عودة عبدول الحظرد
دخلا إلى البلورة الضخمة وكانت مختلفة تمامًا من الداخل؛ كل شيء بداخلها يشع كاللؤلؤ والذهب، وتفوح بها رائحة ذكية تشبه المسك والعنبر.
شعر ظافر وبتول وكأنهما في حلمٍ جميل.
توقفت باهلة فجأة وظهر أمامهم بعض الأشخاص يرتدون ملابسَ بيضاء فضفاضة من الحرير ولا يظهر منهم غير وجوههم التي تشع نورًا من شدة بياضها وعيونهم زرقاء كالسماء.
ابتسموا جميعًا حين وجدوهم بالداخل وتقدم أحدهم إلى الأمام بخطوات قائلًا:
- مرحبا باهلة، أعلم أنكِ ستحضرين وأعلم ما تخشي وقوعه.
نظرت إليه باهلة مشيرة إلى ظافر وبتول قائلة:
- جئت لك بالعذراء المخلصة.. وهذا ظافر ابن كبير كهنة الكهف الأبيض.
جذبتها بتول من يدها قائلة:
- من هؤلاء يا خالتي؟! يبدون كالملائكة أو شيئًا ما كالنور الجميل.. من هم؟!
ابتسمت باهلة وأشار إليها من أمامها لتعقبه من خلال سرداب مائل للأسفل.
دخل جميعهم في السرداب وساروا مسافة طويلة حتى وصلوا لغرفة ضخمة جميلة مملوءة بالطعام والفاكهة وأشجار الزينة والزهور، وتفوح رائحة البخور في كل ركن وكأنها قطعة من الجنة.
صاح ظافر:
- أبي.. أنت هناااااا؟!
أسرع إليه واحتضنه بشدة ونظر حوله فوجد جميع الكهنة في أفضل حال وسعادة...
- أبي من هؤلاء الطيبون المكرمون.. كيف أتيت إلى هنا في وقت سريع هكذا.. كيف قاموا بمساعدتك؟!
ابتسم أبوه قائلًا:
- اليوم لن أتحدث أنا وأُجيبك... ولا حتى باهلة... اليوم هو من سيتحدث معكم ويوضح كل شيء خفي عنكم... هيا تعالوا اجلسوا هنا معه هيا...
جلسوا بجوار بعضهم بعضًا أمام هذا الرجل صاحب الوجه الجميل وبدأ يرحب بهم:
- مرحبا بالأبطال... سررت برؤيتكم لكن أتباعي كل واحد منهم يرى شخصًا منكم طوال الوقت...
اندهش ظافر وبتول، وقال ظافر:
- عفوا من تكون؟ هل أنت ساحر؟ أم من الجن السفلي؟ أم شخص عادي.. أم ماذا؟
- أنا لستُ من هؤلاء جميعًا... أنا من الملائكة.. الملك (المـــعقــــب)..... نحن الملائكة (المـــــعقـــــبات) موكلين من الله العلي العظيم بحفظ عباده الصالحين في جميع الأحوال إلا في أمرٍ واحدٍ، إذا اجتمع في وجودنا ملك الموت (عزرائيل) ننصرف على الفور بأمرٍ من الله... نحن نحفظكم من الأمام ومن الخلف، فإذا جاء قدر الله تخلينا عنكم.
قال تعالى في سورة الرعد:
ﱩ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﱨ
وقال جل علاه أيضا:
ﱩ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﮫ ﱨ
كل عبد منكم له اثنان من ملوك المعقبات أحدهما أمامه والآخر خلفه يحفظه في كل وقت من الإنس والجن والهوام فما من أذى يأتيكم إلا وقال الملك لكم "وراءك ".
وهناك اثنان آخران من الملائكة (صاحب اليمين وصاحب الشمال) مخولان بكتابة الحسنات والسيئات أحدهما على اليمين والآخر على اليسار... لقد أمدكم الله بأربعة ملائكة يلازمونكم طوال اليوم... وهناك غيرهم وغيرنا أيضًا فنعمه عليكم لا تعد ولا تحصى.
ابتسم ظافر قائلًا:
- الآن فهمت أشياء كثيرة، قام الملكان الموكلان بحفظي، بحمايتي من شاهين وسهر ومكرب ومن اجتماع الشيطان بأمر من الله لأنه لم يحِن موتي بعد... وعندما علم الملوك المعقبات لوالدي بهجوم مكرب وأتباعه قاموا بنقلهم إلى هنا جميعا أيضًا بأمر الله.. لا ينجي منهم إلا من عمل صالحًا.
قالت بتول مبتسمة:
- أنا أيضًا من عباد الله الصالحين الذي تغشاني رحمته، لم تكن باهلة هي من قامت بحمايتي وحملي إلى كوخها ذاك اليوم يا ظافر الذي كنت تنوي قتلي به، إنهم ملائكتي الحراس، حملوني إليها لأنهم علموا أنني بأمان هناك، كم أنت لطيف بعبادك يا الله.
قال ظافر:
- هؤلاء هم القوى المضادة الخفية التي يريد الشيطان القضاء عليها ولا يعلم عنهم شيئًا.
نظر إلى أبيه بحزن:
- أبي إنهم يبحثون عنك الآن، يريدون قتلك أنت وكل من معك فماذا سنفعل.
أنت تقرأ
رواية برهوت / للكاتبة سارة خميس
Hororيجب أولًا أن تكون على يقينٍ أن هناك مخلوقات أخرى تشاركنا الحياة.. قد لا نراها.. قد تظهر للبعض أحيانًا.. قد تعيش في منازلَ وأماكنَ مهجورة.. أو أن يكون موطنها الأصلي في (الربـــــــــــع الخالـــــــــــــي) تلك الرواية تحوي بين صفحاتها أساطيرَ ومعلوم...