~ الفـصل الـرابع عَشر ~ ✔️

29 4 0
                                    

وجهة نظر إريكا :

خرجت من الاستحمام وارتديتُ سُـترة طويلة سوداء ورفعت القلنسوة على رأسي لكي لا أبرَد، أخذت كرسي أمام المرآة وأخذت أنظر إلى رسالة ختامِها باللغة اليونانية، رسالة منه يقول بها أنه بعد دقائق سيراني، نعم أنني تركته وهربت لأني خجلة من تصرفي ولا أعلم ما نوع هذا الخجل، هل هو من خجل الفتيات عندما يلتقن بالرجال أم الخجل المؤسِف الخائف، ليتيسيا دخلت غرفتي واستقرت على السرير وأنا أمام المرآة، لم أعطي اهتماماً ووضعت كامل تركيزي للورقة.

«يا أنتِ»
خفضـتُ رأسي وفننتُ وجهي بملامح باردة، بدون ابتسامة أو حتى حزن.
ثم التفتُ لها : «ماذا؟»
تأفأفَت ووقفت، ها نحن ذا..
«ألا تمِّلين من دور الفتاة السيئة»
الفتاة السيئة؟
اللقب الجديد بعد صاحبة المصائب، حقاً انني مخزن للألقاب.
ابتسمت بجفاء ونفيتُ برأسي :
«لا لم أمِـل»
ضحكت بانتصار وهي تتقدم مُـحدقه في عيني، أبحث في بُنيـتيها على معزَّة وفشلت في العثور، متناقضين في المظهر لكن هل نحن مختلفين في القلوب إلى هذه الدرجة ؟
يتضح أنني أكثرتُ في الحملقـه بها؛ نظراتها الآن متعجبـه.
«أنتِ سرقتِ مني كُـل شئ»

«ماذا؟»
سألتها ولم أجد جواباً فقط صمت مؤلم.
«ألا يوجد لكِ صوتاً، أم أخذته القِـطة، قبل ما تأتي وتسمعيني ما حفظتيه، فكري، أرجوكِ فكري في وضعنا وعلاقتنا ونحن صِغار»
كنت أضربها في كتفها لتفيق وتشيح بنظرهـا بعيداً عني، فقط لتأتي إليّ يوماً وسأغرقها حباً لكن فقط لتأتي هي.

تذكرت أنه ينتظرني فتوجهت إلى الباب بعدما قلت في وجهها :
«ابتعدي عن الرغبة في تملك كل شئ، فقط تمتعي بما أنتِ فيه»
أريد أن أهشم أي شئ يأتي أمامي.
اصطدمت بأمي لأهمس لها :
«أظن أنها كبيرة كفاية لمعرفة أن أبي قد طُرد لم يتركها ويذهب»
جحظت عيناها لي، تذكرت كلمتها لأبي عندما أخَـذ حكم النفي عندما هتفت له أمام ماثيوس وابنه : «أنتَ السبب في كل شئ»
مُعتقـدة أن الحق وتحقيقه عارٌ!
ليس أن النصّابين هم المخطئون!
وعندما ودعني أبي أمامها : «أنتِ قاضيتي الجَميـلة وبطلة للجميع»
نظراتها التي تتشابه مع خاصتها الآن، اقتربت منها وقُلت وأنا لا أزيح نظري عنها :
«ولأنني صانعة للمصائب أتمنى أن لا تُجبريني على إخبارها بنفسي وصُنع كارثـة»
تجعدات وجهها برزت خوفاً، لم أتمنى يوماً أن أقول هذا لأمي، لمن أنجبتني وربّتني، من حصّنتني من الكثير.
إني أسفة لكني متعبة.
تخطيط وقوفي أمامها وتحركت إلى الشوارع.

نظرت ووجدته واقفاً عِند زقاق أول مُقابلة، ثانيتين، سندت على الحائط ورائي ومسحت وجهي المُبتل من قطرتين مياه المشاعر ثم ذهبت ووقفت، لكن كان لا ينظر لي بل يعطيني ظهره!
«يا هذا، أنتَ من طلبتني أتتذكر»

نظر لي بتعجب : «ألم تكوني لا تحبي الهروب، أم هذه عمة خالتي»
ضحكت على نبرته الغريبة، فقط هو غير مفهوم.
لا أعلم هل هو ساكـن هادئ، أم طفل متذمر، أم قائد جاد.
فقط أتمتع بمعرفته.
«في أوقات أحب الهروب»
وأدعو أن يمرر لي هذه المرة، وحقاً إذا أحد ضغط عليّ في نهاية المطاف سأصرخ بأعلى صوتي.
«حسناً، لنتعرف أكثر بشكل صحيح لمرة واحدة، ونكون أصدقاء»
ضيقت أعيُني بشكٍ، ويده الممدودة لم تتحرك من مكانها على الرغم مِـن عدم استجابتي، كأنه واثقـاً إلى حد كبير.
تابع كلامه بملامح هادئة مثل نبرة صوته لم ألتمس بهم مُقتاً : «نيكوس المُلقب بأريستارخوس»
مددتُ يدي عندما وجدته لم يمِّـل، لكن كيف ؟
«إريكا»
أعتقدتُ أن عدم الإستجـابة يدعو للغضب في الحديث أو الملامح، أما هو هادئ، بل وابتسم عندما تكلمت كالذي نجح في شئ كبير، فرحة في الحقيقة عندما تخيلت هذا
أن أكون انتصار لأحد.

أريستارخوس | Aristarchusحيث تعيش القصص. اكتشف الآن