عاد الهدوء ثانية الى بحارة السفينة بعد ان اخبرهم
« كوبر » بأنه كان يمزح معهم ، وانه سمع بقصة ظهور « قنفذ البحر » في الميناء فأراد أن يختبر شجاعتهم وعادوا يستمعون الى قصصه وحكاياته دون وجل ولا حذر اما القبطان « مورهوز » فقد بدأ الشك يتسرب اليه ، وراح يفكر في حكاية « قنفذ البحر ) بكثير من الجد ، وقد وضع في حسابه مراقبة هذا البحار القذر ليعرف منه الحقيقة كاملة وفي احدى الليالي وقف القبطان « مورهوز »
بنفسه لينظم قائمة الحراس تلك الليلة ، فاختار عددا
منهم وقسمهم على ساعات الليل ، كل نوبة فيها ثلاثة
حراس ، احدهم في المقدمة والثاني في المؤخرة والثالث يتجول بين السطح والعنابر وحين وقع الاختيار على «كوبر» ليكون في مقدمة السفينة اعترض على هذا التقسيم بأدب قائلا :
۔ ارجو من سيدي القبطان أن يجعل حراستي بين
السطح والعنابر ، فقد اعتدت على ذلك ولا استطيع
البقاء في مكان واحد حتى يدب في النعاس
حين سمع القبطان « مورهوز ) ذلك لمعت في
رأسه خاطرة غريبة لكن سرعان ما أجاب البحار (کوبر)
بقوله :
۔ لا بأس ، لك ما تريد شرط أن تكون حذرا يا کوبر
-انا حذر ياسيدي
لم يدر احد ما كان يدور في رأس القبطان تلك
اللحظة ، فقد احس ان شيئا غير النعاس هو الذي دفع
« کوبر » لاختيار مكان حراسته ، خاصة وقد سمعه
يقول تلك العبارة التي أثارته وولدت الشك لديه :
« لقد اعتدت على ذلك »
اذن لقد اعتاد أن يظل على ظهر السفينة ويتجول
في عنابرها في الليل دون أن يراقبه أحد ، وهكذا راح
القبطان « مورهوز » في منتصف الليل يراقب البحار
« کوبر » من قمرته وهو يتجول على ظهر السفينة
وكأنه شبح غامض دون أن يعلم هو بذلك .
وبعد ساعة من بدء حراسته اخذ البحار يقترب
من زميليه واحدا بعد الاخر ، وبدا للقبطان «مورموز»
آن « كوبر » كان يراقبهما بحذر ، فلم يكن يقف
جوارهما أو يتحدث اليهما طوال الفترة ، ثم فجأة اشعل
غليونه واقترب من حارس المقدمة وراح يتحدث اليه
ثم يعطيه شيئا اخرجه من کیسه . وحين اشعل له
لفافته عرف القبطان « مورهوز » آن « كوبر » قدم
له تلك اللفافة ليدخنها ، ففتح عينيه جيدا ليرى كل ما
يحدث امامه في ذلك الظلام الشاحب وبعد دقائق ترك حارس المقدمة مبتعدا واتجه نحو الحارس الاخر في مؤخرة السفينة ، وفعل ما فعل مع الاول .
ولم يمض على ذلك وقت قصير حتى رأى القبطان
« مورهوز » البحار ( كوبر ) وهو يبتعد بأتجاه عنبر
السفينة فغادر القبطان قمرته مسرعا خلفه ليعرف عن
قرب ما سيفعله هناك ، وما أن وضع قدمه على السلم
حتى ارتج المكان بصرخة عالية جعلته يرتجف من الهلع :
-قف في مكانك
في تلك اللحظة كان البحار « كوبر » على بعد متر
واحد من القبطان وقد شهر مسدسه بوجهه و وحين
عرفه استدرك قائلا :
- من ؟ سيدي القبطان ، ماذا تفعل هنا بحق السماء ؟
ولم يستطع القبطان أن يقول شيئا ، فقد أفسد خطته بنفسه ، وقبل أن يعود إلى قمرته سمع ضحكة البحار «کوبر » من ورائه وهو يقول :
-تأكد من انك قد خلعت حذاءك الجلدي الخشن
في المرة القادمة ، فأنك تثير الضجيج هكذا.