قناع

51 8 2
                                    

(المالكة لهذا المنزل قد توفيت قبل مدة والآن ابنتها الوحيدة تخلت عن المنزل والحمد لله على هذا لأن المنزل احترق بالكامل)
أخبار من التلفاز.

كنت خائف من أخبارها بهذا الشيء انا حقاً لا أود منها أن تعود إلى حالة الإكتئاب تلك، لا اود أخبارها لكن يجب علي فعل ذلك، تقدمت نحوها واخبرتها
"تارا منزلك... لقد احترق" توسعت عيناها وبقيت في حالة الذهول "حمدا لله انك هنا معي" لا شيء سوى الصمت "أحضرت كل شيء أليس كذلك؟" اومأت بأجل حاولت تجاهل الأمر بابتسامة مكسورة

احتضنتها لأسمع صوت تنهيداتها المثقلة، المتعبة، الحزينة مانعة نفسها من انهيار السوائل المالحة من عيناها، ربت على شعرها كي اجعلها تريح نفسها قليلاً وتذرف بعض الدموع، لكنها قاومت فعل ذلك وقست على نفسها قليلاً، اظهرت ابتسامة (قناع) ذات ملامح كاذبة خلفها الآلام بحد ذاتها تنهدت تنهدتُ بغضب ويأس نظرت إليها "انا بخير حقاً!" اومأتُ برأسي "حسنا حسنا اذهبي واريحي نفسك في الصباح سنتحدث أحلاماً سعيدة"

نهضت وذهبت إلى غرفتي لأنام،كنت قلقاً من أن يؤثر ذلك عليها إذا تسللت إلى الممر الذي يفصل بين غرفنا وقفت عند الباب، تتنفس بانتظام لا شيء يثير القلق ارتحت قليلاً ثم انتقلت إلى عالم أحلامي، استيقظت بسبب الضجة التي بالأسفل، نزلت إلى هناك كانت تارا تعد الطعام، تسللت إلى خلفها لعلها تنتبه لكنها لم تفعل وكزت كتفها بيدي،فزعت قليلاً لكنها ارتاحت عندما رأتني ابتسمت الي وأشارت بيدها "انتظر قليلاً كدت انتهي" صمت قليل وهي تلتفت يمنة ويسرة وكأنها تبحث عن شيء "هل تستطيع تحضير القهوة لك" اومأت ب "أجل لكن لماذا أنا فقط؟" ابتسمت وهي تميل رأسها إلى اليمين قليلاً "انا لا اشرب القهوة سأكتفي ببعض الحليب هل تملك واحداً؟" ابتسمت وكأنها طفلة صغيرة "أجل امتلك وان لم امتلك سأحضره لك في الحال"

ابتسمت بخجل - أنها حقاً لطيفة - هذا ما كان يدور في رأسي، ذات الشعر المجعد الكثيف الذي يغطي وجهها المدور المحمر، الشيء الوحيد الذي يمنعني من التهامها هو اني لا اكل البشر أو لا أعتقد أنها بشر اصلا الشيء الوحيد الذي يمنعني من احتضانها هو خجلي اللطيف ذلك، أنهينا تناول الطعام كلانا، وخرجنا من المنزل ذهبنا إلى المدرسة وفي أثناء طريقنا رأيت منزلها المحترق، ارتدت ذلك القناع ثانيةً تلك الابتسامة المكسورة لكنها لم تدم طويلاً، عندما دخلنا إلى الصف قبل وصول أي أحد كانت الجدران مليئة بتلك الكتابات الغريبة والتهديدية وكان هناك رسالة على الطاولة

  "انت من قتلتي والدتك... انت من احرقتي المنزل... سوف تتبعي والدتك الآن"

ذكريات صامتة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن