البارت الخامس

29 4 0
                                    

صارت عبارة « جاك » تلك حدا فاصلا بين فريقين . فريق من البحارة صدق ما رآه «جاك» واعتبر
سفينة القرصان مسكونة بالأشباح الشريرة ومن الخير
ان يتركها ولا يغامر بالسفر عليها في عرض البحر
وفريق اخر هزأ بما رآه « جاك » واعتبره ضربا من
التصور والخيال لا مجال لتصديقه ، لانهم رأوا
القرصان « قنفذ البحر » بأعينهم يرمي نفسه في البحر
وهكذا تأجلت رحلة السفينة اياما اخرى حتى
يكتمل عدد البحارة ويستعيض القبطان عمن تركها
باخرين من الميناء.
في تلك الأثناء صعد الى السفينة بحار قذر يضع
في فمه غليونا معقوفا وطلب مقابلة القبطان (مورهوز ).
وحين وقف امامه راح القبطان يتفرس في وجهه
طويلا وكان وكأنه يحاول أن يتذکر این شاهده من قبل؟
ولكن ذاكرته لم تسعفه وحين سأله عما يريد قال
البحار القذر وما زال الغليون في فمه :
علمت انك تبحث عن بحارة اشداء استطيع أن
أعمل معك اذا رغبت نظر اليه القبطان ( مورهوز ) ثانية فأعجبته ثقة الرجل الكبير بنفسه ولكن لم يعجبه منظره المزري ونظراته الحادة التي ظلت معلقة في عيون القبطان دون أن تطرف او ترمش .
لم يفكر القبطان كثيرا ولم يتردد في قبوله على
سفينته ، فقد ظل بعد حادثة « جاك » ایاما طويلة يحاول اقناع البحارة بالعمل على سفينته الجديدة ولكن دون جدوى ، فلم يلتحق سوى عدد قليل لا يكفي للابحار بهم في مهمة صعبة مثل مهمة صيد الحيتان
وبعد ايام من التحاق البحار القذر بالسفينة كان
كل شيء على اتم الاستعداد للابحار والبدء برحلة
الصيد الطويلة و مع أن الجميع ظلوا مرتابين من وجود هذا البحار الغريب بينهم الا أن ذلك لم يؤخر العمل ولم
يمنع من أن يختلطوا معه بحذر وتوجس شدیدین ۰
بعد ذلك بدأ الحذر يزول تدريجيا ، فقد كان (گوبر)
- وهذا هو اسم البحار الغريب - يعرف من القصص الشيقة والطرائف ما جعل الجميع يتقربون اليه ويسمعون حكاياته المسلية . فقد جاب البحار
طولا وعرضا وعمل مع القراصنة والتجار وفي سفن
الأسطول الملكي ، وعمل صيادا وغواصا لاستخراج
البضائع الثمينة من السفن الغارقة . وبأختصار لم
يترك عملا او حرفه الا وجربها زمنا في حياته
وهكذا صار الجميع يميلون اليه ويستأنسون
بالجلوس معه ، حتى القبطان ( مورهوز ) نفسه فغالبا
ما كان يستدعيه الى قمرته ويستمع الى قصصه
وحكاياته.
وفي ذات يوم فوجيء الجميع ب «كوبر» يعترف
بأنه عمل زمنا على السفينة التي يعملون عليها
الان ، ومع القرصان « قنفذ البحر » نفسه، حين
اخبره البحارة بقصتهم مع زعيم القراصنة هذا ، وکیف
انتهى نهايته السيئة في البحر ، راح البحار « كوبر »
يضحك كان البحارة الاخرون قد تجمعوا حوله ليعرفوا
سبب هذا الضحك المتواصل ، فلابد أن تكون هناك
حكاية مسلية دفعت « كوبر » ليغرق في الضحك وهو
الذي اعتاد أن يضحك الجميع بنكاته دون أن يبتسم.
وحين رفع رأسه وحدق بمن حوله فتح فمه بكثير
من الاستغراب قائلا :
