.
عمار كان يقفز فرحا داخل غرفته و تقريبا حضر كل ما يلزمه و أشترى اجمل خاتم من الماس لاجمل ماسة في الكون ، يريد أن يمضي الوقت بسرعة حتى تصبح سمر خطيبته رسميا و حتى لا يتجرأ اي أحمق في التقدم لخطبتها أبدا ، كان يعد الوقت ثانية ثانية و لحظة بلحظة ، كان يرى أن الوقت يمضي ببطئ شديد كالساعة الرملية التي تسقط الرمال ذرة ذرة ... فهو يريد أن تصبح سمر ملكه بسرعة شديدة حتي يعوضها كل ألم و حزن عاشته و يصبح الظهر الذي تستند عليه و الكتف الذي تلقي برأسها فيه ...، و يمسك بيدها دائما دون أن يتركها ، فقد عانت و مشت لوحدها لزمن طويل ولا يتحمله أي شخص ....
.
.
.
..
.
.
.
.....
جاء المساء حاملا معه الفرحة بطلة ملكية خلابة ، تسحر كل شخص و تأسره بسرعة البرق ، فسمر كانت فينوس في الجمال ، أما عمار كان كرؤساء العالم بطلته الوسيمة التي تخلب لب كل فتاة ، لبسا خاتما الخطبة في وسط مباركة الجميع و تهليلاتهم و إبتهاج كل موجود خصوصا الأقربون ، كانت تعمهم سعادة مفرطة ، و ارتدت مروة فستان بدت فيه كالملائكة الظريفة ... كانت دموع الفرحة تخالط ضحكات حنين ، سمية ، لجين و حتى عماد بكى بسعادة و فخر .... ، كانت مراسم خطبة أسطورية ، اختلطت فيها المشاعر ، سمر بعادتها الخجولة و خديها المتوردان كالطماطم ، عمار بإبتسامته التي لم تذبل منذ بداية الليلة ، فرحا بكل لحظة و كل شي و بسمره التي بدت كالبدر في ليلة إكتماله .... ، استمرت السهرة لمنتصف الليلة و ختمت بجمال على قلوب الكل ، صارت حديث المدينة و الناس هذه الليلة ، وعن جمال سمر و حيائها و لطفها الكبير مع الكل ، عاد بعدها الجميع لغرفته سعيد ، بهي ، هنيئ بما حدث اليوم و تمنوا أن يكون الغد أجمل بإذن الله و قدرته .... .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.........
مرت الأيام و تتالت بعدها أخرى و السعادة تغمر الجميع ، أصبحت سمر معظم وقتها في منزل الأسرة الكبير و وقت الدراسة تجلس هي و شروق في منزلهم ، لكي لا تزعجهم مروة التي أصبحت طول اليوم مع عمار أو عماد أو تثرثر مع حنين و تسألها عن كل ما يدور ، جدتي ذاك و جدتي ذاك ، وتقص عليها قصص الجدة فداء ، و تغني أغنياتها ، حنين أحبت القصص عن فداء فهي صديقتها و تؤام روحها التي فرقتهما الأيام و الموت عنها ، فرحت لأنها كانت السند للطفلتين ، فلولاها لما واجها العالم ولما إستطاعتا الصمود وحدهما في وجه الظروف ، فداء المرأة الأسطورية ، حامية السلام ، رقيقة القلب ، رحمها الله ....،
.
.
اما عمار أصبح هو و سمر أقرب لبعض ، يأخذها في نزهات طويلة يضحكها و يستأنس بقربها ، وهي كانت تحب هذا ، قدم لها الكثير من الهدايا ، يشجعها على كل خطوة تقوم بها ، تسعده ابتسامتها ، يرافقها إلى كل مكان دون إهمال عمله ، حقا صدق من قال أن من يحبك سيجد لك وقتا في وسط زحمته ولن ينساك في عز إنشغاله ....،
.
.
.
عادت لجين إلى ديارها حاملة معها الكثير و تاركة ورائها الكثير ، فمروة عند سفر لجين بكت بحرقة و ابكت معها الجميع ، لكن خالتها الحبيبة وعدتها أنها ستعود في أقرب وقت و ستأخذها معها لتقضي وقت ممتع ، ولن تنقطع منها وعدتها أن ترسل لها كل أسبوع رسالة جميلة ، ومنذ وقتها هي تكتب لمروة و مروة تقوم بالرد عليها بأجمل رسومات قامت بها ، فهما مثل بذرة قسمت إلى نصفين ، كل واحدة تزرع البهجة أينما حلت كغيمة في وسط الصحراء ، أمطرت غيثا احيا الأرض وما حولها ....
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.... ذات نهار سمر كانت تتمشي هي و عمار وسط إحدى الحدائق البهية ، فذكر إسمها أحد ما حينها إلتفتت إلى مصدر الصوت ، حينها إتسعت إبتسامتها و ذهبت تحيي صاحب الصوت بحيوية و سعادة بدت جدا على مشهدها ...
