🍒الفصل الأول🍒

1.7K 49 6
                                    

🍒الفصل الأول🍒

جرس الباب قاطع عملهما المنهك في إعداد الفطور لا سيّما في هذا الحرّ الذي يكاد بستنفذ كلّ ما يملكنه في أجسادهنّ الرقيقة من طاقة متبقية لم يستهلكها الصيام حتّى الآن بالفعل
أسبوع قد مضى من شهر رمضان الفضيل وأسبوع مذ عاد الغائبون المغتربون، لا زالت غزل تذكر ذلك اليوم الذي فاجؤوهم فيه بعودتهم بعد أذان المغرب بقليل وقد كانوا لا يزالون يرتشفون من أطباق الحساء التي لا تستوي سفرة الطعام إلّا بها في رمضان حين فاجأتهم طرقات قويّة عنيفة على باب البيت تنخلع لشدّتها القلوب...
وما هي إلا دقائق حتّى كان الهرج والمرج يعمّ البيت احتفاءا بصغارها العائدون من غربتهم الاختيارية فيكون وجودهم كما السحر ناثرا البهجة على وجوههم لا سيّما وجه أمّهم الذي بات الحزن جزءا من صفاتها التي يكاد يخالها من لا يعرفها قبل سبع من السنوات جزءا من ملامح تكوينها التي جبلت عليها
عاود القرع إزعاجه فبادرت للطلب من رحيق فتح الباب، نظرت لها رحيق باستغراب قبل أن تتجه بسرعة منفذة طلبها لا سيّما أنّ غزل بالعادة تفضل أن تفتح هي لزوجها الباب دون غيرها
دخل كرم المطبخ وحيدا وقد تأخرت رحيق من بعده تتلاهى بعمل ما كي لا تتطفل عليهما، كانت إمارات الإنهاك تبدوا واضحة عليه بوجهه المحمرّ وجبينه المتعرق من شدّة حرارة الجو الخانقة في الخارج

نظرت له غزل بشفقه وكادت تتناسى مشاجرتهم التي حصلت في الصباح لكنّها سرعان ما قرّرت أنّ الصمت أسلم فبعد سنوات من الزواج باتت تعلم أنّ مزاج زوجها غير موثوق دائما أثناء الصيام
تناولت من بين يديه أكياس عصائر التمر الهندي والليمون التي لا شئ يسعدهم كما ارتشافها من بعد ساعات الظمأ الطويلة وكيس "القطايف" ومكونات حشواته المختلفة من الجوز والزبيب والقشطة والذي لا تستغني عنه أيّ أسرة في الأردن كتحلية طوال الشهر الفضيل
وضعت غزل الأكياس على الطاولة خلفها وقبل أن تدخلها البراد كما كانت تنتوي، اختطفتها يد زوجها يسحبها معيدا إيّاها واقفة أمامه ليحاوطها بذراعه الآخر قائلا: شو ما في يعطيك العافية حبيبي... يسلّم ايديك حياتي... اشتقتلك كرومتي؟!!
نظرت له غزل بعتب وبعض العجب فهي وإن كانت تتوقع منه بعض الندم على صراخه غير المبرر بها صباحا سوى لافتقاده لسيجارته الصباحية، إلّا أنّها لم تتوقعه الآن وقبل الإفطار وقبل التشبع بكميات مهولة من سمّ النيكوتين والذي لا غنى له عنه..

قاومت اشتياق عينيها وهربت بنظراتها منه خوفا من أن تضيّع على نفسها متعة التمنّع والتدلّل، أمّا هو فقد كان بداخله يلوم نفسه على انفلاتات أعصابه التي لا سيطرة له عليها فهو وكما تقول زوجته حينما يغضب يعود الغول النازق من جديد وتكون أعصابه رهنا لعفاريته: حبيبتي والله آسف ما كان قصدي أعصب عليكي بس والله الفترة هاي مرهَق جدا وتعبان من السهر وقلة النوم واللف الطويل بالسيارة تحت الشمس..

عندما يعشقون صغاراً (ج2 من سلسلة مغتربون في الحب) لِـ "نيڤين أبو غنيم"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن