الفصل الحادى عشر

738 30 0
                                    



الفصل الحادي عشر

:- أمي ..
كانت والدتها مشغولة بتصفح إحدى أحدث مجلات الموضة عندما طرقت نوار باب غرفة الجلوس مقاطعة إياها ... رفعت والدتها عينيها عن المجلة ... ونظرت إلى نوار بصمت دون أي تعبير على وجهها في انتظار لما جاءت نوار تقوله بعد أيام من المقاطعة .. ابتعلت نوار ريقها وهي تشعر كالتلميذ المذنب حين يمثل أمام المدير الصارم .. تلميذ رغم خوفه من المواجهة إلا أنه مدرك تماما أن هذه المواجهة ضرورية لا محالة .. قالت بارتباك :- أنا ... أنا آسفة ... ما كان علي تجاوز حدودي في مخاطبتك ذلك المساء ..
ظلت والدتها تنظر إليها متمعنة للحظات قبل أن تضع المجلة جانبا وهي تقول بهدوء :- تعالي واجلسي إلى جانبي يا نوار ..
اقتربت نوار ... وجلست بالفعل إلى جانب والدتها فوق الأريكة العريضة .. اعتدلت والدتها كي تتمكن من النظر إليها جيدا ثم قالت :- أنت تعرفين كم أحبك أنت وأخواتك ..
هزت نوار رأسها باضطراب .. فأكملت والدتها :- تعرفين بأن كل ما أريده في الدنيا هو سعادتكن .. أنت بالذات يا نوار .. لطالما كنت أقرب بناتي إلي ... أنت تشبهينني شكلا ومضمونا .. ويجب أن تعرفي وحدك الطريقة التي أفكر بها ..
ابتعلت نوار ريقها وهي تعد نفسها للمهمة الصعبة التي كانت تعد نفسها لها خلال الأيام السابقة .. ثم قالت :- أمي .. أنا أفهمك .. أنا حقا أفهمك .. أنا فقط لا أريد أن أتزوج الآن .. ليس الآن .. ربما بعد سنة .. ولكن ليس الآن ..
هزت أمها رأسها وكأنها تتشرب كلمات نوار ثم قالت :- نوار ... حبيبتي ... أنت تظنين فقط بأنك تحتاجين إلى الوقت .. فقط لأنك مترددة وخائفة من الفشل من جديد .. لو أنني أم اخرى لا تهتم حقا بابنتها لتركتك تفعلين ما تشائين فتذهب كل فرصك من يدك .. هل تظنين السيد راجح ينتظرك إلى الأبد ؟؟؟ لا ... سرعان ما سيبحث عن عروس أكثر ترحيبا بفكرة الزواج ..
:- أمي ...
:- استمعي إلي جيدا يا نوار ... أنت ما زلت صغيرة .. تظنين بأنك تعرفين مكمن صالحك إلا أن هذا غير صحيح ... أنا أعرف هذا جيدا وأكثر من أي شخص آخر ... عندما تزوجت والدك ... كنت رافضة تماما للزواج به ... هل كنت تعرفين هذا ؟؟ كان زواجنا ترتيبا عمليا بينه وبين والدي .. شراكة لا أكثر مما جعلني أتمرد وأرفضه بشدة .. إلا أنني وتحت الضغط رضخت للأمر ولم أندم قط .. أنا ووالدك متزوجان منذ أكثر من ثلاثين سنة .. وأنا لا أتخيل أبدا حياتي بدونه أو بدونك أنت وأخوتك .. أنا كنت سعيدة جدا في حياتي مع والدك .. وأريد لك سعادة كهذه بالضبط ..
صمتت نوار قليلا وهي تنظر إلى يديها المعقوديتن في حجرها ثم قالت بهدوء :- ماذا إن كان خيارك في الحياة لا يناسبني أنا أمي ... ماذا إن كان ما اعتبرته مصدر سعادة لك مصدرا لتعاستي أنا ؟؟ أنا أشبهك .. إلا أنني إنسان مختلف تماما ... وما أريده لا يشبه ما تريدينه بالضرورة ..
قالت والدتها وهي تلوح بيدها :- آه ... كان علي منع أسرار من التحدث إليك والعبث بعقلك ... أعرف بأن لها أفكارا ... مختلفة ... إلا أنك انت أيضا مختلفة عن أسرار ... ما رأيك بأن أطلب من أبيك أن يتصل بالسيد راجح ليحددا معا موعد الخطوبة ... ما من سبب للانتظار .. أظن شهر فبراير هو الأفضل لأجل الزفاف .. ستكون حدة البرد قد ...
تابعت والدتها الحديث لدقائق عدة بعد ذلك .. إلا أن نوار لم تكن تستمع إليها بالمرة ....




فى قلب الشاعر الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن