الفصل السابع والعشرون

784 26 3
                                    



الفصل السابع والعشرين


رمشت بعينيها محدقة فيه بذهول وهي تقول :- ما ... ماذا ؟؟
:- تزوجي مني ... صباح الغد .. وستكون شقتي لك وتحت أمرك ..
حركت رأسها كي تتخلص من قبضته وهي تقول بذعر :- ما الذي تقوله ؟؟ هل انت مجنون ؟؟
حاولت التخلص من حصاره إلا أنه اعترض طريقها بذراعه مسندا يده إلى الجدار إلى جوار رأسها وهو يقول بحزم :- لن تتحركي من هنا حتى تستمعي إلي ...
قالت بحدة تعارض تماما مع تشوش ذهنها بسبب اقتراحه الصادم :- أنا لا أريد الاستماع إليك .. أتظنني أثق بك أنت ؟؟ وبأي شيء فاسق تعرضه علي ؟؟
قال من بين أسنانه :- أتعتبرين الزواج عرضا فاسقا ؟؟ ظننته مطلب أي فتاة نزيهة وقديمة الطراز مثلك
قالت وهي ترتجف ... خائفة من أن تصدر اي حركة تضطره للمسها :- اعتبارك للزواج شيئا قديم الطراز .. يزيد من قناعتي بأنك تسخر مني ..
عندما حاولت التملص منه من الجانب الآخر سبقها بمد ذراعه الأخرى لتجد نفسها مجتجزة بينه وبين الجدار .. كان قريبا منها للغاية ... قريبا إلى حد كانت قادرة على استنشاق رائحته المألوفة .. تلك التي مازالت ذكراها مرتبطة لديها بما حدث بينهما قبل أسابيع في مكتبه ..
همست متسعة العينين :- أرجوك .... لقد وعدتني بألا تلمسني ..
أغمض عينيه بقوة للحظات قبل أن يفتحهما فترى النار متقدة ... حارقة في عينيه البنيتين وهو يقول بصوت أجش :- لو تعرفين ... فقط لو تعرفين ما يكلفني إياه وعدي ذاك ..
ارتعشت وبحة صوته تتخلل مسام جلدها فتصل إلى قلبها مباشرة ناثرة رعدة بين كامل أوصالها ..أشاحت بوجهها لاهثة ... كي لا ترى نظرة عينيه وهو يقول بصوت مفعم بالعاطفة :- لم أرغب قط .. في حياتي كلها . بامرأة كما أرغبك .. لم أخف من امرأة .. ومن تأثيرها علي .. كما أخافك .. ولم أشعر في حياتي كلها بارتباط عميق مع امرأة كما أشعر معك ..
ابتلع ريقه ... وهو يكافح رغبته في مد يده وإبعاد خصلة شعرها التي تدلت فوق وجنتها الناعمة التي كانت تديرها له ... وكأنها تعرضها عليه كي يلمسها .. يقبلها .. يا الله كم يريدها ..
:- أنا لا أتزوج ... سبق وأخبرتك بهذا .. إلا أنني لأجلك .. لأجل حمايتك .. ولأجل أن تكوني لي .. بالطريقة التي تريدينها .. أكاد لا أطيق صبرا حتى أتزوج بك ..
قالت بصوت مختنق :- أيفترض بي أن أكون ممتنة لتفضلك وتفكيرك بالزواج بي ؟؟
أطلق ضحكة قصيرة مريرة وهو يقول :- صدقي أو لا يا زين ... أنا لست خامة جيدة للزواج إطلاقا ... وأي امرأة بكامل قواها العقلية .. يجب ألا تفكر بي كزوج على الإطلاق .. أنا أناني .. فاسد .. فاسد تماما .. وأنت يجب ألا تغرنك إطلاقا صورتي الخارجية ..
لقد كانت تعرف بالضبط كيف كان رائد العمري يرى نفسه ... لأنها الصورة التي كان منذ عرفته يعرضها عليها .. شاء م أبى ..مجرد رفضه للتظاهر بغير حاله .. نقطة تحسب لصالحه .. ربما النقطة الوحيدة
هتفت باضطراب :- تعرف كل هذا عن نفسك .. وتطالبني بالزواج منك ؟؟؟ألا تراني عاقلة بما يكفي كي أرفض الزواج برجل مثلك ...
قست عيناه وهو يقول :- الأمر مختلف معك .. أنت لا تمتلكين بديلا آخر .. فلا مكان تذهبين إليه وقد أخبرتني بهذا بنفسك ... بزواجك مني ... أنت لا تمتلكين فقط مكانا يأويك .. أنا أيضا سأمتلك الحق بحمايتك