.
سمر : يالهي شادي !!
شادي : لا ظلي
سمر : ألن تترك هذه التفاهة مهما كبرت يا فتى
شادي : من بعدك يا فتاة ، كيف حالك
سمر : بخير ، يالهي ستجن مروة إن راتك
شادي : أجل اشتقت لها كيف حالها
سمر : كالعادة مشاغبة
شادي : وكيف حال جدتي !!
سمر حنت رأسها بحزن و قالت بصوت مبحوح و عيون دامعة : لقد توفيت قبل عامين
وقع هذا الخبر على شادي كصاعقة و بدأت دموعه بالهطول من دون أن يشعر : يالهي ، جدتي المسكينة ، اسف يا سمر
سمر : لا عليك من هذا ، فليرحمها الله
شادي : فليرحمها الله
.. كان عمار واقف مشاعره بين الغضب و الغيظ و الحيرة و الصدمة ، فمن هذا الذي تبتسم له سمر بكل صدق و بحب واضح و من أين بعرف الجدة حتى يبكي بدموع صادقة هكذا ، لأنه بدت الصدمة واضحة على ملامحه ، فلا يبكي أحد على شخص إلا إذا أحبه و عرفه جيدا ، إذن من هو وما قصته مع سمر و أسرته الأخرى ...!!؟
.
. بعد قليل انتبهت سمر و قالت : هذا عمار و هو خطيبي وابن عمي يا شادي
مد كل منهما يده للاخر ولكن عمار ببرود شديد و غيظ وكان متلهف ليسأل سمر من هذا ...، ودعت سمر شادي و اتفقت معه على لقائه يوما وعلى أن يحضر معه كيوي .....
.
.
.
.
. بعد ذهاب كل في حاله لاحظت سمر ضيق عمار فسألته ما به ، فواضح عليه الإستياء ، و سألها بكل غضب من هذا ، إبتسمت سمر بداخلها و فرحت لغيرة عمار و أحبتها كثير و بدأت قص الحماية عليه
.
.
....
شادي هو إبن الخالة رجاء صديقة امها المفضلة ، وهو صديق طفولتها و شقيقها الذي انجبته لها الايام فقد ساعدها كثيرا في حياتها ، كان يحب الجدة فداء جدا و يقضي معهم معظم الوقت و يلعب في منزلهم حتى يأتي والده منتصف الليل و يأخذه نائم ، اعتاد اللعب معها و أيضا عندما كبروا كانت مروة متعلق به كثيرا ، ولكن انتقلوا من ساريز قبل عدة أعوام و بعدها لم يتواصلوا بسبب الظروف ، و أيضا لديهم كلب إسمه كيوي ، وسمر هي من اختارت له الإسم وقتها ضحكوا جدا و ظنوا أنه اسم مضحك ، و لديه أخ صغير يدعى أيهم كان عدو مروة اللدود ، كل واحد منهم ثرثار أكثر من الآخر ولا يطيقان بعضهما البعض ، مثل الجمرة و الماء ..... ، استمع عمار جيدا ولكن بالرغم من هذا لم يحب أن يكون لأي رجل مكانة في قلب سمر فهي خاصته وحده ولا يحق لأحد التعدي على ملكيات الآخرين....
.
. علمت سمر أن عمار لم يحب شادي ولكن ليكون الله في عونها على هذين الإثنين إن اشتبكا معا....
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
مروة ترسم في لوحة جميلة لتهديها لجدتها حنين ، فهي تحبها كثيرا ، رسمت والديهما و يزن و فداء و الجميع في لوحة واحدة جمعتهم اتقنت رسمها كأنهم حقا واقفين معا ثم وضعتها في غرفة جدتها قرب سريرها حتى ترى اللوحة في كل مرة تجلس فيها ... و عندما دخلت حنين و جدت اللوحة بكت بكل قلبها و ذهب و احتضنت مروة بقوة و عندما سمع صوتها الكل أتى ، لم تتمالك سمر نفسها ولا سمية و دخلتا معهم في العناق ثم أعلنت شروق بصوت مبحوح عناق من دوني لا يجوز حتى اختلطت دموعهم بضحكات صغيرة ، لكن أحب الكل تلك اللوحة و بشدة ، فمروة حقا كل مرة تبرز موهبتها أكثر من قبل ، قام عمار و حملها ثم قبل جبينها بحب كبير و اخبرها أنها أفضل لوحة رأها في حياته كلها ، وزاد هذا حماس مروة التي أصبحت تقفز هنا و هناك مثل الارنب الصغير ....
.
.
.
. عماد عاد يحمل معه الكثير من الحلوى و الالعاب فمنذ ظهور سمر و مروة و طفلته الصغيرة مروة تناديه بابا ، هو من أخبرها هذا و هي سعيدة بالعثور على حنان الاب الذي حرمت منه ، على الأقل سمر جربت بعض منه ولكن مروة تركت صغيرة جدا لم تعرف شئ للحياة ولا للعلاقات ، و عماد عوضها عن أخيه منصور ، فبنات أخيه هن بناته و لحمه و دمه ، أصبح يدلل مروة كثيرا و حذرته سمر من هذا إلا أنه كمن وجد ضالته لا يسمع أبدا و يستمر في تدليل مروة و غمرها بالحب و الحنان ، ركضت مروة لحضنه و هي متشوقة لتعرف ما جلبه فهو كل يوم يفاجئها ، ضحك الكل على ردة فعلها عندما وجدت قطة جميلة صغيرة لطيفة ، حملتها بحذر و عيناها تلمعان من الحماس و الذهول ، اختارت في وقتها أن تسميها سيلا ، أصبحت تداعبها حتى اعتادت قليل القطة على أصابع مروة الصغيرة ، أخذتها لسمر و قالت لها : هاهاها من قال أنني لن أحصل على قطة ظريفة ...، و انفجر الجميع بالضحك أولهم سمر التي لم تتمالك نفسها ، فهي تخاف أن تظلم حيوان لذا لم تكن تتبني اي حيوان و حتى كيوي أخذه شادي ، خافت ألا تستطيع تحمل مسوؤليته وهي التي تحملت مسئوليات اكبر منها ، ولكن هي حساسة تخاف حتى أن تظلم نملة صغيرة .....
.
.
.
.
..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
..........مروة لعبت كثيرا تحت المطر الذي كان يهطل و سمر حذرتها كثير من التمادي في اللعب ، لكن كانت تضرب بحديثها عرض الحائط وهي مستمرة في اللعب حتى توقف المطر و دخلت مروة التي أصبح لونها ازرق من التبلل بالماء ، أخذتها سمر بسرعة و دفئتها بسترة كبيرة و حضرت لها شراب ساخن و وضعتها في أحضانها و غمرتها بيديها و بدأت تدلك لها صدرها بزيت السمسم الدافء فهذه خلطة جدتها فداء لمحاربة الزكام قبل هجومه على الجسد و مروة بدأت تظهر عليها علاماته بعد كمية الماء الذي تعرضت له .... ، دلكتها سمر جيدا و وضعت القليل منه على شعر مروة و ظهرها ثم تدريجيا غفت مروة بين يديها و كل هذا يجري تحت أعين الجميع ، فسمر كانت لا ترى أمامها إلا مروة ، هي إبنتها الصغيرة التي سينقطع قلبها لو مرضت أو حدث لها شئ ، حبيتها الصغيرة و طفلتها ، و مروة ضعيفة المناعة لا تتحمل أي شيء لذا سمر حريصة على كل ما يخصها و الزكام إن أصابها يليه إلتهاب رئوي ، فهي أصيبت به قبل الآن وكادت سمر أن تجن وقتها ، لولا جدتها لماتت خوفا على مروة ، كان الجميع يدور في عقولهم أن مروة محظوظة جدا فهي وجدت في سمر ام وأخت و صديقة وكل دنيتها ، فلو كانت ياسمين و منصور على قيد الحياة لما تلقت مروة كل هذا الحب ، سمر فتاة معطائة جدا و يجب عليها أيضا أن تأخذ نصيبها من العطاء وهم جميعا لن يقصروا في حصولها عليها مهما كلفهم جميعا ... ،
في تلك الليلة أصر عماد أن تبيت سمر معهم ، لكنها قررت النوم في مكانها على الكنبة حتي لا تزعج نوم مروة ولم يناقشها أحد لأنهم يعلمون ، موقفها إن تعلق الأمر بمروة ، لذا أحضرت شروق لحافا و قررت البقاء أيضا في الصالة و كذالك سمية التي كانت أيضا قلقة في صميمها على طفلتها ، تلك الليلة شاهدت سمية سمر مستيقظة للصباح تقبل و تحتضن أختها بحنان و تسقيها إن شعرت بالعطش .... فكبرت أكثر في عينيها ...
.
.
.
ظل عمار طول الليل يراقب محبوبته التي كل مرة تتمدد مكانتها داخل قلبه و تتغلغل في دمه قطرة قطرة ، فمنها تعلم مفهوم جديد للحب من خلال علاقتها بإختها ، و رأى أنه أكثر شخص محظوظ ، فقد حصل على جوهرته بين الكنوز و زنبقة بين الورود ..
أنت تقرأ
سأعتني بك يا اختي
ChickLitموت . فراق . يأس . وداع . أمي . أبي . أخي . رحلوا جميعا تركوني . تركوا مروة اختي الصغيرة عائلتي مسئوليتي كنزي آخر ما تبقى لي من ذكريات الاحبة سأعتني بك يا اختي