لعنه ريتانا
البارت الثانى
من الفصل الثالث
بقلمى سماح سمير شبل عطالله
(( موت))استيقظ الريس رجب ليجد نفسه فى منزل حسن كما كان فى الصباح ليجد الريس حسن نائم على الأريكة لينظر له بشفقه ويقول:
يا حسن قوم نام فى سريرك.
ردد رجب على حسن الحديث مره اخرى ولكن لم يتلق رد مما جعله يقترب منه ويقول وهو يربت عليه بهدوء:
ايه يا حسن نومك بقى….، ايه ده انت متلج كده ليه، حسن ، حسن!!!
انتفض رجب برعب واقترب من عنق حسن وتحسس نبضه ليجد أنه لا يوجد نبض مما جعله يصرخ وهو يهرول خارج المنزل ويستغيث بالناس، ليخرج الناس من بيوتهم على صوت الريس رجب وسارعو إليه ليصرخ بهم وهو يقول:
الحقونا بدكتور حسن قاطع النفس.
ليركض رجل منهم الى الوحده الصحيه وهو يخبره الا يقلق سوف يحضر له الطبيب، اما باقى الرجال فدخلوا المنزل خلف رجب الذى هرول إلى الاريكه التى يرقض عليها حسن ويقترب رجل من حسن ليحسس نبضه وينظر إلى الرجال وهو يقول:
لا اله الا الله ، الريس حسن تعيشو انتم.
نهره رجب وصرخ وهو يقول:
ابعد عن اخويا بفالك اللى زى وشك ده ، اخويا عايش.
اقترب الرجال من رجب الذى ظل يصرخ كما لم يصرخ من قبل وحاولوا السيطره عليه ولكن نظرات الرجل الذى تحسس نبض حسن أخبرتهم أن حديثه صحيح، لم تمر عشره دقائق وكان طبيب الوحده الصحيه يدخل من باب المنزل ليتفرق الرجال ليستطيع الكشف على حسن، وكان رجب ينظر له برجاء الا يؤكد ظنه ، ولكن الطبيب نظر لهم جميعا بأسف وقال:
البقاء لله.
لم يتحمل رجب الصدمه وسقط بينهم مغشى عليه ليقوم الطبيب بأسعافه ويقول له بعد أن يفيق:
لازم تاخد بالك من صحتك يا ريس رجب ، سكرك مش مظبوط ولازم تاخد علاجك بأنتظام علشان ما تدخلش فى غيبوبه سكر لاقدر الله.
رجب بدموع وحزن:
أن شاء الله يادكتور.
ثم تكاتف الرجال حتى يتم تغسيل وتكفين الريس رجب، سقطت دموع الجميع حزنا عليه وتسأل الرجال اين ولده طاهر ليقول لهم رجب بحزن:
طاهر و هبه فى مصر من الصبح.
احد الرجال:
طيب هات تليفونه أكلمه علشان يحضر دفنه أبوه.
رجب :
مش هينفع.
تبادل الرجال النظرات ليكمل رجب:
العيال عندهم امتحان الدكتوراه ومش هيرجعو غير بعد اسبوع، ولو اتصلنا بيهم هيضيع عليهم الامتحان ويبقى موت وخراب ديار.
اقتنع الرجال بحجه رجب ومنهم من قال:
الحى ابقى من الميت، خليهم لما يرجعو احسن.
فى منتصف الليل أنهى الرجال شعائر التغسيل والتكفين وانتظروا حتى يصلون الفجر على جثه حسن ودفنه بعدها، حرصا منهم أن لا يدفن فى الليل ولا ينتظر لصلاه الظهر لأن الطبيب أخبرهم أنه مات بالفعل فى منتصف النهار وتركه أكثر من ذالك غير مستحب، كانت الرجال تقوم بفعل كل شئ اما رجب فجلس بجوار جثه ابن عمه وصديقه يقرأ القرأن الكريم بجواره وهو يبكى فراقه وبعد صلاه الفجر خرج الجميع إلى المقابر واستقر حسن فى مثواه الأخير ليغلق الحانوتى القبر ويرفض رجب التحرك من جوار القبر وقال للجميع:
كان دائما يقولى اللى يموت فينا الاول مايسبش التانى لوحده يقعد يونسه شويه.