قالت مزمجرة :- أنا لا أحتاج إلى حمايتك ...
:- حقا .... أتظنين مريم الشاعر تقف هنا ؟؟؟ تتركك في حالك بمجرد مغادرتك شقة زوجها ؟؟؟ أنت لا تعرفينها ... أنت لا تعرفين إطلاقا ما تستطيع امرأة حاقدة ... بدون ضمير .. أن تفعل ..
شحب وجهها وهي تتساءل .. عن تلك المرأة التي دمرت ثقته في النساء ... عن تلك الحاقدة التي حطمته فصنعت منه هذا الرجل المرير والساخر ... ثم ارتعشت خوفا مما ينتظرها خارج باب هذه الشقة التي أوتها لأشهر .. تجرأ أخيرا ... ومد يده ملامسا وجنتها فانكمشت تحت لمسته ... قال بصوت خافت تخللته رعشة خفيفة :- تزوجي بي يا زين ... أرجوك
هزت رأسها هامسة :- لا أستطيع ... لا أستطيع ...
اقرب أكثر فأطلقت شهقة قصية مكتومة وجسدها يتفاعل لا إراديا مع قربه وهو يقول بصوت أجش :- لماذا ؟؟ إن كنت قادرا على منحك ما تريدين ... وأنا لا أتحدث هنا على المأوى فحسب .. ولا عن الحماية ... أنا أستطيع منحك ما كنت تتوقين إليه لأشهر .. ذلك الجوع الذي كنت أراه في عينيه للعاطفة .. للحنان .. للحب .. لمن يحتضنك .. ويشاركك ألمك ووحدتك ..
اغرورقت عيناها بالدموع وهي تشيح بوجهها :- لا .... لا أستطيع ..
انزلقت أصابعه نحو ذقنها لترفعها نحوه ... وتجبرها على النظر إليه وهو يقول :- ربما أنت تكرهينني ... ربما تحتقرينني .. إلا أن جزءا منك يريدني ويحتاج إلي .. بنفس القوة التي أحتاجك أنا فيها ..
تمتمت بألم :- أنت ... أنت بدون أخلاق ... أنت تلاحق النساء في كل مكان .. أنت تجعل من مشاهرعن .. وأحاسيسهن .. وشرفهن لعبة بين يديك .. لم لا أكون أنا مجرد واحدة أخرى ؟؟
:- لأن إحداهن لم تجذبني يوما إلى حد منحي إياها كل الأسباب اللازمة للنفور مني والرحيل ... لأن إحداهن لم تحرقني بنار الغيرة فتدمر كل منطق واتزان داخلي فتحولني إلى وحش حقيقي بدون ضمير .. لأن إحداهن لم تجعلني آتي كل مساء منذ ثلاثة أيام فأقف بسيارتي تحت شقتها لساعات .. عاجزا عن الصعود إليها .. أو حتى الاتصال بها وسؤالها عن حالها .... لأن إحداهن لم تدفعني لطلب الزواج منها ... أنا لا اتزوج ... إلا أنني أتوسلك الآن أن تقبلي بأن تكوني زوجتي ... ألا يخبرك كل هذا إلى أي حد أنت مختلفة ؟؟
ثم سألته السؤال الأهم بصوتها المكتوم :- إلى متى ؟؟ إلى متى سأظل كذلك ؟؟ إلى متى سأظل كافية بالنسبة إليك ؟؟
هز رأسه وهو يقول :- لا أعرف ... أنا لا أعرف شيئا ... ما اعرفه هو أننا نمتلك الآن ... حاضرنا ... غدنا القريب .. والواقع الذي يقول بأنك تحتاجين إلي ... وأنني أنا أموت حاجة إليك ...
تحركت أنامله لتداعب شفتها السفلى ... فارتجفت وهي تهمس :- أرجوك ... أرجوك رائد .. لا أستطيع أن .. أنت .. أنت تربك كل أفكاري .. أنت تخيفني ..
قرب رأسه فأغمضت عينيها ظنا منها أنه سيقبلها ... إلا أنه لم يفعل .. أحست بوجهه إلى جانب وجهها ... وجنته تكاد تلامس وجنتها ... أنفاسه تلفح أذنها وشعرها فتثير الرعشة في أوصالها ... قال بصوت خافت :- تزوجي بي غدا يا زين ... غدا صباحا ...و كوني لي ... وأنا أعدك .. بأن أمنحك ما أستطيعه مني ..

فى قلب الشاعر الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن