لندن سنة ١٩٧٦ م . .وقف جعفر في مطبخه وأخذ يحضر له بعض القهوة السوداء التي لم يكن يحبها من قبل لكنه أدمن عليها منذ وصوله للندن لأنها تساعده على السهر ، وأثناء تحضيره للقهوة ألمه اصبعه البنصر فنزع عنه الشاش ونظر إلى جلده المحمر من أثار عمله للوشم باسم ليلاه حتى لا ينساها يوماً ، وكأن عذابه طيلة هذه السنوات وغربته لم يكفيه حتى يظل يذكر نفسه بها كلما ظن أنه نساها .
وكيف ينساها وهي تسكن الروح رفع إصبعه حينذاك وطبع قبلة طويلة على مكان الوشم ثم أعاد الشاش لمكانه , حاملاً كأس قهوته بيده الآخرى ثم وضعها أمامه على الطاولة بالجوار من الملف الذي يعمل على مراجعته قانونياً لأحدى شركات الطيران التي تعاقد بالعمل معها في القسم القانوني الخاص بها وذلك منذ ستة أشهر ولمدة عام يكون قد اكمل فترة تدريبه , جلس على أريكته التي في منتصف صالته يصغي لصوت كوكب الشرق الذي تقول
على بلد المحبوب وديني
زاد وجدي والبعد كاويني
الشريط الذي أهداه إياه صديقه سامر العراقي الذي تعرف عليه مؤخراً وكان لتوه راجعاً من العراق بعد أن قضى إجازته ببغداد كم حسده حينذاك , عندها قام باهدائه هذا الشريط فأحبه جعفر فقد شعر وكأن الست تصف حاله لدرجة انه أدمن على سماعها كل ليلة فهي ترجعه لأجمل ذكرياته في بغداد الفاتنة .
أغمض جعفر عينيه بقوة وهو يشعر بالعبرة تخنقه كعادته كلما تذكر محبوبته ثم فتح عينيه وأخذ ينظر إلى الجدار الذي أمامه وهو يفكر في أنه لا يصدق أن عامين قد مرت على وصوله لندن , إنه مازال يتذكر يومه الأول لوصوله إلى لندن في ذلك اليوم قام صديق والده باستقباله وأخذه لمنزله .
حينها قابل وللمرة الأولى ابنة صديق والده شهرناز ووريثته الوحيدة وكانت في مثل عمر ليلى ، آنذاك نظرت شهرناز إليه مباشرة ومدت يدها بجرأة كبيرة كانت فتاة جميلة جداً خطفت أنفاسه رغماً عنه قامت بتحيته بدلال بلغتهم الفارسية
" مرحباً ,, اسمي شهرناز "
" مرحباً ,, اسمي جعفر "
تبادلا الكثير من النظرات أثناء تناولهم للعشاء برفقة والديها حتى أنه خجل من فعله ذلك , لكن ماذا يفعل فهي لم تكن فتاة مثل أي فتاة عرفها من قبل فجمال شهرناز ودلالها كان مبهرين له جداً وزاد ذلك جرأة نظراتها وابتسامتها التي سحرته آنذاك.
بقي جعفر في منزل صديق والده شهراً كاملاً ريثما يجد له سكن ينتقل إليه أثناء ذلك كانت شهرناز تقوم بمساعدته كل يوم في البحث عن سكن , ولأنه كان حريصاً أن يكون سكنه بجوار جامعته وجد صعوبة في إيجاد ذلك بسهولة ، لكنه بعد مرور شهراً وجد له سكن مناسباً له وقريباً من جامعته , كذلك حصل على رخصة القيادة بفضل مساعدة شهرناز له فطلب منها أن ترافقه ليشتري سيارة له وليأخذها في جولة بها .
أنت تقرأ
رسالة لا يقرؤها سوى ليلا ( مكتملة )
Romance•الأخوات كهرمان • رواية من وحي الحياة • تبدأ أحداث الرواية في خمسينيات القرن الماضي في العراق وبالتحديد ببغداد عندما انتقل الإمام "ناصر" من جنوب العراق إلى بغداد ليسكن بمنزله المقابل لمنزل جاره " خورشيد " الاصل متزوج بثلاث نساء إيرانيات يعشن معاً ب...