الفصل الثاني عشر

5K 161 74
                                    

طوال الرحلة التي استغرقت ساعات كانت اماليا تفكر في هذا الاقتراح الذي خرج به اليكس،وتتساءل اذا كان فيه اي فائدة .لطالما تمنت ان يعيش طفلها بين ابوين محبين يحترمان ويحبان بعضهما .

وصلت اماليا الى كمبوديا،بعد منتصف الليل بالتوقيت المحلي، ووجدوا في استقبالهم ممثل منظمة اطباء بلا حدود في منطقة اسيا والشرق الاوسط،الذي استقبلهم بترحيب شديد،عندما نظرت اليه،تفاجأت بالشخص الواقف امامهاهتفت بحماس شديد
-جورج دانييلز!!!!اهذا انت فعلا؟
-امليا مونتانا!يالها من مفاجأة رائعة،كيف حالك ،واين وصلت بك الاقدار؟
-انا بخير،وانت كيف احوالك؟
مرت غمامة من الحزن على وجهه وتاهت نظراته في الفراغ ثم اجاب بعد لحظات
-انا اعيش يومي بيومي وهذه هي الحياة
-ما الذي حصل لك جورج،لما هذه المرارة،انت لم تكن هكذا ابدا؟
-الموضوع يطول شرحه عزيزتي،والان يجب ان نبدأ رحلتنا وعندما تستريحين سوف نتحدث مطولا فأنا ايضا ارى لمحة من الحزن في عيونك،هيا بنا الان.
انطلقوا في رحلتهم التي تأخدهم الى احد اقاصي كمبوديا حيث ينتشر الفقر المدقع والتهميش،نظرت اماليا عبر نافذة السيارة الى هذه الاحياء المهمشة وشعرت بغصة في صدرها وكيف ان الحياة ليست عادلة،رغم انها تحاول قدر المستطاع مساعدة المحتاجين لكنها تعرف في قرارة نفسها ان هذا الامر غير كاف وان في هذا العالم اجحاف كبير ،حولت نظرها الى جورج الذي يجلس الى جانبها ووجدته تائها في افكاره وملامح الحزن والاسى تموج بين قسماته،فتساءلت بينها وبين نفسها عن ذلك فقد كان شابا مليئا بالمرح لا يمكن ان تراه دون ابتسامة تزين وجهه ،ما الذي حدث له لكي يتوه في هذا الاسى ؟
-جورج ماذا حصل لك، اين ذلك الشاب المرح الذي كنت اعرفه؟
-حدث الكثير عزيزتي فما تخبأه لنا الحياة عادة ما تكون خارجا عن ارادتنا الموضوع يطول شرحه ،سنتحدث فيما بعد.
-حسنا ،عندما تريد ان نتحدث فانا رهن الاشارة.
وصلت القافلة في الرابعة صباحا واتجه كل الى مكان اقامته،ليرتاح الجميع من عناء الطريق،وكل يفكر في ما آلت اليه امور الحياة بين شد وجذب ،نامت اماليا بسرعة من شدة التعب بعد ان قضت اكثر من عشرون ساعة بين المطارات ،لتفتح عينيها في الصباح على اصوات تجمع لعدد كبير من الاشخاص الذين يتحدثون بلغة غريبة عنها قامت من مكانها ونظرت الى الساعة لتجدها قد تخطت الزوال بدقائق غسلت وجهها وانعشت نفسها ولبست ملابسها وتوجهت الى خارج المعسكر لتتفاجأ بتدافع مجموعة كبيرة من الاهالي،اقتربت من احد الحراس لتسأله عن سبب ذلك
-ما الذي يحدث هنا،لما كل هذا التدافع؟
-انهم اهالي المناطق المجاورة علموا بأن هناك قافلة طبية وحضروا لكي يستفيدوا من العلاج
-ألا يعلمون بأننا جئنا لاجراء عمليات جراحية ،وانه قد حدد ت اوقاتها واعدادها قبل مجيئنا؟
-هذا ما يحاول المشرف على القافلة ان يفهمهم اياه منذ الصباح الباكر لكنهم لا يريدون الرحيل دون،الاستفادة من العلاج.
اتجهت اماليا الى حيث يوجد جورج لتسأله
-حسنا ماذا سنفعل الان؟
-لا ادري،هم محتاجون للعلاج ولكننا لا نملك عددا كافيا من الاطباء لكي نستطيع القيام بكل هذه المهام فالاطباء بشر ايضا يحتاجون للراحة لكي يستطيعوا الاستمرار
-لما لا نقوم بالكشف الان ونبرمجهم في القافلة الطبية القادمة.
-حتى هذا من الصعب القيام به ،فلا يمكنني ان اطلب من اطباء سوف يقضون اغلب اوقاتهم في القيام بجراحات معقدة ومستعجلة ان يقوموا ايضا في اوقات راحتهم بالكشف والفحص لمجموعة جديدة من المرضى فهذا اجحاف واستغلال
-انا شخصيا مستعدة ان اقوم بذلك،ويمكنك ان تسأل الاطباء الاخرين لنرى رأيهم في الامر،ففي الوقت الذي يكون فيه احدهم بعملياته سيكون احدنا يقوم بالفحص والكشف عن المرضى وسنقوم بفرز الحالات على حسب خطورتها فان كانت مستعجلة نقوم ببرمجتها الان وان لم تكن نبرمجها من اجل القافلة المقبلة ما رأيك؟
