الفصل الرابع والثلاثون

714 30 1
                                    




الفصل الرابع والثلاثون

كانت ليلى جزءا من شركة الشاعر لسنوات طويلة .. إلا أنها لم تشعر بكل هذه المتعة في العمل والحماس لتحقيق شيء كما أحست منذ بدأت العمل في شركات الحولي العالمية ...
مضى عليها أيام تعرفت خلالها على طريقة العمل التي كانت مختلفة تماما لها عن تلك المتبعة في شركات الشاعر العائلية النظام .. حيث تصب القرارات الكبرى كلها من مصدر واحد يتركز في كيان الشاعر الأب .. بينما هنا .. في مؤسسة ضخمة تمتد جذورها لتغطي جزءا كبيرا من السوق العربي والأوروبي بفرعين رئيسيين أحدهما في الوطن والآخر في استانبول عدا المراكز والمكاتب الفرعية المنتشرة في جميع أنحاء العالم .. كانت تشعر بأن الفرصة متاحة لها في تحقيق شيء من الإنجاز .. والتقدم .. بمجهودها الشخصي فتترقى في النهاية لا لأنها كنة الشاعر .. بل لأنها موظفة كفؤة .. مجتهدة وذكية .. كما أنها لن تشعر بالظلم أبدا حين يأخذ مكانها شخص يتفوق عليها فعلا بالكفائات ... لا بصلة الدم التي تربطه بالرئيس ..
ربما وجدت أخيرا مكانها في عملها الجديد الذي كان عاملا لاهيا لها ولأيام عن التفكير بهمام الذي لم يستمع إليها ولطلبها منه بمنحها الوقت .. وظل يحاول الاتصال بها عدة مرات يوميا دون فائدة .. إذ كانت تحاول إبقاء تلك الليلة التي تشاركاها خارج حساباتها وهي تفكر بمصير علاقتها به ..
كانت تلملم أغراضها استعدادا للانصراف عندما ضربتها الفكرة .. رباه .. أنا على علاقة به .. أنا على علاقة حقيقية به ..
كما في كل مرة تتذكر فيها ما حدث .. الطريقة التي استسلمت فيها له .. والتي ضاعت فيها تحت تأثير لمساته .. تنسحب الدماء من وجهها فتجد نفسها ترتجف بحاجة ماسة للجلوس .. ما الذي فعلته يا ليلى .. بعد كل هذا السنوات من التوق للتخلص منه .. لإخراجه من حياتك ... تمنحينه في النهاية الشيء الوحيد الثمين لديك الذي أقسمت على ألا يناله منك ..
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تدس الأشياء داخل حقيبتها ثم تحملها فوق كتفها مغادرة المكتب .. هاهي مساويء أن يضطر شخص مثلها للتوقف عن العمل بسبب انتهاء الدوام .. فتجد نفسها مجتاحة من قبل أفكارها .. وأحاسيسها .. وذكرياتها
(إن لم يكن توسلي هذا حبا ... فماذا يكون ؟؟)
كيف تراه يحبها كما يدعي ... ولأجل ماذا ؟؟ ولماذا بحق الله تهتم بأي شيء يقوله لها أو تصدقه ؟؟ هتف صوت صغير داخل عقلها ... ربما لأنه ليس مضطرا للكذب وقد نال بالفعل ما يريد ... إن أخبرك الآن بأنه يحبك .. وأنه يريدك معه إلى الأبد .. فهذا يعني أنه صادق بدون أغراض دفينة تدفعه .
خاطبت ذلك الصوت الأحمق بنزق .. بحق الله .. وماذا عن مشاعري أنا ... أنا لا أطيقه .. لقد كرهته لسنوات ذلك الرجل المغرور الجبان والعديم الحياء ..
عاد الصوت يرد عليها بخبث .. تكرهينه .. إلا أنك لم تقاتليه بما يكفي .. لم تمنعيه عنك بقوة كافية تقنعه بأنك لا تريدينه حقا ... لا تطيقينه إلا أنك ترتجفين مع كل ذكرى لكل لمسة وقبلة منه .. اعترفي بالحقيقة وتوقفي عن الهرب منها .. كما كنت أنت هاجسا لهمام الشاعر منذ عودته .. فقد كان هو نفسه هاجسك منذ رحل قبل عشر سنوات متخليا عنك مراهقة صغيرة مدمرا أحلامك ... كما كان يبحث عن رد اعتبار لكرامته في حصوله على جسدك .. أنت كنت تبحثين عن رد اعتبار لكرامتك في اعتراف حارق منه بالحب .. وتوسل فعلي منه بأن تبقي زوجته ..
(فلم يسبق أبدا أن عشقت امرأة أحبها حقا .. وأريدها حقا .. واحزري ماذا .. هي زوجتي أيضا )
(امنحيني الفرصة ... وسأكسب حبك وثقتك .. فقط امنحيني الفرصة .. إكراما لأبي .. إكراما لما تشاركناه معا لتونا فوق سرير طفولتك )
رباه .. أتفكر حقا في الأمر ؟؟ أيكون همام دون غيره وسيلتها في تحقيق أحلامها ؟؟؟ أيكون الرجل الذي طمحت بحبه .. بثقته .. بحمايته .. هو دون غيره ؟؟
في موقف السيارات التابع للمبنى والواقع تحت الأرض.. كانت سيارتها تنتظرها .. لتقودها نحو شقة والدها القديمة حيث تمكث .. حيث تنتظرها ليلة أخرى من الأرق والأفكار المضطربة .. والتي كالعادة لن تنتهي بها إلى قرار نهائي ... ما الذي تنتظرينه يا ليلى ؟؟؟ ما الذي يمنعك من قول لا له وإنهاء كل شيء قبل أن يبدأ ؟؟ أعليه أن يجرحك مجددا كي تعودي إلى عقلك وتدركي بأن همام الشاعر أبدا لن يتغير لأجلك ؟؟
:- أنت ليلى ... صحيح ؟

فى قلب الشاعر الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن