الفصل الأول: دَاخِلُ زُقَاقِ مُظْلِمِ

250K 8K 1.6K
                                    

في شارع من شوارع أحدى أرقى الأحياء في مصر والأكثرهم هدوءاً.. حي الزمالك، تسير هي وحيدة ليلاً بينما تُدندن بلحن أغنية ما للست "أم كلثوم" وهي تُضيف بضع كلمات من رأسها تُماشي اللحن كونها لا تستطيع حفظ كلمات الأغاني.

تمر من جانب شارع جانبي مُظلم، تسمع صوت آنين شخص يتآلم قادم من مكاناً ما فتلتفت حولها بحثاً عن مصدر الصوت.

في أحد الأزقة المُظلمة يقف شاب كما يُطلق على أمثاله 'شمام' وقد قام بدفع شاباً آخر نحو الحائط بقوة وهو يضغط على قفصه الصدري، على الأغلب هو يحاول سرقته فلا يبدو الأمر كشجار قط.

وقفت تراقب المشهد لثوانٍ لتجد أن الشاب الآخر 'المتثبت' يخلع ساعته وعلى وشك إخراج حافظة نقوده ومنح كل ما تحويه لذلك الشاب السارق، قلبت عيناها بتملل.. ذلك الأحمق الجبان، يمكنه بحركة واحدة أن يطرح السارق ارضاً لكن يبدو عليه الخوف بالرغم من أن فرصتة لا بأس بها..

حسناً لنكن واقعياً السارق يحمل سكيناً لكنه بنصف وعي فهو يترنح أثناء وقوفه وكذلك هو قصير القامة هزيل البنية أما الآخر فذو بنية قوية فبضربة رأس واحدة يمكن أن يُفقده الوعي.

قلبت عيناها بتملل وهي تنظر إلى المشهد ثم اتخذت قرارها، لطالما نصحتها والدتها مراراً بعدم التهور وعدم الإنخراط فيما لا يخصها لكن الأمر يختلف هنا فهذه حالة إنسانية في نهاية الأمر!

أقتربت بخطى بطيئة تحاول ألا تُصدر أي صوت حتى وقفت خلف الفتى تماماً.

"بست.. كابتن." أصدرت صوتاً بفمها لتلفت انتباهه وبمجرد أن أدر وجهه لينظر إليه شكلت يدها اليسرى على شكل قبضة وقامت بلكمة بأقصى قوتها مستهدفة منطقة 'الصدغ' .. لم تمنحه هي وقتاً كافياً لإصدار أي ردة فعل فبسبب لكمتها تلك سقط أرضاً فاقداً للوعي على الأغلب، وقف الشاب الآخر يحدق بها في فزع وذهول لتُعلق في سخرية:

"أنت لسه هتنح، يلا نجري بسرعة قبل ما يفوق."

لم يُحرك ساكناً بل وقف يحاول رؤية ملامح وجهها على إضاءة مصباح ضعيف بالكاد يعمل مُسبباً صوت شرار كهربائي بين الحين والآخر.

"براحتك، لو فاق هيعمل منك كفتة.. اه متنساش ساعتك." علقت بسخرية وهي تتحرك مُبتعدة عنه، يفيق من شروده ويأخذ ساعته ويلحق بها.

"يا آنسة.. ثواني بس.. يا اسمك ايه.." صدح صوته في المكان بينما تجاهلت هي ندائه حتى وصلوا إلى منطقة مُضيئة وشارع به بعض المارة.

"أفندم، حد ثبتك تاني؟"

"أيه ثبتني ديه؟ أسمها حاول يسرقني يا آنسة."

 في حي الزمالكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن