كان الأمر واضحا في ذهن القبطان « مورهوز .
فحين يصل الى الميناء سيتوجه فورا الى مركز خفر
السواحل ليخبرهم بتفاصيل الحادث ويسلمهم اولئك
القراصنة الموثقين ، الذين عاثوا في البحر فسادا، ولابد
أن العشرات من اصحاب السفن والصيادين سيتعرفون
عليهم وسيشهدون ضدهم ، وسيخبرهم ايضا بما وقع
لزعيمهم « قنفذ البحر » وسيصدقون روايته حتما ،
فقد هرب امام الجميع ولم يكن متعمدا قتله .
راح القبطان « مور هوز » يسير متمهلا على سطح
سفينة القراصنة حين خطر له هذا الخاطر فأحس بشيء من القلق واخذ يحدث نفسه .
- هل سأتهم بقتل القرصان عمدا ؟
وهل سأودع السجن حتى يتحققوا من ذلك ؟
واذا سألوني لماذا لم تتركه يغرق في البحر بأي شيء
اجيب ؟
انا لست رجل شرطة كي اطلق عليه النار بسبب
فراره ، فلماذا اعطيت الأوامر بذلك ؟
راح يؤنب نفسه وهو يسير قرب القراصنة الموثقين
مطأطأ الرأس ، ساهما ، غارقا في التفكير .
وفي تلك اللحظة سمع احدا يتوجه اليه بالحديث
قائلا :
- الى اين تمضي بنا ايها القبطان ؟
رفع القبطان « مورهوز » راسه والقى نظرة الى
اولئك الرجال المقيدين بالحبال ، فأعاد الرجل سؤاله
ثانية بصوت ثابت لا أثر للخوف فيه :
الى أين تمضي بنا ايها القبطان ؟
اجاب القبطان « مورهوز » قائلا :
۔ لاسلمكم الى شرطة السواحل ۰
۔ الا تسلم نفسك أنت أيضا ؟
قال الرجل ذلك بنفس الجرأة وبنفس الصوت
الثابت .
فصمت القبطان لحظة وظل يحدق بالرجل الاشعث
الموثق وهو يتهمه امام الجميع ثم خاطبه قائلا :
- ماذا تعني ايها اللص ؟
ـ أعني ما اعنيه ايها القاتل .
حين سمع القبطان « مورهوز » ما قاله ذلك الرجل ، ووصفه صراحة بالقاتل احس بفداحة ما اقدم عليه وارتسم أمامه المصير المجهول الذي ينتظره هناك
حين يصل الميناء ويعرف الجميع انه امر بأطلاق النار
على هارب لم تثبت ادانته بأية تهمة ارتكبها بعد .
ظل القبطان « مورهوز » واجما فترة من الوقت
ولم يستطع أن يجيب الرجل الذي فاجأه بعبارته القاسية تلك ، ثم لم يلبث أن سمعه يقول ثانية :
دعنا نمضي بسفينتنا وامضي انت الى الميناء ان
شئت ولن نخبر أحدا بما فعلت .
كان الرجل يتحدث الى القبطان بثقة كبيرة و كأنه
يضع امامه اخر فرصه للنجاة من العقاب الذي ينتظره .
فكر القبطان « مورهوز » ثانية بالأمر ، فربما ما يعرضه القرصان عليه الان فرصة لا تعوض ، وما دام قد اخذ ثأره من عدوه فماذا يصنع بهؤلاء الذين لا
يعرفهم ؟ ولماذا .
التفت القبطان « مورهوز » الى معاونه يستشيره
بالامر فوجده ذاهلا لا يدري ما يقول ، ولكنه حين
رفع رأسه رأى السفينة « دى جراسيا » قد سبقته
بمسافة طويلة فتذكر انه اهمل القيادة ولابد له أن
يتصرف كقبطان كبير لا كمتهم أمام بحارته وبقية الرجال الموثقين على السطح بالحبال ۰
وهكذا استعاد القبطان « مورهوز » رباطة جأشه
وراح يصدر أوامره بنشر قلوع السفينة والانطلاق باتجاه
الميناء خلف السفينة « دى جراسيا » •
مضت ساعات النهار ببطء وسفينة القراصنة مازالت تنطلق بأقصى سرعة دون أن تستطيع اللحاق بالسفينة الأخرى ، وقبل أن يخيم الليل على البحر ويسود الظلام هبط القبطان « مورهوز » من قمرته ووقف على السطح يعطي تعليماته للبحارة بصوته الواضح العميق :