ظل «كوبر » ذلك النهار سجينا في احد عنابر
السفينة ، وقد كلف القبطان احد البحارة لحراسته ٠
و منع كل من يقترب منه .
و في المساء ذهب القبطان (مورهوز)
اليه وقفل بيده باب العنبر الذي سجن فيه واخذ المفتاح معه.
وحين حل الليل وذهب اكثر البحارة الى اماكنهم
ليرقدوا ساد الهدوء على ظهر السفينة تماما الا من صدى خطوات الحراس وهم يسيرون ببطء على السطح ٠
في تلك اللحظة احس القبطان ( مورهوز )
بالهدوء والراحة ، فليس هناك ما يعكر امن السفينة
بعد ان وضع « كوبر » في العنبر واغلقه عليه ٠راح القبطان يتسلى في قمرته باللعب مع مساعديه حتى ساعة متأخرة من الليل ، وبينما هم منغمرون في لهوهم البريء هذا انطلقت صيحة عالية من سطح السفينة ثم ساد السكون ثانية .
قفز الثلاثة مرة واحدة وكأنهم بأنتظار مثل هذهالصيحة ، وهبطوا الدرج مسرعين الى سطح السفينة وراحوا يبحثون تحت ضياء فوانيسهم عن من اطلق هذه الصيحة .
وسرعان ما فوجيء الجميع بأحد البحارة ممددا على السطح وقد سال الدم من رأسه على خشب السفينة .
ها هي جريمة جديدة تحدث في منتصف الليل وهم في عرض البحر دون أن تشير أصابع الأتهام الى أحد. فالبحار «كوبر» ما زال محجوزا في عنبره ، والحارسان الأخران هرعا معهم بنفس اللحظة وها هما يقفان جوار القبطان «مورهوز» ومساعديه ، والبحارة الأخرون نائمون كل واحد في مخدعه ،
من يا ترى تجرأ وفعل ذلك في هذا الوقت بالذات ؟ هل خرج ( كوبر )من سجنه وفعل ذلك ؟ هل عادت الأشباح للظهور ثانية لتقض مضجعهم وتعاقبهم عل ذنب لم يرتكبوه.
ظل القبطان صامتا فترة من الوقت ثم انطلق مسرعابأتجاه العنبر الذى يرقد فيه البحار ( كوبر ) وسرعان ما تبعه الأخرون . وحين اقترب من باب العنبر وفتحه قابله ( كوبر )
بأبتسامته الساخرة وغليونه المعقوف في فمه ، فلم يطق «مورهوز» النظر اليه وهو في هذه الصورة فقفل عائدا الى سطح السفينة ليساعد حارسه الجريح ويستفسر منه عما حدث له فجأة .
حين فتح الحارس عينيه كان الجرح مازال داميا والألم يكاد يمزقه ، ولكنه احتمل كل ذلك وفتح فمه ليخبر القبطان الذى جلس الى جواره بما حدث قائلا :
- سمعت ضربات خفيفة تصدر من خلف الحبال تشبه
الطرق على الباب ، فأعتقدت ان ( كوبر ) يطلب شيئا وهو في عنبره ،فتقدمت اليه لكي استفسر منه عما يريد، ثم فوجئت بجسم ثقيل يسقط على رأسي ، بعدها اغمي علي ولم ادري ماذا حصل بعد ذلك .
- ألم ترى احدا يقترب منك ؟- لا ... لم أرى أي احد .
- ولماذا صرخت اذن ؟
- لا اعلم ان كنت صرخت أم لا .
ترك القبطان ( مورهوز ) أحد البحارة قرب الحارس
الجريح وأمر الأخرين بأن يتبعوه ليفتشوا عنابر السفينة جيدا فتشوا كل مكان ... السطح والعنابر والمخابي السرية التي يعرفونها دون ان يعثروا على أي اثر للجاني ، ثم فجأة خطر في ذهن القبطان خاطر غريب ، فربما يكون الجاني احد بحارته النائمين ، وقد فعل ذلك بسبب عداوة قديمة او كره لهذا البحار بالذات بعد أن عرف بنوبته في الحراسة فترصد له في الظلام وفعل ما فعل .
ولكن هذا الأحتمال، كان بعيدا ايضا ، خاصة وأن
البحارة لا يضمرون العداء لبعضهم ولا يخفونه بل يظهرونه علنآ ولا يمنعهم مانع من ان يتقاتلو فيما بينهم في وضح النهار ان ارادو.
ثم ان البحار الجريح معروف بطيبته و وداعته و عدم اثارته المتاعب لأحد فلماذا يعاقبه بمثل هذا العقاب؟و هكذا وجد القبطان مورهوز ان الحادثه غامضه امامه كل الغموض و لم يجد تفسيرا يقتنع به هو او مساعده
فضاعف الحراسة و عاد الى قمرته يفكر بحاله و حال بحارته الاخرين.في صباح اليوم التالي شاع خبر اصابة الحارس ، فأنتشر الذعر بين الجميع حتى كاد الزمام ان يفلت من يدي القبطان ( مورهوز ) وقرر بعض البحارة العودة الى الميناء فتجمهروا على سطح السفينة وطلبوا من القبطان أن يقطع رحلته هذه ويعود بهم ألى اهلهم قبل ان يحل بهم الدمار على هذه السفينة الملعونة .
ولم يكن أمام القبطان ( مورهوز ) الا احد امرين ، اما
الرضوخ الى رأى البحارة والعودة الى الميناء قبل انتهاء، مهمتهم التي انفقوا من اجلها الوقت والمال أو مواجهتهم بالقوة والأستمرار في الرحلة الى هايتها.
فأرسل بطلبهم في قمرته واحدا واحدا يحدثهم بأمر العودة ومن خلال لقائه بهم عرف من وراء هذه الضجة ، ومن الذين يشجعون البحارة على اثارة المتاعب وعدم اطاعة أوامر القبطان .
وحين عرف الموقف جيدا أصدر أوامره بألقاء القبض
عل مثيرى الشغب ورميهم في الحجز مع البحار «كوبر».
وسرعان ما عاد الهدوء الى السفينة وسار كل شي في
الطريق المرسوم له بعد أن تم حجز اربعة من البحارة وجد القبطان ( مورهوزه ) بقائهم على سطح السفينة أحرارا غير نـافع ولا مجد .