أشفق الرجال على رجب الجميع يعلم كم كان هو وحسن صديقان مقربان قبل أن تربطهم صله الدم،فتركه الرجال كما يشاء وغادر الجميع، لينظر رجب الى مقبره حسن ويقول بدموع :
كده يا حسن، هتسبينى استنى لوحدى.
ثم إنهمرت دموعه وتهشرج صوته وهو يقول:
ده انت اللى كنت مصبرنى على غياب هبه وطاهر، هقول لهم ايه لما يرجعو ، حسن مقدرش على بعدكم يوم واحد !! اه يا صحبى واخويا اه لو تعرف انا النار اللى فى قلبى عليك، استغفر الله العظيم ، انا لله وانا اليه راجعون.
وظل رجب يردد انا لله وانا اليه راجعون بدموع وحزن دفين ، لقد رحل الصديق والاخ وأصبح وحيدا حتى الاولاد لا يعلم مصيرهم الا الله ، الشعور بالضياع والوحده هم من سيطرو على رجب بعد رحيل حسن.
_______________
انتبه الجميع الى هبه عندما قالت إن لديها الحل.
بيلا :
وما هو الحل؟
هبه بحده:
نقتل ريتانا، وبكده تسقط اللعنه عن الكل.
بانو :
حبيبتى هبه ، الملعونه ريتانا محصنه بالسحر الاسود وايضا الشياطين تعاونها.
طاهر :
على نفسها احنا ربنا معانا.
نظرت له اندريا بسعاده وقالت:
انت وحدك من يستطيع قتلها بنى ، لانك انت الأمير الهجين.
هبه:
وانا معاك يا طاهر.
شيلا:
مهلا ، علينا أن نضع خطه لقتلها.
بيلا :
ماذا يا فتاه؟ أنتِ لم ترحلى معه، أنها مهمه الخاصه حتى يستحق العرش.
تنهد طاهر وقال :
خرابه انتى انا اصلا مش هعمل كده علشان العرش والهبل ده، ولو انتى طمعانه فى العرش خوديه من دلوقتى انا مش عاوزه.
هبه بحماس:
جدع ياض يا طاهر ، وانتى يا بيلا بطلى نفسنه بقى على اخويا بدل ما اقطع لك ديلك ماشى ، انا اخويا راجل قوى ومش هيقتل بنت الملعونه دى علشان عرش الحزن بتاعكم ده، لا يامه احنا رجالتنا رجاله قوى من غير ما يبقو طمعانين لا فى عرش ولا بطيخ.
بيلا بغضب:
كفى يا فتاه عن العبث معى حتى لا اقطع لسانك السليط.
هبه بصوت عالى:
حوش حوش ، خبينى يا طاهر اصلى خفت وركبى بتخبط على الجيران من الرعب يا طاهر ، مين دى يابت اللى تقطعى لسانها لا يامه انتى ما تعرفيش انا مين ……
وضع طاهر كفه على فم هبه التى كانت لا تزال تحاول أن تكمل وصله الردح الخاصه بها ولكن طاهر قال وهو يحاول أن تصمت :
انا مش بسكتها علشانك يا حريقه، انا صعبان عليا امى والغلبانه بانو.
شيلا برقه :
وانا ؟!!!
طاهر :
وحيات امك ياشيلا مش ناقصه سهوكه دلوقتى.
بيلا :
انت وهى وهى مقززين.
قالت كلماتها وتركتهم وغادرت لشجره بعيده بخطوات عنهم ، اما بانو واندريا فقد كانو ينظرون للجميع بذهول ، ترك طاهر هبه لتقول:
الله يحرقك يا طاهر كنت هتفطسنى.
شيلا برقه:
هبه ارجوكِ لا تقولى هذا.
هبه:
يابت انتى بارده ، مش قالك بلاش سهوكه، وبعدين ايه مافيش زره ادب لأمك ولا لامه؟ اتوبيس التربيه معداش على بيتكم!!!
شيلا بلا مبالاه:
انا احبه يا فتاه ،ما العيب فى هذا؟!