-إنها فكرة جيدة ولكن يجب ان يوافق عليها الجميع لكي نستطيع تنفيذها
-اجمع الطاقم الان من اجل اجتماع عاجل لنرى ماذا سيقولون لتخرج للناس وتخبرهم بما يستجد .
وهذا ما كان،فقد اقتنع كل الطاقم الطبي بالفكرة وبدأوا في تنفيدها فقد قام جورج بابلاغ الاهالي بانه سيتم فرزهم على حسب استعجال الحالة وسيعطى الكل موعدا للقدوم للفحص،وهكذا تم فض التجمهر وبدأ الطاقم في الاستعداد لبداية مهمتهم،برمجت العمليات التي ستقوم بها اماليا خلال الفترة الصباحية لليوم التالي،ذهبت للنوم باكرا بعد ان حاولت الاتصال بكامي لكنها لم تلتقط الاشارة،وبعد ليلة نوم جيدة استيقظت باكرا قامت بروتينها اليومي توجهت الى المقصف لتناول افطارهاوقابلت هناك جورج،تناولا طعامهما سويا وهما يتحدثان عن ما ينتظرهما خلال هذا النهار،سألها جورج
-منذ متى وانت تشتغلين بالمهام الانسانية؟
-عندما اصبح طفلي في السادسة ويمكنني تركه مع جدتي دون مشاكل،وبعد وفاتها اصبحت اتركه مع صديقتب اماندا وزوجها ريتشارد وهو الذي اعوضه في هذه المهمة
-نعم الطبيب الذي اصيب في حادث سيارة،أذكر جيدا عندما التقيتك اول مرة في الكلية كنت في سنتي النهائية وانت في سنتك الاولى وكنت حاملا وصغيرة جدا لكن قوة ارادتك وحصولك على الدرجات الاولى اكبر دليل على قوتك رغم صغر سنك
-نعم اذكر لقاءنا الاول كان في الكافيتيريا وكنت معجبا جدا بديانا رفيقتي وقتها وكنت تحاول التقرب اليها بكل الطرق،فعلا قضينا اوقاتا جميلة لا تنسى رغم ان قصتك معها قد انتهت بنهاية سنتك الاخيرة
-لا لم يكن السبب انتهاء سنتي الاخيرة، السبب هو انها ابدا لم تبادلني مشاعري رغم انني احببتها بصدق وفي النهاية اعترفت لي بانها لم تستطع ان تحبني رغم انها حاولت فآثرت الرحيل والابتعاد وهكذا كان
-تعرف ان هذه الحياة غريبة فعلا عندما نريد شيئا بقوة فهو يبتعد عنا، وعندما لا نتوقعه نجده امامنا متاحا بكل بساطة رغم انه يحمل في طياته الكثير من الغموض والالم،اخبرني ماذا فعلت بعد ان انهيت الدراسة؟
-لقد انظممت الى منظمة اطباء بلا حدود منذ ذلك الحين وكنت الف العالم عبر بؤر التوتر لمنح بعض المساعدة الطبية للاشخاص في وضعية صعبة،وانا الان المشرف على عمليات المنظمة في اسيا
-اهذا يعني ان حياتك الشخصية توقفت عند ديانا؟
-لا!اطلاقا لقد كان لي مغامرات كثيرة واحببت ايضا امرأة رائعة وتزوجنا ولففنا العالم معا لمساعدة الناس
-حقا؟واين هي الان؟اود كثيرا التعرف اليها
اكتست قسمات وجهه غمامة من الكآبة والحزن ،نظر الى يديه مليا قبل ان يرفع رأسه ويجيبها -
-لقد توفيت السنة الماضية بعد صراع مع السرطان لم يمهلها طويلا.
وضعت اماليا يدها فوق يديه وهي تنظر اليه بعينين دامعتين
-انا اسفة جورج ،فقدان شخص عزيز امر محزن حقا
-بل هو مدمر لولا انها ترجتني ان استمر في حياتي وان اظل اقدم المساعدة لكل من يحتاجها لكنت اعتزلت هذا العالم بالكامل.
-لا عزيزي زوجتك كان معها حق فالحياة تستمر رغم كل معاناتنا فهناك دائما شيئ ما يدفعنا للاستمرار في العطاء من يدري ربمامازالت تخبأ لنا اشياء جميلة سنعيشها لذا لا يجب ابدا ان تيأس وافتح قلبك للحياة من جديد
-ارى انك تنصحينني رغم ما اشعر به من انك تحمليناعباء هذا العالم فوق كتفيك وتلك اللمحة من الحزن فيىعينيك الجميلتين تجعلني اتساءل ما الذي حصل لك؟
-الكثير جورج ،الكثير،عندما انتهي من مهمتي سوف اخبرك بكل شيء ربما اجد عندك الرأي السديد ،اما الان فقد آن اوان اولى عملياتي ويجب ان اذهب،الى اللقاء
-الى اللقاء عزيزتي، فلنلتقي على العشاء مساءا لنرى ماذا يمكن فعله في مشاكلك.
ودعته بابتسامة عذبة وتوجهت الى المستشفى الميداني الذي اقيم في هذا المكان لتبدأ عملها نافضة عنها كل افكارها وهواجسها ............

مرآة الحب المتكسرة+18حيث تعيش القصص. اكتشف الآن