🍒الفصل الخامس🍒صوت تكبيرات العيد وتهليلاته كما دوما أيقظت بداخلها تلك الطفلة التي دوما ما كانت تستيقظ منذ ما قبل بزوغ الفجر توقظ والديها بضوضائها مهدية إيّاهما باقة ضخمة من القبل وأخرى من المعايدات والتبريكات لتذهب بعدها فتقف أمام نافذة غرفتها تراقب الأفق تترقب بزوغ الشمس وما إن تطلّ عليها بثوبها الذهبيّ المحمرّ حتّى تدخل بنوبة أخرى من التجهيزات وتدخل والديها بها ولا يهنأ لها حال إلّا وقد وصلوا إلى حيث يتجمع من الناس زمرا لأداء صلاة العيد
الحقيقة هي أن ليس صباحاتها فقط في العيد هي ما كانت صاخبة إنّما كل ساعاته وفي كلّ أيّامه... العيد كان بهجة قصوى لها حيث كانت تشعر أنّها ليست سوى أميرة وما عليها سوى أن تطلب لتطاع... خروجات وزيارات وألعاب ومطاعم ونزهات... سعادة في سعادة
تنهدت رحيق بينما تتقلب في فراشها تسمع صخب الصغار في الخارج جاؤوا ليعايدوا جدّتهم قبل الذهاب لصلاة العيد وربما أيضا ليستلموا أولى "عيدياتهم" فتبتسم في شجن..
محتاجة... مشتاقة... مفجوعة... مسحت رحيق دمعة استقرّت على خدّها فيما تتنهد من جديد... بألم... دوما دوما في صباحات العيد خاصة تتذكر أنّها يتيمة... لو كانت تعلم فقط... لزادت من قبلها والصخب... رحم الله والديها... وأنار قبورا تحتضنهم
أغمضت عينيها تعتصر ذاكرتها تحاول استرجاع ملامحهما التي تشعر أحيانا بخشية أنّها قد تكون ضيّعت بعضا من تفاصيلها... فإن نسيت فمن أين لها أن تتذكر ولا صورة معها لتذكّرها فالصور قد كانت آخر همهم عندما كانت الأرواح على المحكّلم تكن رحيق تدرك في خضم بؤسها وتحسّرها على صورة أنّها قد تكون أكثر حظا من غيرها فغيرها وإن ملك ألبوما من الصور فلا ذكريات يؤسف عليها لكي يستعيدها... بالضبط، كحال تلك الأخرى التي استيقظت منذ ما قبل الفجر وشعور عارم بالفراغ يلفّها... شعور بالانفصال، وكأنّ تلك البهجة وذلك الجنون اللذين ينتابان الناس من حولها في خضم تحضيراتهم للعيد بل واستقبالهم له غير مفهومين بالنسبة لها
في كلّ عيد تأخذ بمراقبة بيت عمها، سراب وأولادها ومجد وأطفاله فتستغرب وتسأل ما الشئ المختلف بالعيد كي يكون يوما مميزا... في كلّ مرة تشاهدهم يحييون بعضهم في يوم العيد بحفاوة شديدة وكأنّهم لم يروا بعضهم منذ يوم أو يومين تكاد تضحك عليهم تكاد ولا تفعلها فطفلة متوارية بزاوية باردة مظلمة ومهجورة داخل قلبها تراقبهم أيضا بعين دامعة وبعض الحسد!
لطالما كان العيد بالنسبة لها وللميس إجازة مدرسية، مسرحيات تلفزيونية، وملابس جديدة... الكثير منها... وعيدية مالية لا فائدة منها توضع في حصالاتهم فبم سيصرفونها إن كان الخروج شبه معدوم... عيدية حرموا منها أيضا ما إن كبرن قليلا ليستعاض عنها بكثير من الهدايا فكثرة المال ليست إلا مفسدة أخلاقية!!ما كان يخفف عنهن وطأة الكآبة في العيد أنّ والديهما كانا يعلنانه كهدنة فيما بينهما فيتوقفان عن الشجار إلّا بالطبع إذا قرّر والدهم التفريج عليهم وإخراجهم لتناول وجبة طعام خارج البيت في مطعم ما حينها فقط تنتهي تلك الهدنة كلّها وكأنّها لم تكن فاتهامات والدها وشكوكه وتأويله لكلّ حركة ونظرة وهمسة من والدتها كانت تعيد اشعال فتيل الحرب بينهما من جديد، ولهذا السبب بعد أن كبرن قليلا بتن هنّ بأنفسهنّ يرفضن ذلك الإمتياز بالخروج فلا هنّ على استعداد لاهدار تلك الهدنة السلمية ولا راغبات بالخروج كما العساكر خلف ضابط فلا همسة ولا ابتسامة ولا نظرة، فإن كان الهدف من الخروج هو الأكل فقط فخدمات التوصيل للمنازل أكثر من كافية... أما والدهنّ فقد وجد باعفاءهنّ هذا له فرصة في بعض الأحيان لزيارة الأردن حيث أهله ووالدته فيقضي بعضا من أيام إجازة العيد معها... جدّتها... "زاكية" !!
آآآه كم تكره هذا الاسم... سامح الله والدها الذي اختاره لها ارضاءا لوالدته التي غضبت منه بعد أن تجاهل تسمية لميس بذلك الاسم ليكون من نصيبها هي، وما ذنبها هي لتحمله طيلة حياتها فتمضي سنينها في المدرسة متعرضة لاستهزاء زميلاتها فهناك لقب "زوزو" لم ينفعها لا سيما أنّها كانت دوما من المتميزات في المدرسة واسمها كثيرا ما كان يتردد على ألسنة المعلمات
تذكر جيّدا أول دخولها للجامعة كم كان الأمر محرجا عندما ترى نظرة الصدمة على وجوه زملاءها والاحراج الشديد الذي يربك ألسنتهم عندما يودون مخاطبتها ولكنّهم ولله الحمد مع الوقت اعتادوا الأمر فما عاد الأمر مربكا لها ولهم ولكنّ تلك اليافطة التي ستعلقها يوما على باب عيادتها لا زالت تؤرقها "الدكتورة زاكية" يا للسخرية!!
أنت تقرأ
عندما يعشقون صغاراً (ج2 من سلسلة مغتربون في الحب) لِـ "نيڤين أبو غنيم"
Romanceالرواية للجميلة بامبولينا.."نيڤين أبو غنيم" وأتشرف بسماحها لي بنشرها هنا على صفحتي بالواتباد.. كلمة لِـ نيڤين .. سُعدت جدااا بتجربتي الأولى بكتابة "عيون لا تعرف النوم" وسعدت أكثر بمشاركتكم إيّاها وبردّات الفعل الإيجابية التي تلقيتها وهذا ما شجعني عل...