احمر وجه طاهر والتفت برأسه وهو يتجاهل ما سمعه الان واشمأزت بيلا بغضب اما بانو واندريا فنظرو لهم بسعاده بالغه لتخبط هبه كف بكف وهى تقول:
فائده فائده ما فيش كلام ، شايله برقع الحيا خالص!!
صمت الجميع لتقول هبه مره اخرى :
ها يا طاهر هنروح نقتل الوليه ريتانا دى امتى ؟
طاهر :
هبه انتى مش هينفع تيجى معايا.
هبه بغضب:
انا استحاله اسيبك، انت هتعوم على عوم البت بيلا!!
طاهر :
لا يا هبه افهمى ، انتى مش هتقدرى تغطسى وتتنفسى تحت الميه انتى مش سمكه ياما.
صمتت هبه لبرهه ثم انفجرت باكيه وهى تقول:
وانا مش هقدر اسيبك تواجه الملعونه دى لوحدك ، انت اخويا اللى مقدرش ابعد عنه ثانيه ، اقوم اسيبك تروح للموت برجليك ولوحدك!!!
انفطر قلب الجميع على بكاء هبه واقترب منها طاهر وضمها له حتى تكف عن البكاء، تحدثت اندريا بشفقه وقالت:
حبيبتى اهدئى ، سوف يعود لنا طاهر سالم منتصر بأذن الله.
بانو :
نعم ، لم يخذلنا الله ، انا واثقه.
اقتربت بيلا مره اخرى منهم وجذبت هبه من بين احضان طاهر وقالت:
اعلم ما تشعرين به، ولكن علينا التحرك فالوقت ليس فى صالح الجميع ، ستكونين هنا معنا حتى يعود طاهر.
نظرت لها هبه بضعف وقالت برجاء:
شيلا وبانو ممكن يساعدونى اتنفس تحت الميه زيكم .
تبادلت شيلا وبيلا وبانو النظرات القلقه وقالت شيلا:
لم استطيع مساعدتك هبه.
ألقت جملتها وابتعدت ، لتنظر هبه برجاء إلى بانو التى قالت :
اسفه صغيرتى ، لم استطيع ان اقدمك بيدى لهذه الملعونه وحتى سحرى لم يستمر الا دقائق ، الأمر ليس بهذه السهولة كما تتوقعى.
هبه بغضب:
وانا مش هستنى هنا العمر كله زيك انتى واندريا واقعد اضرب أخماس فى اسداس ، وقسما بربى لو انتى ولا بنتك نيمتونى ولا عملتو معايا حركه قرعه من حركاتكم دى لموتكم واموت نفسى اول ما افوق.
لم تترك شيلا لها فرصه الحديث مره اخرى عندما ألقت عليها تعويزه جعلتها تغط فى نوم عميق ، لتنظر لها بيلا برضا اما اندريا وبانو فقد تملك منهم الفزع وقالو فى صوت واحد:
سوف تقتلنا ايتها الغبيه.
لترد عليهم شيلا وهى تقول ببساطه:
أنها لا تستطيع أن تقتل فأر ، دعكم منها الان ، علينا وضع خطه محكمه لطاهر حتى نتخلص من هذه اللعنه .
طاهر وهو ينظر إلى جسد هبه الساقط أسفل قدمه قال ببهوت:
دى هتفرج عليكم المحيط بس تفوق..
____________
كانت السفينه تشق البحر بسرعه وكأنها فى سباق وكان نوح هو من يتولى القياده أما جميله ومعتز فكانو يتقيأون وهم متمسكون فى بعضهم البعض حتى لا يترنحو، حتى نظرو أمامهم إلى هذا الشلال الذى لم يكن بعيدا عنهم حتى صرخت جميله ومعتز فى صوت واحد واستجمعو نفسهم وركضو الى غرفه القياده وهم يتخبطون هنا وهناك لينظر لهم نوح بتشفى وهو يقول:
سبحان مغير الاحوال ، مالك يا ميزو ؟ الشعر المسروق خلص ولا ايه؟
جميله بغضب:
وحيات امك يا نوح الكلب لاطحنك ضرب بس لما توقف الزفته دى.
معتز برعب:
انت داخل جوا شلال يا غبى وممكن يكون نازل على صخره واحنا داخلين عليه بأعلى سرعه.
