الفصل السادس والثلاثين

752 29 2
                                    



الفصل السادس والثلاثين




كان جمال مجتمعا بأحد عملاءه عندما اقتحم رائد مكتبه بدون مقدمات وهو يسأل هادرا :- أين زين ؟؟
بينما انتفض العميل الأربعيني مذعورا بالاقتحام العنيف ... رفع جمال رأسه إلى رائد ببرودة اعصاب وهو يقول :- لماذا تظن أن علي أن أعرف بمكان وجودها ؟؟
:- ربما لأنها موظفة لديك ... ولأنها غير موجودة الآن على مكتبها ... أين هي ؟؟ لابد أنها قد اتصلت بك وأخبرتك عن غيابها ...
تأمل جمال وجه صديقه ( السابق ) بهدوء مستمتعا بمرأى الصبر يتبخر من أذني رائد شيئا فشيئا ... الانتقام بشع ... الانتقام أسود ... وجمال لم يظن حقا أنه سيتمكن قط من رد اعتباره من رائد حتى هذه اللحظة .. قال بهدوء مخاطبا عميله المسكين :- هلا منحتني بضعة دقائق يا سيد مصطفى بعد إذنك ؟؟
بدون تردد ... وقف الرجل وغادر المكتب تاركا الرجلين وحدهما ... ينظر كل منهما الآخر وكأنه يقيس خصمه قبل انقضاضه عليه .. قال رائد ببرود :- أخبرني أين هي ؟؟
هز جمال كتفيه قائلا :- تستطيع تفتيش المكتب شبرا شبرا لتتأكد إن كنت أخفيها في مكان ما... عدا هذا .. أنا لا أمتلك أي إجابة أمنحك إياها عن سؤالك ..
بخطوة واحدة كان رائد يقف أمام المكتب ... يضرب سطحه بقبضتيه وهو يميل إلى الأمام قائلا من بين أسنانه :- اختبر صبري قليلا بعد يا جمال .. وأعدك بأنني سأرمي كل صداقتنا القديمة وراء ظهري .. وأعلمك بالضبط كيف يغضب أحد أفراد عائلة العمري ..
لم تهتز شعرة واحدة من رأس جمال وهو يلوي فمه بسخرية وهو يقول :- شكرا ... أنا أعرف كل شيء بالفعل عن أخلاق آل عمري .. فلم تظنني أخدمك بأي طريقة فأورط تلك المسكينة معك ...
هدر رائد به غاضبا :- تلك المسكينة تخصني أنا ..
أظلمت عينا جمال وهو يقول بصوت مكتوم :- كما كانت رنيم تخصني أنا ..
ظل كل منهما يحدق في الآخر ... احدهما بتحدي .. والآخر بتوتر ممزوج بالغضب وهو يقول باقتضاب :- علاقتي برنيم سبقت علاقتك بها بكثير ... وقد انتهت منذ فترة طويلة ..
هز جمال كتفيه وهو يقول :- مآل العلاقات كلها النهاية على ما يبدو ... فها هي علاقتي برنيم قد انتهت ... وعلى ما يبدو علاقتك بزين أيضا ...
خلال لحظة كان رائد قد دار حول المكتب ليمسك بجمال من تلابيب قميصه رافعا إياه عن مقعده وهو يقول كازا على أسنانه :- أقسم بالله يا جمال .. إن كنت تخفي عني شيئا ..
ضحك جمال مقاطعا إياه دون أن يبدو عليه أي أثر للخوف من تهجم رائد عليه .. وقال :- كنت أتمنى لو أنني أعرف مكانها فقط كي أستلذ يرؤيتك تتلظى بحمى الجهل يا رائد .. لا ... أنا لا أعرف أين زين ... إذ أنها باتت خارج صلاحياتي منذ تركت العمل لدي ظهر الأمس ..
رمش رائد بعينيه وهو يرخي أصابعه مرددا :- تركت العمل ..
:- ألم تخبرك ؟؟ يبدو أنها لا تثق بك بما يكفي كي تفعل .. وأنا لا ألومها البتة ..
عاد الغضب يستعر داخل صدر رائد وهو يقول :- لماذا تركت العمل ؟؟ ما الذي فعلته لتدفعها للرحيل ؟؟
هز جمال كتفيه وهو يقول بجذل :- طلبت منها الخروج معي للعشاء ... أنت تعرف كيف تجري هذه الأمور ... أنت تأخذ مني فتاتي فآخذ منك فتاتك .. فرفضت تاركة العمل .. للحظة ندمت على ما فعلته .. إلا أنني الآن أتساءل إن كان علي المحاولة مجددا عندما أراها بما أنك قد خرجت على ما يبدو من المعاد ....
لم تسنح له الفرصة لإتمام عبارته .. إذ لكمته قبضة رائد بقوة مسقطة إياه فوق مقعده بعنف .. تراجع رائد إلى الوراء وهو يدلك قبضته قائلا بجمود :- أنا آسف حقا على الطريقة التي انتهت فيها صداقتنا يا جمال .. وآسف لما تسببت به من ألم وتعاسة لكل منك أنت ورنيم .. إلا أنني لن أتورع عن تحطيم أنفك إن عرفت بأنك قد اقتربت من زين ...
تركه مغادرا مكتبه بخطوات واسعة ... في المكتب الخارجي .. وقف العميل نفسه مذعورا من جديد عندما ظهر رائد وكأنه يخشى أن ينهال عليه ضربا وقد كان الغضب يفوح منه بقوة .. وعند الباب .. كاد رائد أثناء خروجه يصطدم بشخص لم يتوقع أبدا أن يراه هناك ..
رفع ذلك الشخص رأسه عندما رآه هاتفا بدهشة :- رائد ..
بينما أحس رائد بجسده كله يتوتر مرة واحدة لمرآه وهو يقول باقتضاب :- همام ...

فى قلب الشاعر الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن