الكاتبة - black widow
(قلوب الناس مو جنه عشان تناضل لأجلها ..أو تيأس لأنك مو فيها)
(قلوب الناس مو جنه عشان تناضل لأجلها ..أو تيأس لأنك مو فيها)
(قلوب الناس مو جنه عشان تناضل لأجلها ..أو تيأس لأنك مو فيها)
أخذ نفـــس عميــق , عل وعسى يخفف اللي بقلبه من قهـر وحــره وغيظ وكره .
الكلمه مو راضيـه تغيـب عن عقله , والغريبه انها من ابــوه ..
ضحك بسخريه بوقت الشده ما تيي في باله إلا كلمة ابوه ناصر .
قطع ضحكته فجأه , واهو يحس انه ما يقدر ...ما يقدر يعيش وهالنار شابه فيه .
نقـــل نظره للأفق البعيد , ما كان باين شي ..
الرمل ممتد إلى ماله نهايه , والنوير والأعشاب الصحراويه مغطيه أماكن معيــنه بجمال عجيب , لكن هالجمال مو باين ألحين بسبب الظلام .
هالجمال والروعه مو قاعد يخفف عليه .
رد تنهد مره ثانيه ..
رفع راسه بهدوء لما سمع صوت يتردد ..
"بـــــــابا...بـــابا "
غلف مشاعره كالعاده ..
ولف ويهه وناظر لتحت التله اللي اهو قاعد عليها ..
شاف (مرتضى) احد الهنود اللي يشتغلون عنده بالمخيــم , وعقد حاجبــه اهو قايلهم لا احد يضايقه ان شافوه قاعد بروحــه .
ما رد عليه بس قعد يشوفه واهو يتوقع تبرير مقنع لمقاطعة خلوته ..
مرتضى اللي وقف اسفل التله من غير ما يصعدها , قال بهدوء " انت صديق في اكو خيمه "
اصدقائي !!
غمـض عيــنه
ومسـك اعصابه خاصه إنه مرتضى ماله علاقه بالموضوع ..
فتح عينه وقال بصوت صارم " عطهم قهـوه وشاي , وشوف إذا يبون عصاير أو اي شي ثاني , انا ألحين ياي "
هز مرتضى راسه وتوجه للمخيــم البعيد نسبياً بسرعه .
قعد خمس دقايق يحاول فيها انه يتمالك اعصابه , وحط ايده على صدره وحركها فوق تحت ..على امل انه يوقف احاسيس الكره والغضب النابعه من ذكرياته من انها تحرقه ..بعد ما يأس..وقف ايده وتنهد للمره المليون .
و وقف بالأخير وخذا شماغه من الأرض وحطه على جتفه , وتوجه للمخيم .
بعد عشر دقايق كان واقف يم الخيمه , مو حاس بمزاج يقعد مع احد ,لما ألحين الحريجه شابه بصدره , غيبته عن الناس ما طفتها , ولا خففتها , يحتاج الوحده ألحين اكثر من قبل , اكثــر بكثيـــر ..
بالفتره الأخيره الجلوس بروحه ..صاير حلم , ونعمه بعيدة المنال , كانوا الناس محاوطينه بكل الأوقات , خاصه ان المشروع اللي بدى فيه واهو في بداية شبابه كبــر اكثر من النطاق اللي حطه له واهو شاب .
لكن احساسه بالكتمه بدى يزيد من سنتين , بعد اللي صار , خاصه بعد ...
أه ه ه ه ه ه مو بيده يغير شي , مع كل نجاحاته إلا انه مو فرحان مو مرتاح , كلما حقق شي يظن انه ألحين بيرتاح لكن لأ ..
المشكله انه من كان صغير و..استغفر الله ..استغفر الله ..اهو ألحين بيتمالك اعصابه ولا يبي يدمرها قبل لا يدخـل .
بس هذا اللي يفكر فيه مؤخرا ..مؤخرا !! من سنتين واهو على هالحال ..لكن من 10 ايام ...طفح فيه الكيل من كل شي , من شغله ..من حياته الخاصه ..من كل شي .
وعرف انه ان ما طلع من الكويت و راح للبر أو اي مكان ثاني كان راح يذبح له احد , أول ما فكر باللي صار من عشر ايام يحس بنفـس الغليان اللي كان حاس فيه وقتها , لكن حاول يتمالك نفســــه , اصلا اهو ما نسى اللي صار عشان يذكره , اصابة ريله تذكره بكل ثانيه بأن السبب فيها لازال موجود , وكاتم على صدره مثل الغمام..
كان وده يسافر لدوله اوروبيه , ولفتره طويله يتخلص فيها من مشاعره السلبيه , والكتمه اللي بصدره , لكن هالشي مستحيل مع المشروع اليديد , كل اللي قدر عليه انه ايي للمخيم على امل انه نفسه تصفى ..
لكن الظاهر ان اسبوع واحد وايد عليه ..
لأن ربعه كلهم ألحين موجودين عنده .
