الفصل السابع

750 29 0
                                    



الفصل السابع



صبت ليلى الشاي في القدح بهدوء .. ثم حملته إلى حماها الجالس بارتياح فوق مقعده المفضل في غرفة مكتبه وعلى شفتيها ابتسامة دافئة وهي تقول :- الشاي كما تحبه .. داكن وبدون سكر ..
تناول القدح منها وهو يبتسم إليها بدوره .. إلا أن نظرته المتفحصة التي لم تتركها منذ دخلت لرؤيته لم تفتها .. وكأنه كان يبحث عن شيء خلف ابتسامتها أو نظراتها الحيادية .. إشارة ما .. علامة .. خبر ما .. أتراه يعرف بأنها قد سافرت لرؤية همام في محاولة لإقناعه بالعودة ؟؟ هل خانت أسرار ثقتها ؟؟ ومنذ متى يحتاج السيد أيمن إلى مساعدة في قرائتها ككتاب مفتوح ؟؟ ..
جلست أمامه بينما ارتشف شيئا من الشاي دون أن تتركها عيناه وهو يقول :- إذن ... هل ستذهبين غدا إلى الشركة ؟؟
تمتمت :- بالتأكيد .. لقد غبت بالفعل بما يكفي .. أنت تعرف كيف تنهار الأمور إن ابتعد كلانا في الوقت ذاته ..
بدت عليه الحسرة وهو يقول :- لو عاد الأمر إلي لعدت منذ الغد .. إلا أن حماتك الدكتاتورية لا تسمح لي
ضحكت وهي تقول بلطف :- لأنها تحبك ... وتخاف عليك ..
:- هذا فقط ما يسكتني ..
ثم صمت للحظات قبل أن يقول :- أنا أعرف بأنك قد ذهبت إليه ..
شحب وجهها وهي تخفض عينيها .. وتطبق فمها بقوة .. جزء منها كان مستعدا للتوبيخ .. للوم على مبادرتها المرفوضة وقد حذر السيد أيمن الجميع من التفكير بها .. حتى أنه قد يجد تصرفها تدخلا سافرا في أمور العائلة .. جزء آخر منها .. كان خجلا .. حرجا .. من فكرة قطعها كل تلك المسافة لمقابلة الرجل الذي رفضها ..
قال السيد أيمن بهدوء :- لا بأس ... أنا لا ألومك .. إلا أنك ما كنت مضطرة للقيام بهذا يا ليلى .. أنا أعرف إلى أي حد كان الذهاب إليه صعبا على امرأة بكبريائك ..
تمتمت وهي تشعر بتوترها يخف .. والدفء يعتريها لدعم السيد أيمن لها والذي لم يتوقف قط :- لا تقلق ... كبريائي بخير
:- هل كان قاسيا معك ؟؟
ارتسمت ابتسامة عابثة على شفتيها وهي تقول :- أتظنني أسمح له ؟؟
ضحك بصوت مرتفع ووالحنان ممزوجا بالفخر يرتسمان على وجهه وهو يقول :- معاذ الله ... أنا من راقبك يوما بعد يوم وأنت تستحيلين إلى هذه المرأة القوية الناضجة .. أعرف أكثر من غيري بأنك ما كنت لتسمحي لأي شخص بالتقليل من شأنك .. فكيف بهمام ؟؟
ثم اختفت ضحكته ... وعاد شحوب المرض يظهر على وجهه وهو يقول :- لن يأتي ... صحيح ؟
أشاحت بوجهها متحاشية عينيه وهي تقول :- أنت تعرف بأنه قد أسس عملا هناك .. لا يستطيع أن يترك كل شيء ببساطة ويعود إلى هنا .. سيكون عليه أن يقوم بالعديد من الترتيبـ....
قاطعها بهدوء مشوب بالحزن :- لا بأس ليلى ... ليس عليك أن تخففي من وقع الامر علي . لم أكن أنتظر حضوره على أي حال ..
ساد صمت ثقيل بينهما ... الحزن ممزوجا بالغضب جعلاها تشتم همام داخلها .. وتتمنى لو تعود أدراجها إلى الولايات المتحدة كي تضربه على وجهه المتعجرف انتقاما مما يفعله في والده ..
ارتفع رنين هاتف السيد أيمن في تلك اللحظة لحسن الحظ ليخرجه من حالة الاكتئاب التي بدأت تسيطر عليه .. فتناوله وهو يرتدي نظارته كي يتمكن من قراءة الاسم المكتوب على الشاشة ..
هل شحب وجهه أم أنها تتوهم ؟؟ بدا الهم والقلق عليه وهو يجيب عن الاتصال قائلا :- نعم ..
استمع للحظات قليلة فقط إلى الطرف الآخر قبل أن يقول :- أين أنت بالضبط ؟؟ ..... سأكون هناك خلال دقائق ...
أنهى المكالمة .. وصمت .. بينما صمتت هي الأخرى .. متحاشية أن تسأله عن هوية المتصل .. لا .. المتصلة .. والتي سببت تغير لونه بهذه الطريقة .. والتي ولأجلها سيتحدى أوامر الطبيب .. ويذهب إليها
قال بهدوء :- هل أستطيع الاعتماد عليك في إلهاء خالتك مريم حتى أتسلل خارج البيت دون أن تشعر ..
لن تجرؤ على سؤاله طبعا عن السبب ... إلا أنها لن تتردد أبدا في دعمه مهما كانت الظروف ..
قالت بحزم لطيف :- بالتأكيد ...

فى قلب الشاعر الجزء الخامس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن