حين إقتربت السفينة «دي جراسيا، من سفينة القراصنة ورفع القبطان «مورهوز المنظار الى عينيه هاله ان يرى بحارته الثلاثة المفقودين ، جورج وباترك ودونالد ، على ظهر السفينة الثانية ، فظن انهم خدعوه وعملوا مع القراصنة ! وقد فاته أن ينظر الى البحارة الآخرين والأعلام التي ترفرف على سارية السفينة . ولو دقق جيداً لرأي الملابس الرسمية الزرقاء التي يلبسها البحارة والأشارة الملكية الكبيرة المرسومة على صدر
السفينة والاعلام الاسبانية وهي تخفق فوق ساريتها المثلثة ، ولرأى ايضاً صفاً متصلاً من المدافع الكبيرة التي لا تملكها أية سفينة اخرى هناك غير سفن المملكة المدججة بالسلاح ، ولو لم يأخذ وقتها أحد مساعديه المنظار ويتأكد من كل ذلك لكان القبطان «مورهوز، قد أصدر أوامره باطلاق النار على السفينة الأخرى من دون تردد ، ولوضع نفسه وبحارته الآخرين في قلب الجحيم ، فلابد أن تكون النتيجة عكس ماكان يتصور ،
فليست «دي جراسيا بمدافعها الصغيرة وبحارها الثلاثين قادرة على مقابلة سفينة ملكية حربية مزودة بأضخم المدافع وأشدها فتكاً وأبرع الرماة المتمرسين بالمعارك البحرية العنيفة . وحين عرف القبطان مورموز» من مساعده كل ذلك حمد الله على أنه لم يشرع في الامر ويكلف نفسه وبحارته البائسين خوض معركة خاسرة ستكون نتائجها وبالاً على سفينتهم الصغيرة وعليهم جميعاً إقتربت السفينتان من بعضها حتى صارت المسافة بينهما لا تتجاوز المائتي متر ، وظلتا تسيران متجاورتين تفصلهما هذه المسافة القصيرة ، إذ لا يمكن أن تقتربا من بعضهما أكثر من ذلك
خوف الأصطدام، ورفع البحارة جميعاً أياديهم ملوحين لزملائهم بالتحية، فيما رفع هؤلاء أيضاً أياديهم يردون على التحية .
وقبل أن يبادر القبطان «مورهوزه بعمل شي راح أحد البحارة الأسبان ينادي القبطان بألة أشبه بالبوق :
. أرسلوا زورقاً لنقل أصحابكم ، مع تحيات القبطان «بيدرو وبحارة السفينة «خيتانو» للقبطان «مورهوز» وللبحارة جميعاً .
وارتفع صوت أحد مساعدي القبطان وهو يرد على التحية :
. تحيات القبطان «مورهوز، وكل بحارة «دي جراسيا، إلى القبطان «بيدرو، وجميع بحارة السفينة «خيثانو». القبطان مورهوز» يحييكم مرة ثانية ويشكركم على مساعدة بحارته الثلاثة المفقودين .
وبعد أن انتهى المساعد من رد التحية أنزلوا أحد الزوارق الصغيرة إلى الماء ونزل اليه إثنان من البحارة وراحا يجذفان باتجاه السفينة الكبيرة فيما كان البحارة الثلاثة جورج وباترك ودونالد يقفون على سياج سطح السفينة ينظرون إلى رفاقهم بفرح عظيم
أمر القبطان مورهوز أن يغير بحارته الثلاثة ملابسهم الغريبة ، فقد كانوا يرتدون سراويل زرقاء رسمية تفضل بها عليهم بحارة السفينة «خيتانو» وقمصاناً باليه قديمة ، وكان يبدو عليهم الضعف والهزال فكأنهم قضوا الأيام العشرة الماضية دون طعام ، أو كأنهم غادروا الفراش تواً من مرض ألم بهم فأحالهم إلى أشباح هزيلة .
وبعد أن لبسوا الملابس الجديدة التي هيأها لهم رفاقهم في السفينة ذهبوا إلى قمرة القبطان «مورهوز» كما أمر هو بذلك ، وقبل أن يسألهم عن سبب ضعفهم وهزالهم بادرهم بقوله :
كل الألغاز عرفتها إلا لغز اختفائكم وظهوركم على سطح هذه السفينة الأسبانية !!