هل قلتم أن القرصان « قنفذ البحر » قد قتل ؟
أجاب الجميع :
نعم كلنا نعرف ذلك.
وعاد «كوبر» يضحك من جديد بنفس الطريقة
حتى ضجر البحارة من سخريته واستاء القبطان
« مورهوز » وهو يجد اكثر بحارته يتركون اماكنهم
ويتحلقون حول زميلهم القذر وهو يضحك بصوته
المجلجل الكريه . وحين اقترب القبطان من الجمع رفع
البحار الغريب رأسه ثانية واطلق عبارته التي هزت
کیان القبطان « مورهوز » والاخرين :
۔ تقولون ان القرصان ( قنفذ البحر ) قد قتل ؟
كيف حدث ذلك وقد كان معي في البيت قبل أربعة
ایام لا غير ، قبل أن نغادر الميناء برحلتنا هذه بأقل من
يوم ؟
لم يجد القبطان « مورهوز » ما يقوله . لقد
تحققت رؤية « جاك » اذن ، لم يكن يحلم او يتخيل
كل ما رأه ۰ ها هم الان في عرض البحر على سفينة
القرصان « قنفذ البحر » ولابد انه سيخرج اليهم من
احد عنابرها ويقذف بهم في الموج واحدا بعد الاخر
هل يكذب عليهم هذا الرجل ؟ ام انه سمع حکایتهم في الميناء ويحاول أن يجعل منها الان قصة مخيفة يتسلى بها بعد أن ظل عدة ايام يعمل على تسلية الاخرين بحكاياته وقصصه الطريفة ؟
لم يقل القبطان « مورهوز » شيئا لكنه احس بما
تركته تلك المفاجأة لدى بحارته من اثار سيئة ، وخاف
من تفاقمها ان لم يجد حلا سريعا وحاسما يعيد المياه
الى مجاريها.
وفي قمرته استدعى « كوبر » وسأله ثانية عن
حقيقة مشاهدته للقرصان « قنفذ البحر » واستضافته
في بيته .
فأكد له البحار « كوبر » ذلك ونظراته مصوبة الى القبطان كأنه يحاول ان يخيفه ويغرس الهلع في قلبه ، ولكن القبطان ( مورهوز » الذي خبر البحر والبحارة جيدا لم تثره تأکیدات « كوبر » ولم تفت من عزيمته ، فقد قابل نظرات البحار الغريب الهازئة بنظرات حادة جارحة ، ثم فتح فمه مخاطبا البحار قائلا :
أسمع جيدا ما سأقوله لك ، واذا لم تذعن لأوامري
فسيكون مصيرك اسوا مما تتصور ایها الوغد
في تلك اللحظة حاول « كوبر » ان يراوغ ويحتال
ليتخلص مما يدبره له القبطان ، فحاول أن يظهر عدم
المبالاة قائلا :
- ماذا جرى لتهددني هكذا ، لقد سمعت قصة مقتل      « قنفذ البحر » فضحكت ، افترض انني لم اقل شيئا ولننسى الموضوع جميعا لا ... اجاب القبطان بحدة واضاف :
«لن انسى الموضوع ابدا ، بل تذهب ثانية وتخبر
الجميع بأنك كنت تمزح معهم وانك لم تر القرصان
« قنفذ البحر » منذ اشهر .. هل سمعت ؟
وكان القبطان « مورهوز » يهتز ويده علی
مسدسه وهو يتحدث إلى البحار « كوبر ) مما جعل
الاخير ينصت اليه وقد تسرب الخوف الى قلبه .
۔ حسنا...... لم ار « قنفذ البحر » منذ اشهر.
ولكنه تمتم بينه وبين نفسه دون أن يسمعه القبطان :
ستعرف قريبا این هو قنفذ البحر ؟
انه لا يبعد عنك سوى أمتار قليلة.

ولكنه تمتم بينه وبين نفسه دون أن يسمعه القبطان :ستعرف قريبا این هو قنفذ البحر ؟انه لا يبعد عنك سوى أمتار قليلة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
السفينة الغامضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن