|| انطفأت النجوم ||

٢٣

عصر هذا اليوم الباهت، هرب داش من هذه الهالة السيئة التي تنبعث منا وعاد إلى البيت، كنا ننتظر وصول المحقق بفارغ الصبر، أحياناً كنت أريد البكاء وأحيان أخرى كنت أتخيل يدي تخترق صدر لندن وتفقع قلبه.

ثم أخيراً وصل ضيفنا، تحادثنا مع المحقق قليلاً وقدمنا له القهوة قبل أن نبدأ بالأمور المهمة.

"الآن… يجب أن تعرفوا أني بذلت كل جهدي حتى أجد هذه المعلومات وأتمنى ألا تفرّطوا بها"

تحدث فولكان "نحن نقدّر ذلك، لن نجعل عملك يضيع سُدى"

"حسناً إذاً لنبدأ من البداية" قال ووضع صوة لندن التي حصلنا عليها من دارسي أمامنا على الطاولة ليتابع "هنا كان لندن يقوم ببضع أمور قانونية لأنه قام بتحويل مبلغ ضخم إلى حساب آخر، ثم عندما أردت التحقق من حسابه البنكي اكتشفت فجأة أن بياناته تغيرت لأدرك أنه قام بتزييف هويته"

وضع صورة أخرى أمامنا على الطاولة بدى أنها من قلب بنك آخر ليتحدث "ها هي ذا… المرأة التي تم تحويل المال إلى حسابها، بعد التحقق من خلفيتها اتضح انها ابنته، أرملة تبلغ سبع وعشرين عام ولديها طفل وحيد في الثانية من عمره"

وضع صورة ثالثة ليتفوه "وأخيراً… ها نحن ذا نشاهد صورة لندن في نفس البنك يقوم بتحويل مبلغ طائل إلى مكان ما… بعد الكثير من البحث اكتشفت أنه اشترى جزيرة قريبة من أستراليا… موقع لندن معي الآن، كل هذه الأدلة سوف تُستَخدم في المحكمة، إلا إذا غيرتم رأيكم مثلاً"

كان ينتظر إجابة منا، كنا فقط نعاود ترتيب الأفكار، نحاول اِستيعاب الأمر، كانت الدموع ترمي نفسها إلى عيني وأنا أحاول إمساكها قدر المستطاع، كنت مُرهقة من كل هذا، لم أستطع حمل هذا الألم أكثر لأترك المكان وأصعد غرفتي، أريد البكاء وحدي.

كنت أعرف أن فولكان سوف يدخل في أي لحظة لهذا أردت دخول الحمام لكن يد ما سحبتني ووضعتني بين ذراعيه، لم يكُن توقّعي خاطئ، مسح على شعري بتنهد وهمس "لا بأس… نستطيع تخطي هذه اللحظة، صحيح؟"

لم يسمع إجابة ما جعله يتنهد ويردد "أعرف أنكِ حزينة، وأنا كذلك… بقدر لن تتخيليه، ما أعرفه أيضاً أن فيكِ قوة قد تُطفئ بُركان، لا تستهيني بنفسك يا هيلفي"

"لا تستهيني بنفسك…" تمتمت من بين شهقاتي، كان ذلك الكلام هو ما جعلني أُجمّد دموعي وأحرق هذا الحزن في جحيمي، على الأقلّ إلى أن يحين موعد حزن آخر.

الوقت مرّ ببطء شديد، لم تخبرنا الشرطة بأي شيء بعدما أطلعناهم على المعلومات، لم نعرف اذا حصلوا على لندن أم لا.

كنت دائماً أحاول ألا أتصرف بدرامية وأن ألتزم الصمت، كنت حزينة لأجل فولكان في نفس الوقت، هو تقريباً تربى على يديه لكن كيف تغير هذا الرجل فجأة ووصلت به الوضاعة أن يُلبِس فولكان تهمة قتل أخ زوجته.