٢٦- حُرٌ أنا وَ موطِني بَينَ ذِراعَاك

6.3K 499 227
                                    

انجوي
_____

يُحكَى قَديمًا بأنّ الشَواطِئ كَانت عَلى جُنحُ المَلائِكة، المَدُّ وَ الجَزرُ وَ تلَاطُم الأموَاجُ العَاتِية كَان رَفرَفة أجنِحتِهم الهَائِلة..وَ غَضبُهم كَانت الفَياضَاناتُ القَاتِلة

لَم يَتوَهج الحُب يَومًا مِن مِياه البَحر لِذا سَقطَت مِياهَهُ على الأرض، وَ تبعثَرت أحجَار خُطى المَلائِكة كَالرَمل، وَ أصبَح بَعضُ البَشر حِينما يَزُورون الشَواطِئ يَغمُرونها بالحُب

أنا أفِيضُ بِحُب أحَدُهم، لِشدة مَا يَنهَلُ مِني حُبه أصبَحتُ أغرَقُ بِه، أمسَيتُ فِي القَعر مُكَبل.. فَحِينما وَضعتُ قَدمايّ فِي مَياهُ البَحر انسَكبتُ أنا وَ حُبي بأكمَلي

انَمزَج حُبي بالبِحارُ وَ المُحِيطات، أضحَت مِياهُ الأرضُ حِبرًا أنسَفِحُ بِه عَلى وَرقِي، وَ فِي كُل سَطرٍ يَزدَادُ عِشقِي، لَكِن جُل الكَلِمات تَنفجِر لِحجم ما وُضِع بِها مِن حُبي

فَـبُّتُ أصُبُّ قَلبِي وَ شعُورِي بِعيني، يَراهُ الجَمِيع وَ لا أرى نَفسِي

أنا فَقط أتساءل إنّ كَان تَايهِيونق يَرى كَم أنا مُنهَمِرٌ بِه.. لأنّ كُل ما أراهُ الآنُ هُو عَيناهُ البَراقة وَ أنفهُ المُحمَر وَ تعابِيرهُ المُرتعِبة لِوجُود طُحلبةً ما على أنفِي..

أزلتُها بَينما أضحَك وَ رميتُها في المِياه وَ رأيتُ تَعابِيرُ الرَاحَة تَرتَمِي فِي مُحيَّاه، دَنى مَِني ينسكِبُ بَين ذِراعايّ مُحتَضِنني..

"أُحِب البَحرُ حَقًا لَكِنني أكرَهُ الطَحالِب"

أحَطتُ وَسطَهُ بِذراعَايّ، وَضعتُ أنفِي في عُنقه.. كأنما يُصبِح لِذراعايّ قلبان حِينما أحتَضِنه، أُصبِح بأكملِي أرتَجِف كَـأوراقُ الشَجر..

"لا بَأس تَايهِيونق سأُزِيلُها لأجلُك"

يُقهقِه قُرب أُذنِي.. شَعرتُ أنّ قَلبي يَتقلبُ في صَدرِي وَ يذُوب على أضلُعِي.. شَعرتُ بَسَرب الفَراشات يَحوم حَولنا وَ يغُنِي كَأنني أُصبِح بَشرًا آخر في كُل مَرةً أكُون بِها بِقُربُه

ابتَعد عَني وَ نظر لِي بِعيناهُ الهِلالِية، تَنعكِسُ الشَمسُ على قَزحيتاه.. أنفهُ ازداد احمِرارًا وَ شفتاهُ تَرتَجِف، يُحدِق بِي هَكذا، كَأنّه على يَقينٍ بأنني سأكُون أسيرًا لَهُ بعدُ حُريتي

لَمستُ وَجنتهُ اليُمنى بِسبابَتِي، مَشيتُ بِاصبعِي وُصُولًا إلى ذَقنه.. وَ الآن وَجنتاهُ قُرمزية.. أنا فقط أشعُر أنني أنهدِمُ نَحوه

No promisesحيث تعيش القصص. اكتشف الآن