اهو متأكد ان عبدالله اهو اللي ورى هالسالفه , ابتسم بسخريه من نفســه , عبدالله بعد اللي صار من عشرايام بدى يحاتيه وهذا اللي خلاه يطلع من الشركه وايي للمخيم عقب ثلاث ايام من نظرات عبدالله المتشككه !
يالله , بعد اللي صار وخروج غضبه عن السيطره , صاير مو طايق نفســــه ..
وقف لفتره طويله يم الخيمه يتنعم بلحظات الوحده , بالدقايق والثواني الجميله والهدوء الصافي اللي بعدها بيكون مع ضيوفه اللي يوا له من مدينه الكويت من غير عزيمه , معرفته انهم يايين بس عشانه مخليه مجبــر للترحيــب فيهم
حط شماغه على شكل الجريمبه من غير عقال , تسند على عصاه اللي صارت مرافقه له بصوره مؤقته إلى ان يتخلص من كسـر في اصابع قدمه !
زرع على شفايفه ابتسامه مغتصبــه , و دخـل الخيمه , اللي كانت تنعم بالحياة , والحماس والسوالف ..عم الهدوء ..والصمت .
وردت الخيمه للحياة والترحيـــب الحار , المخلص .. الترحيبات اللي تعبــر عن حب وتقدير للرجل اللي دخــل .
سمعهم يقولون " هلا والله بوناصــر "
وبدى اهو يمثل بأنه طبيعي ..
وقال , والإبتسامه لازالت موجوده , بصوته الرجولي الرخيـم "هلا بالحبيـــب " و وجـه الكلام للكل بعد ما دخل اكثـر " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
عبدالله بدى يتأمل الداخل عليهم .
المبتسم والجالس ألحين بصدر الخيمه ..واهو يقول بصوته الرخيم " حيا الله من يا " وينطق بعبارات الترحيـــب .
اللي يشوفه ألحين بهدوئه وروحه الحلوه الإجتماعيه العاديه , ما يصدق انه نفس الشخص اللي كان فاقد أعصابه من عشرة أيام تقريبا .
بدى ينقل عيونه بصوره سريعه على ويهه , يحاول يشوف اذا كان اهو نفســه , وهل تغير أم لا من الوحده اللي فرضها على نفسه من اسبوع ؟ .
هذي اهي ملامحه ..ما تغيرت ..ما تبدلت ..
لكن عيونه زادت غموض ..
تنهد بهدوء ..كان يشوف ان صاحبه قاعد يتجنب النظر له , يمكن لأنه الشاهد الوحيد على اللي صار من عشرة ايام .
اهو اللي دفع اصدقائهم لزيارته بالمخيم , وشجعهم على هالشي , شافه واهو يقعد بقربه بعد ما رحب فيهم بعبارات الترحيب المعتاده , ولاحظ اشلون بكل مهاره وسلاسة المضيف المتمرس فتح للباجي موضوع , وخلاهم يتناقشون ويندمجون فيه يتبادلون الآراء من غير لا اهو يتدخـل إلا من وقت للثاني بتعقيب يبين فيه اندماجـه معاهم .
ولاحظ اشلون لما شاف الباجي يستغرقون بالنقاش بدى يلعب بعصاه , ويطق فيها الأرض واهو يتأمل الأفق الممتد جدامهم إلى ما له نهايه .
كان مستغرق بملامح صاحبه , لدرجه انه بالنهايه صاحبه لف عليه وألتقت عيونهم ..
للحظه طويله ..ما احد فيهم وخر عينه عن الثاني ..
اعيونه اهو فيها تساءل , وعيون صاحبه فيها غموض .
عيون الصقر ..
من كانوا صغار واهو يتعجـــب من سواد بؤبؤه عيـــــن الصقـر , كان سوادها غريب وشديد ..
وهذا الشي كان يعطي نظرته حده , وقســوه , خاصه ان كان معصــب .
وخر الصقر عيونه ورد يتأمل الأفق..وقال بصوت منخفض ولكن قوي لإذن عبدالله بس , وبإبتسامه بسيطه " انت اللي قايل لهم اييون صح ؟ "
بعد عبدالله نظراته عن ويه صقـــر وقال " اشتقنا لك "
وتفاجأ لما سمع صوت ضحكة صقر المنخفضه , والعميــقه ..اللي فيها لمحة سخريه بسيطه
ولف ويهه لوجه صاحبه ..بتساءل !!
كان صقر يرسم على الأرض بالعصاة ويشوف اللي قاعد يسويه .
و قال فجأه بعد ما اختفت البسمه " لا تحاتي يا عبدالله " رفع راسه وألتقت العيــون للمره الثانيه " ما فيني شي برجع بعد جم يوم للديره "
شلون ما احاتي يا الصقـــر ؟! كان وده ينطق بهالجمله , لكن اهو أذكي من انه يقولها لأنها ما راح تكون متقبـــله من صاحبه .
الصقــــر , إضافة الألف واللام للأسم كان من باب الأحترام اللي يحسون فيه تجاه هالشخص.
او الزعيـــــم ..اللقب اللي اهم مطلقينه عليه من غير لا يدري عشان ما يذبحهم اطنازه وتمسخر ..واللي يقولونه عبط بينهم ..لكن بالواقع اهم يحسون فيه داخلهم , بأي مشكله اهو اللي ياخذ القياده عشان يحلها.
من ايام المتوسط واهم نفســهم ..نفس الشله ما تغيرت :عبدالله , علي ..والصقـــر اهو الرئيس ..اما ابراهيم فأنضم لهم متأخر , واستمر معاهم , وحتى ابراهيم شخصيته قمه بالغموض , والغرابه , وما احد يفهم له إلا صقـر .
بعد تفكيــر لأ الشـله تغيـرت ..راح منها واحد ..ما قام يختلط معاهم ..فـواز
التفت على صقــر , شخصيته هاديه و ثقــه , الأسرار عنده في بير , ونصايحه دايما تتسم بالذكاء والمعرفه بشخصية الناس , بس ما يدري اش بينه وبين فواز.
الصقر اهو اللي يشكون له عن مشاكلهم , اهو اللي يحلها لهم بفضل الله .
واهو الهادي , المتحكم بأعصابه , اهم ما يعرفون عن مشاكله إلا اللي يعرفونه من الناس أو اكثر شويه من المواقف اللي تصير جدامهم , لأن الصقر انسان خاص , وكتوم على العكس منهم , اهم يبلغونه بكل شي عنهم لأنهم ما يستغنون عن استشارته .
اهو اللي أسس الشغل من ايام الثانويه ...بعقله اللي يوزن ذهـب , خطط , والدنانير , صارت عشره والعشره صارت اميـه دينار , والأميه صارت ألف وهكذا ..
لما ألحين بعمر 31 سنـه صار عندهم شركه أو بالأصح كراج..اهو الرئيس فيه لأن الفلوس كانت منه وبتخطيطه إلا فواز اللي يشتغل مع ابوه , وابراهيم اللي يشتغل بالسلك العسكري.
من تدفق مشاعر الأمتنان قال بصوت منخفض " شلونك عقــب ذاك اليوم ؟ "
للحظه ظن عبدالله ان الصقر ما اسمعه أو بالأصح راح يتجاهله .
صقر اللي سمع السؤال , لف ويهه لصاحبـه , وعيونه اللي قست ألتقت بعيون صاحبه ورفع حاجب , واهو مبتسم بسخريه , وقال بأستغراب " أي يـوم ؟! "
عدم اعتراف صقر باليوم اللي يتكلم عنه عبدالله فَهّم الأخير المقصــود عدل ..
صقر قاعد يقوله بكلام ثاني ( ما أبي اتكلم عن ذاك اليوم )
طلعوا من عالم النظرات ,على صـــوت ابراهيم الساحر بالألقاء ..
دخـــل لهم بعالمهم وطلعهم منه بهدوء خلاهم يلتفتون ..
ابراهيم كان يقــول بأسلوبه الحلــو , وبإندماج واضح بصــوته العميـــق ابيات من قصيده ويرددها بطريقه مؤثره لعلي من غير لا ينتبــه انه لفت انظار الجميع , ومن غير لا ينتبـــه انه رمى رميــه اصابت واحد من الموجودين الأربع بغيظ ..
يكره الأسم وصاحب هالأسم المذكور بالقصيده ..
ما يعتقد ان في احد بيوصل لدرجة الكره اللي اهو حاس فيها , لكن ابراهيم ما كان منتبه ان الإسم المذكور بالقصيده مأثر بواحد من ربعه , لأنه لو درى جان ما نطق هالقصيده :
أهٍ مــــن اللي بلاني
أه من اللي بلاني بالهــوى بلــوى
عوقي ترى منه ....عوقى ترى منه
وأنا في العرب عوقه
وأشكيله الحــال لــكن.... ضـــــــــاعت الشكوى
واللي بيشكي لظـــالم.... مضيع حقوقــهزينه
زينـه هي الموت والمنعوت والنجوى
مــن زينها.... القلب ذاب… وعذبـه ...شوقه
سوّت بقلبي الذي ...مــا احد قبل ســوّاه
وثياب صبري ...وثياب صبري ...من الهجران مشقوقهبعد ما انتهى ابراهيم من ترديد الأبيات .
كانوا كلهم مبتسميـن له , ما عدا واحد ..كان يتمنى يكون بمكان ثاني غير هالمكان ..بمكان ما يسمع فيه قصيد بأسمها ..ما يسمع فيه طاريها ..
لكنه بالأخير ابتسم , عشان ما يحس فيه احد , ما يلاحظ اللي فيه احد .
هالأبتسامه كلفته وايد بميزان اعصابه وهدوءه .
اهو حاس انه بيموت ..بيموت ..
علي اللي اندمج حيـــل مع القصيده قال " صح لسانك بو خليـــــل "
ابتسم ابراهيم وقال " صح ابدنك "
دخــل الهندي ..وقرب من صقــر اللي كان قاعد يلعب بعصاه على الأرض , وقال بإذنه شي ..وانصرف .
بعد خمــس دقايق وقف الصقر وقال " حياكم على العشا "-------------------------------------