نوح بلا مبالاه:
لا متخفش ما فيش وراه صخره ولا وحاجه.
معتز بقلق:
انت متأكد يا زفت؟!!!
ابتسم نوح ببرود لتدخل السفينه باقصى سرعه إلى الشلال ويغرق الماء معتز وجميله الذين يقفون على باب غرفه القياده ليشهق كلُ منهم وبعد ثوانى تظل السفينه على نفس سرعتها ولكن وسط جبل يحجب الشمس مظلم للغايه ولا يرون فيه اى شئ سوى اصوات فحيح الافاعى حولهم، لتتشبس جميله فى معتز ويفعل الآخر مثلها حتى تمر خمسه عشر دقيقه ونوح لا يفعل شئ سوى الابتسام والنظر إليهم بعيونه التى تشبه عيون القطط بشماته لا يرون منه سوى هتان العينان المضيئتان ولو كان رأو هتان العينان قبل دخولهم عالم الجن لتوقف قلبهم عن العمل وقتها ولكن الآن يتمنون أن يمر هذا الظلام حتى يبرحوه ضربا هم الاثنان ، اخيرا ظهرت السماء مره اخرى وانارت الشمس السفينه وانتبهو إلى نظرات الشماته على وجه نوح ليقفز عليه معتز وزوجته جميله وينهالو عليه بالضرب والسباب وهو غارق فى موجه ضحك هستريه جعلت يفقد حتى تمالك أعصابه للدفاع عن نفسه ، ليقول من بين ضحكاته :
خلاص يالا انت وهى ، ماسكين حرامى غسيل؟!
ابتعدت جميله ومعتز عنه وقالت جميله:
ماشى يا نوح ، وحيات ميزو عندى ما هسيبك وهقول لمراتك انك كنت مقضيها معاكسات وليالى حمرا .
نظر لها نوح بصدمه وقال برعب حقيقى :
لا جميله انتى اختى وانا بهزر معاكى ، يرضيكى تخربى بيت اخوكى ؟
جميله :
اه يرضينى ، وابقى شوف بقى مين هيصالحك على لونيا ولا هيحوشها عنك يا نوح .
معتز :
احسن .
نوح :
على فكره انا غلطان واستاهل كل حاجه بس انا عملت كده لمصلحتكم والله.
معتز :
يا شيخ !!
نوح:
والله يا معتز الربع ساعه اللى كانت فى الضلمه دى لو انا مش كنت مسرع قبلها السرعه دى لكانت هتعدى ساعه ولا حتى ساعتين ، دى اصلا معبر زمنى وماكنش هيعدى بسهوله كده لو مكنتش رتبت له قبلها.
معتز :
طب كنت فهمنا .
نوح :
لا وانت كنت مركز معايا اصلا ، انت كنت قاعد تسرق اغانى وتقول للهبله دى انك كاتب لها شعر.
كاد معتز أن يتحدث ولكن جميله قالت:
اللى غيران مننا يعمل زينا، انت هتموت من الغيظ علشان رحلتك انت ومراتك باظت واحنا لا.
نوح بنفاذ صبر:
يارب صبرنى .
معتز :
طب أنجز هتسوق عدل ولا هترجعنا لمراجيح مولد النبى تانى .
نوح وهو يجز على أسنانه:
اسوق!! لا يا آخره صبرى انت ومراتك هنبحر بهدوء علشان دى محميه وفيها…ولا بلاش ، عمتا همشى بهدوء.
معتز بابتسامه لجميله:
تعالى بقى يا روحى اقولك بيت شعر لسه مألفه دلوقتى مدام هيسوق براحه.
ثم شبك كفه بكف جميله التى كانت تنظر له بفخر وابتعدو عن نوح الذى نظر لهم بشمأزاز وقال بهدوء:
غور انت وهى ، جاتكو القرف.
ثم التفت مره اخرى إلى البحر أمامه وقال بهمس:
ربنا يستر وما يطلعش تنين ياكلكم واشيل انا زنبك انت وهى .كل سنه وانتم جميعا بخير وسلامه والى اللقاء يوم الجمعه أن شاء الله ❤️